أزمة سياسية وعدوان عسكري إسرائيلي لأشهر وبكل ما سيترك من آثار داخل غزة وعلى القضية الفلسطينية والإقليم لا بد أن تترك آثارا مهمة في خريطة الأردن الداخلية، وخاصة أننا في الأردن أكثر الدول تأثرا بما يجري، فضلا عن التخوّفات المشروعة أردنيا من آثار ما يجري على الضفة الغربية التي يعنينا كثيرا كل ما يجري فيها.
وخلال هذه الأسابيع ظهر للدولة وللجميع أن هناك معادلات مع بعض القوى السياسية أو المجموعات أو حتى من كانت الدولة تعتبرهم معتدلين سياسيا، معادلات تحتاج إلى مراجعة عميقة وجذرية، وملفات يجب أن تعود للمراجعة وبناء مسارات جديدة للتعامل معها.
ومؤكد أن الدولة اختبرت خلال هذه الأزمة كل أدواتها في كل المؤسسات، وحتى من يحملون المسؤولية في المؤسسات التنفيذية، ومؤكد أن هناك من قدّم واجبه وتعامل بصدق وروح، وهناك من يستدعي الأمر تقييم أدائه في أزمة كبيرة.
ومؤكد أن الدولة تحتاج إلى مراجعة موقفها من بعض أدواتها؛ فالإعلام، مثلا، ما كان يجد اهتماما بمشكلاته وحلها، وخاصة الرسمي وشبه الرسمي، هذا الإعلام كان صادقا وحاضرا في تعامله مع المرحلة بما لديه من إمكانيات، لكن الإعلام أحد أدوات الدولة، يحتاج إلى وقفة حقيقية وليست كلمات مجاملة لإعادة الاعتبار له ومساعدته على اللحاق بكل تطور، إضافة إلى حاجته إلى أفق وإدارة سياسية قادرة.
بعد أن تزول هذه المرحلة الصعبة لا يمكن أن يكون ما قبلها مثل ما هو بعدها في بعض الأمور، فهناك جهات ومسارات تعامل أصحابها مع الأردن وكأنّ الدولة هي من تقوم بقصف غزة، والبعض تعامل باعتباره منتصرا على الدولة الأردنية، ويمكنه فرض طريقته وشروطه.
مرحلة ليست سهلة، لكنها مثل كل المراحل القلقة فإنها تكشف عمّا في داخل البعض، وعمّا يخفيه خوفهم ويخرج على شكل مشاعر أو استقواء وكل سلوك رديء شاهدنا نماذجه في مراحل قلقلة مثل ما يسمّى الربيع العربي أو مرحلة العدوان على غزة.
رغم أن نهاية الحرب وتفاصيل مرحلة ما بعدها ليست واضحة حتى الآن، إلا أن ملفات ما بعد العدوان على غزة، الأردنية الداخلية، يجب أن تكون حاضرة ليتم التعامل معها مباشرة، وخاصة أننا على موعد مع بدء موسم الانتخابات النيابية في الأشهر الأولى من العام المقبل.