يصر الفلسطينيون على رفض مغادرة أرضهم مجدداً في رفح، بجنوب قطاع غزة، وذلك في تحد لتهديدات الاحتلال بإجلاء مئات الآلاف من السكان قبل تنفيذ الهجوم البري ضد المنطقة الأكثر اكتظاظاً بالنازحين، بدون الالتفات للتحذيرات العربية والدولية من كارثة إنسانية جماعية، ستؤدي بالنسبة لحركة “حماس” إلى نسف مفاوضات تبادل الأسرى، عند الإقدام عليها.
ولا يسمع رئيس حكومة الحرب، “بنيامين نتنياهو”، سوى صوت آلة القتل والإبادة، بالمضي نحو اجتياح مرتقب لرفح، تحت مزاعم القضاء على “حماس” هناك، عبر التخطيط لإجلاء سكانها والإدعاء بتوفير ممر آمن للمدنيين ليتمكنوا من المغادرة، في محاولة منه لتحسين شروط التفاوض.
وتعتبر رفح، آخر ملاذ للنازحين الفلسطينيين في قطاع غزة، وتضم ما بين 1.2 إلى 1.4 مليون فلسطيني، بينهم مليون و300 ألف نازح من محافظات أخرى، وفق المكتب الإعلامي الحكومي. في قطاع غزة
غير أن “حماس” أكدت بأن “أي هجوم لجيش الاحتلال على مدينة رفح، يعني نسف مفاوضات صفقة التبادل”، مُتهمة “نتنياهو” بالتهرب من استحقاقات “الصفقة”، عبر ارتكاب إبادة جماعية وكارثة انسانية جديدة في رفح.
وأكدت بأن “ما لم يحققه “نتنياهو” وجيشه النازي خلال أكثر من أربعة أشهر، لن يحققه مهما طالت الحرب”.
يأتي ذلك بالتزامن مع ارتكاب الاحتلال 16 مجزرة في قطاع غزة، بقصف جوي ومدفعي كثيف، مما أدى لارتقاء 123 شهيداً و169 جريحاً خلال 24 ساعة، وفق وزارة الصحة الفلسطينية بغزة.
وقالت إنه ما يزال العديد من الضحايا تحت الركام وبالطرقات يمنع الاحتلال وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم، مشيرة لارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال إلى 28176 شهيداً و67784 إصابة، منذ السابع من تشرين ألأول (أكتوبر) الماضي.
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، استشهاد عشرات الفلسطينيين بقصف جوي طال مدينة رفح خلال الـ24 ساعة الماضية، بالرغم من ادعاء الاحتلال بأن محافظة رفح آمنة، ويحث الفلسطينيين على النزوح إليها، لكن عند وصولهم إليها، يتم استهدافهم.
وحذرت من مزاعم الاحتلال المزيفة، حيث يقوم بالاستهداف المتعمد للمنازل والسيارات المدنية، مما يرفع من عدد الشهداء بشكل كبير.
وخلال الساعات الأخيرة، قام جيش الاحتلال بتنفيذ غارات جوية على رفح، استهدفت منازل وسيارات تابعة لقوات الشرطة، بينما حذر المكتب الإعلامي الحكومي، من “كارثة ومجزرة عالمية” في حال اجتاح الاحتلال لمحافظة رفح.
وتراجعت دبابات الاحتلال من غرب غزة نحو جنوبها بعد الاجتياح الثاني الذي استمر لأسبوعين، مما خلف انسحابها دماراً كبيراً بالإضافة إلى عثور المواطنين على جثامين لعدد كبير من الشهداء.
وطال القصف الجوي الكثيف مختلف أنحاء القطاع، باستهداف الأبنية السكنية والمدنية، مما أدى لارتقاء المزيد من الضحايا المدنيين.
في غضون ذلك؛ يواصل الاحتلال التصعيد اعتداءاته وجرائمه في الضفة الغربية، وذلك باستشهاد الشاب الفلسطيني محمد خضور (19 عاماً) من سكان بلدة “بدو” شمال غرب القدس المحتلة، متأثرا بإصابته برصاص الاحتلال مساء أول أمس.
وكان الشاب خضور قد أصيب برصاص الاحتلال في رأسه أثناء تواجده في مركبة قرب قرية “خرب اللحم” القريبة من جدار الفصل العنصري، شمال غرب القدس المحتلة، وجرى نقله إلى المشفى برام الله لتلقي العلاج، ليعلن عن استشهاده.
من جانبها، قالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، إن “نتنياهو” يواصل حربه المدمرة على قطاع غزة لليوم الـ128 على التوالي، بدون أن يشعر المجتمع الدولي بأي تغيير جدي في سلوك جيش الاحتلال تجاه المدنيين، ودون أي استجابة لجميع المطالبات والمناشدات والقرارات الدولية بهذا الخصوص.
ورأت “الخارجية الفلسطينية”، في تصريح لها أمس، أن “نتنياهو” يتجرأ على التمادي في استهداف المدنيين ومطاردتهم بحجج وذرائع واهية، وبالأساس بغطاء من العجز الدولي عن إلزامه بقوة القانون على حماية المدنيين.
وأكدت بأن اكتفاء قادة الدول والمسؤولين الأمميين بتشخيص الحالة في قطاع غزة، واكثارهم من الحديث النظري عن أي ترتيبات تتعلق باليوم التالي للحرب، ولدت انطباعاً لدى “نتنياهو” ومجلس حربه بعدم جدية المجتمع الدولي فيما يقول.
ورأت بأن الاحتلال أصبح قادراً على التعايش مع النمطية العاجزة التي تسيطر على الموقف الدولي، وتتوسل حماية المدنيين من جيش الاحتلال، بل ويوظفها من أجل استكمال المجازر الجماعية وتحويل كامل قطاع غزة إلى بقعة جغرافية غير صالحة للحياة البشرية ومن دون سكان إن استطاع ذلك.
وأشارت إلى أن تلك الصيغ الدولية المعلنة والهشة أثبتت فشلها في ضمان حماية المدنيين أو تأمين احتياجاتهم الإنسانية كحد أدنى، وفشلها المسبق إن بقيت بنفس المضمون ومن دون إجراءات عملية ملزمة لحماية أكثر من 1.3 مليون فلسطيني نازح ومواطن في رفح.
وشددت “الخارجية الفلسطينية” على أن اكتفاء الدول بصيغة “التصريحات” من دون أي ترجمة عملية لما تقوله، يعني بقاء الموقف الدولي رهينة ومختطفاً من قبل الجانب الإسرائيلي، الأمر الذي يحول الشرعية الدولية وقراراتها والمجالس القيمة على القانون الدولي إلى مجرد منتديات لتشخيص الحالة ووصفها دون معالجتها، أو اتخاذ ما يفرضه القانون الدولي من إجراءات لوقف حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني.