اراء

عكس ما تتوقع .. اسرائيل هي الاهم للعالم .. وبئسا للشرعية الدولية

محمود علي الدباس

يبدو المشهد في غزة غريبا على كل عاقل وعلى وجه الخصوص الشعوب العربية والاسلامية.

فرغم اعداد الشهداء الذي ناهز الخمسين الف واضعافهم من المصابين واكثر من مليون نازح فيها الا ان ذلك في نظر العالم لا يشكل جريمة حرب ولا يدعو لاي اجراء ضد المجرم في هذا الموضوع!!

الجميع يشاهد ويتابع بصمت ما يحدث في غزة وبكل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية ، رغم المعلن ان الجميع يقف مع حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة على اراض الرابع من حزيران 67 وعاصمتها القدس الشرقية.

الا ان الغريب والواقع يشير الى عكس ما تعلنه الدول والشرعية الدولية.

حيث الكيان الصهيوني المصطنع فرض الامر الواقع منذ عقود ، ومنع اقامة دولة فلسطينية الى جانبه في الضفة الغربية وغزة كدولة طبيعية متصلة الجغرافيا.

فيما سيناريو التضليل العالمي الذي يعلن ليل مساء عن دعوات لحل الدولتين وعقد اجتماعات دولية واقليمية لمناقشة هذا الامر يتواصل.

شاهدنا على مدى عقود آثار الحروب الدموية التي شنها جيش الكيان على الضفة الغربية وغزة والتدمير الممنهج للجغرافيا الفلسطينية والتهجير القسري للفلسطينيين على وقع الصواريخ وقصف الطائرات والدبابات دون هوادة ، ودون اي اعتبار للشرعية الدولية وقراراتها ومواقف الدول ازاء حرب الابادة التي لم تبدأ في السابع من اكتوبر 2023 بل قبلها بعقود.

الفرضية الثابتة ان الدول الغربية والعالم مهيئ للتناغم مع الامر الواقع الصهيوني ، وتخدير باقي الشعوب بتحركات ومواقف تعكس زورا بأن هناك جهود تبذل لتحقيق حلم الدولة الفلسطينية.

ولكن لم يسأل احد لماذا لا تتحقق هذه الفرضية وما اقرته المؤتمرات والقرارات الدولية الى يومنا هذا.

بطبيعة الحال ان النظام العالمي وعواصم القرار فيه تقف بالمطلق الى جانب الكيان الصهيوني لاعتبارات عديدة ربما بعضها مرتبط بأمر تاريخي وهو التخلص من اليهود في انحاء العالم وحجرهم في بقعة جغرافية بعيدة عن العالم الغربي ، في موقف تاريخي بين مسيحي العالم الغربي واليهود ، مستمدة من الديانات التي يؤمنون بها ، وهو امر يحاول العالم الغربي ان يخفيه وان لا يأتي على ذكره.

ولذلك فإن الضغوطات من العالم الغربي على كل دول العالم وانظمته العربية والاسلامية بشتى الطرق ، لعدم التحرك قيد انملة للامام في مسار الحل النهائي.

الانظمة ايضا دخلت في هذه الدوامة وباتت تعتقد ان استمرارها مرتبط بعدم المساس بالكيان الصهيوني وان لا حاجة لشعوبها في ظل رضا العالم الغربي عن ادائها وعدم الاحتكاك بالكيان الصهيوني.

ولذلك ايضا يتم وضع الخطط التي تجهض اي توافق عربي او اسلامي تجاه ما يرتكبه الكيان الصهيوني من جرائم حرب وتهجير وتدمير في المدن الفلسطينية وقطاع غزة من خلال اشعال حروب اقليمية او اقتتال داخلي ، والهاء الدول تلك في تحديات اقتصادية لا تنتهي.

وتضخيم الكيان الصهيوني في عيون العالم بأنه قوة عسكرية لا يمكن مجابهتها ، ويجري ذلك من خلال فتح مخازن السلاح من كل الدول لتكون تحت تصرف هذا الكيان المجرم ، لتعزيز صورة “بلطجي المنطقة” عبر هذا الاستقواء ، وتصويره بأنه خطر داهم على كل الشعوب اذا ما فكرت او ارادت بعض الدول الانصياع لرغبة الجماهير واتخاذ موقف صارم منه ، وبأن ذلك سيكون سبب في تدمير تلك الدول وتحولها الى فوضى ، وسينالها ما ينال الشعب الفلسطيني من تقتيل وتدمير للجغرافيا.

ان الصورة المخيفة التي تم رسمها لهذا الكيان المتغطرس في اذهاننا ، عمل ممنهج استمر لعقود لترسيخ عبثية مجابهته وان يرضى الجميع بالامر الواقع وبأن هذا الكيان اقوى من الجميع.

لذلك يرى النظام العالمي ويريد الجميع ان يكون كذلك ، فيما تقوم به دولة الاحتلال ضد الفلسطينيين من قتل وتشريد وتدمير بكونه كيان اجتمعت على كرهه وتدميره العديد من الدول والشعوب ، وهو بحالة الدفاع عن النفس فيما يقوم به من مجازر لم يسبقه اليها في التاريخ.

ولذلك تخرج الادارة الامريكية والعديد من الدول الاوروبية لتقنع الجميع بالترهيب والترغيب بأن ما تقوم به العصابات الصهيونية ما هو الا دفاع عن النفس ، ومشروع بحسب قناعاتها او اجبار الجميع على تصديق هذه الرواية.

ونشهد ما يجري من تفاهمات تفضي في النهاية لفرض ما يطلبه الكيان فيضع القاتل والمجرم الشروط في حالة عجيبة تخالف كل المعايير والاخلاقيات المتعارف عليها ، فيجري التودد للكيان من خلال الضغط على الاطراف الاخرى وليس العكس.

لماذا كل دول الاقليم تعاني من مشكلات اقتصادية وامنية ، بينما المتسبب بكل هذه الامور اي الكيان الصهيوني وبرغم ما ينفقه على شراء السلاح والدخول في حروب متتالية ، تجده وحال توقف القتال ينهض بإقتصاده بسرعة الصاروخ؟

ببساطة لان العالم الغربي والذي تكفل بهذا الكيان للقيام بهذه الادوار القذرة ، يقوم سريعا بمحو الديون وتحويلها لمنح ، واكثر من ذلك يسارع الى تقديم المزيد من المنح والتعويضات عن الخسائر والاستهداف الذي يواجهه ومن منطلق انه كيان موجود في اقليم عدائي ، ولا يعترف العالم الغربي بأنه قد اوجد بؤرة سرطانية في جسم لم يتقبله ، وهي الحقيقة الوحيدة في هذا الموضوع.

فلا يشعر المستوطنون بأية مشاكل مالية على الاطلاق ، لان التعويضات تصلهم مباشرة ، وتنهض باقتصادهم ، وكأن شيء لم يكن.

لذلك يستغرب الجميع من نظرة العالم الغربي للكيان الصهيوني والتي تخالف نظرة الشعوب الحرة في العالم لهذا الكيان المصطنع ، وبأنه سبب كل المآسي والحروب في المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى