اراء

سعر “المياه” بالأردن.. الأقل عالمياً

علاء القرالة

اسعار المياه بالمملكة مقارنة بالواقع المائي الذي تعيشه تعتبر من الاقل بالعالم، وخاصة عندما نعلم اننا نحتل المرتبة الاولى عالميا كاكثر الدول فقرا بالمياه من حيث الكميات وحصة الفرد منها، ما يجعل من اسعارها اذا ما قارناها بالكميات المتوفرة وارتفاع حجم الطلب و الهدر فيها امر غير منطقي، فكيف لنا ان نعدلها دون المساس بالطبقات الفقيرة والمتوسطة؟.

تعرفة المياه لدينا في الاردن لم تتغير منذ 10 سنوات تقريبا، رغما عن المتغيرات الكثيرة التي تعرضت لها المملكة وأثرت على وفرة المياه فيها من تغيرات مناخية خفضت نسب الهطول المطري ونسب التخزين في السدود، بالاضافة لارتفاع الطلب على المياه جراء ارتفاع عدد السكان بما يزيد عن 200% منذ ذلك الوقت نتيجة ارتفاع اعداد اللاجئين ناهيك عن جفاف الينابيع وانخفاض منسوب الانهر وتوقف حصص مائية لنا من دول مجاورة، وهذا يستدعي مراجعة استراتيجية المياه بشكل جدي.

المياه لدينا تشهد هدرا غير منطقي ويتنافى مع حجم توفرها والطلب عليها، فلا يعقل اننا افقر دولة بالعالم في المياه ونسبة الهدر والاعتداءات الجائرة والفاقد منها تصل لما يقارب 46 %، وهذه نسبة كبيرة مقارنة مع حجم المياه لدينا وناتجة عن غياب المسؤولية باستخداماتها لرخص اثمانها وعدم كفاؤة الشبكات الناقلة لها لقدمها.

حاليا هناك جدل حول التعرفة التي تعتزم الحكومة رفعها تدريجيا خلال السنوات الخمس المقبلة من خلال استراتيجية وطنية للمياه ممتدة من 2023- 2040، وتهدف للحد من فاقد المياه وبنسبة 2% سنويا وتنفيذ الناقل الوطني وتحقيق الاستدامة المالية للقطاع من خلال تقليل الفجوة من المتاح من الموارد المالية وبين ما تصرفه الحكومة وتدعمه في قطاع المياه، وهذا يتطلب اذا ما كنا فعلا نريد استدامة المياه وعدم الوقوع في فخ الانقطاعات ان نذهب لتنفيذ الاستراتيجية سريعا.

الحكومة لن ترفع الدعم عن المياه مرة واحدة بل ستتدرج بعملية الرفع خلال عدة سنوات وبشكل يضمن عدم تأثر الطبقات الفقيرة والمتوسطة من اصحاب الشرائح ذات الاستهلاك القليل، فتكلفة المتر الواحد من المياه حاليا تصل لـ 2.4 قرش فيتحمل المستهلك 87 قرشا منها وتدعم الحكومة ما تبقى منها 1.6 قرش للمتر منها تقريبا، وهذا يعني ان تعديل التعرفة سيكون غير ملموس من المستهلكين.

خلاصة القول، ان احداث نقلة نوعية بقطاع المياه وضمان استدامتها يحتاج لجهد وطني من الجميع، ولذلك على الحكومة ان تبدأ سريعا بصيانة الشبكات لتقليل الفاقد وايجاد موارد جديدة كما الناقل الوطني وتغليظ العقوبات على المعتدين ومسيئي استخدام المياه، وزيادة حملات التوعية والتثقيف الهادفة لترشيد استخدامها من قبل المستهلكين الذين هم ايضا مطالبون باعادة النظر بانماط استهلاكهم من المياه لتخفيف كلف التعرفة عليهم ان عدلت مع بداية العام المقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى