يستقبل السوريون شهر رمضان هذا العام في ظروف غير مسبوقة؛ ما بين الأزمات الاقتصادية التي تلقي بظلالها على العالم أجمع، والكوارث الطبيعية لتي كان آخرها الزلزال الذي ضرب كلا من تركيا وسوريا في السادس من فبراير الماضي وخلَّف أضرارا ضخمة، وتسبب بمقتل أكثر من 54 ألفا على الأقل، فضلا عن النازحين والمهجرين.
ويتحمل الشعب السوري على عاتقه فاتورة مثقلة بالأعباء الاقتصادية على خلفية 12 عاما من الحرب المستعرة بالبلاد، وقد تعاقبت عليه الكوارث تباعا، مما ولّد معاناة غير مسبوقة، حتى جاء الزلزال ليزيد الأمر سوءا ويفاقم الأزمات الراهنة.
ماذا عن الوضع في سوريا؟
- يتوقع البنك الدولي انكماشا إجمالي الناتج المحلي بنسبة 5.5 بالمئة هذا العام.
- البنك توقع كذلك ارتفاع معدل التضخم نتيجة نقص السلع، وزيادة تكلفة النقل، وارتفاع الطلب الكلي على مواد إعادة البناء.
- النمو الاقتصادي في سوريا قد يشهد مزيدا من الانكماش، إذا تباطأت أعمال إعادة الإعمار.
معاناة واسعة
مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، يستعرض في تصريحات لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أحوال السوريين مع بداية الشهر الكريم، موضحا أن رمضان يأتي والمعاناة مضاعفة على الناس، ومن بينهم الناجين من الزلزال بشكل خاص؛ مشيرا إلى ما يلي:
- ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة السورية، ليصل سعر الدولار إلى 7500 ليرة.
- أغلب المحال التجارية تتعامل بالدولار الأميركي في عمليات البيع والشراء، وليس بالليرة.
- تغيب الرقابة على المحال والأسواق، ويبقى المواطنون فريسة لتجار الأزمات، الذين يحتكرون المواد والسلع الغذائية لبيعها بأسعار مرتفعة.
-
- سيُحرم السوريون من أطباق الحلوى الرئيسية في رمضان؛ نظرا لارتفاع أسعارها بشكل كبير، وغيرها من السلع الأساسية المرتبطة بهذا الشهر.
- بعض الأماكن متضررة بشكل كبير قبيل شهر رمضان وتعيش أوضاعا صعبة، مثل ريف حلب الشمالي، حيث أغرقت الأمطار كثيرا من الخيم ومراكز لإيواء النازحين، في ظل غياب المنظمات الإغاثية هناك.
معونات ومساعدات لتخفيف حدة الأزمة
من جانبه، يلفت عضو مجلس الشعب السوري رئيس نقابة المهندسين بمحافظة اللاذقية، التي طالها أيضا الدمار، عمار الأسد، إلى أن:
- الزلزال فاقم الأوضاع بلا شك، خصوصا قبيل شهر رمضان.
- الأوضاع المعيشية والنفسية صعبة بسبب الحصار الغربي الذي استهدف مقومات معيشة الشعب السوري، والتي وصلت إلى حليب الأطفال.
- هناك نصف مليون مهجر على الأقل سيقضون رمضان هذا العام وهم بعيدون عن أهلهم، أو فقدوا كثيرا منهم.
- آلاف الجرحى وآلاف غيرهم خسروا ما جمعوه طوال عمرهم من مال وممتلكات، وسيأتي عليهم رمضان وهم في هذه الظروف الصعبة.
- يواجه الآلاف نقصا في المرافق والمستشفيات.
-
لكن عمار الأسد يؤكد في السياق نفسه، على أن “الدولة قامت بكل ما يمكن القيام به، وقدمت المعونات والملابس والمساعدات المالية والعلاج، إلى جانب التحركات العربية لدعم الشعب السوري، مثل دعم دولة الإمارات المحبة الغالية ومصر الشقيقة، وكثير من الدول التي أسهمت في ذلك”.
ويختتم حديثه بالإشارة إلى أن “الدولة خلال شهر رمضان لن تدخر جهدا في هذا الأمر، حيث توزع المساعدات، ولديها دوريات طبية لمتابعة المراكز التي نقل إليها المهجرون جراء الزلزال”.
ماذا يقول المواطنون؟
واستطلع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” آراء عدد من السوريين في مناطق منكوبة، جراء الوضع في رمضان، على النحو التالي:
- المسؤول بوحدة إطفاء حلب وأحد المشاركين في أعمال إنقاذ الناجين من الزلزال الأخير، عبد السلام دباغ: “الدولة تقف إلى جانب الناجين وقدمت لهم المعونات اللازمة، وكذلك فعلت بعض الدول العربية”.
- “المعونات تجعل الناس قادرين على تسيير أمور حياتهم خلال الشهر، على الأقل لتأمين ما يلزمهم من الوجبات الأساسية (السحور والإفطار)”، وفق دباغ.
- أحد الناجين من الزلزال بمحافظة اللاذقية، أويس شيبان: “شهر رمضان يأتي هذا العام والناس في حالة نفسية صعبة بسبب ما شاهدوه منذ وقوع هذا الزلزال المدمر”.
- “هناك منظمات، مثل الهلال الأحمر السوري وبعض الهيئات الأخرى، التي تقوم بتقديم معونات ومواد غذائية وعينية وطبية خلال الشهر الكريم”، حسب شيبان.
- بشرى، وهي إحدى الناجيات من الزلزال أيضا في اللاذقية: “أسعار السلع مرتفعة بشكل كبير بسبب العقوبات المفروضة على سوريا. الحياة ستسير بشكل طبيعي خلال رمضان بسبب التكافل والتضامن بيننا”.