يوم الجمعة 10 من مارس 2023 وبعد ساعات من بدء التداول على الأسهم الأميركية.. قامت السلطات التنظيمية في أميركا بإغلاق Silicon Valley Bank.
للوهلة الأولى، لم تكن تقدر الأسواق مدى حجم هذه الأزمة، ولكن وفي تسارع كبير للقصة، اتضح أن البنك فقد السيطرة على استثماراته وتعرض لخسائر كبيرة مع مطالبات المودعين بسحب أموالهم من البنك.
وبدءا من يوم الجمعة 10 مارس وحتى الأحد 12 من نفس الشهر، 72 ساعة لا تحسد عليها السلطات التنظيمية الأميركية قبل عودة التداول على الأسواق الآسيوية، الهدف الوحيد فيها وهو اتخاذ قرار طارئ يطمأن الأسواق ويقلل من ذعر المودعين للحد من انتشار الأزمة إلى البنوك الأميركية الأخرى.
السلطات التنظيمية وبالتعاون مع وزارة الخزانة الأميركية اتخذت قرارات استثنائية مساء الأحد، تشمل ضمان حقوق المودعين لسحب أموالهم من البنك المنهار.
ولكن ما الذي كان يحدث خلف الأبواب المغلقة.. وكيف تصرفت السلطات التنظيمية الأميركية؟
الجمعة 10 مارس
الساعة 1 ظهراً يوم الجمعة، قامت وزيرة الخزانة الأميركية بإجراء مكالمة مع المسؤولين الذين سيتم تكليفهم من أجل إيجاد وسيلة للتصرف حيال الأزمة، رئيس الفدرالي الأميركي، جيروم باول، ورئيس المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع، مارتن جروينبرغ، إضافة إلى القائم بأعمال المراقب المالي للعملات، مايكل هسو، ورئيسة الفدرالي في سان فرانسيسكو، ماري دالي، جميعهم تم إسناد المهام لهم عبر مكالمة هاتفية.
السبت 11 مارس
بحلول يوم السبت تم تكثيف المكالمات وتم استشارة مايكل بار نائب رئيس الفدرالي للإِشراف ومناقشة عدة أهداف، إيجاد مشتر لـ SVB، وطرح وسيلة دعم لجميع البنوك، واستبعاد أي مخاطر للنظام المالي تتعلق بـ SVB signature bank.
فبحسب آنا إيشو، وهي عضو في الكونغرس من الديمقراطيين، فإن المسؤولين الحكوميين والمشرعين لم يكن تركيزهم الرئيسي على إنقاذ البنك بل على بيعه!
فالمؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع، أو ما يعرف بـ FDIC، حاولت وضع البنك في المزاد العلني، لكن المشترون المحتملون أرادوا من الحكومة تقديم ضمانات.
المؤسسة دعت PNC Financial Services وRoyal Bank of Canada لتقديم عروض شراء لـ SVB وقامت FDIC بتمديد الموعد النهائي لهم للسماح بإلقاء نظرة مفصلة على الوضع المالي للبنك وفقًا للأشخاص الذين تم إطلاعهم على المفاوضات، إلا أن القرار من كلا البنكين جاء بالرفض.
الرئيس الأميركي، جو بايدن، قضى عطلة نهاية الأسبوع في منزله يتلقى خلالها إحاطات منتظمة حول قضية البنك من خلال ليل برينارد، المستشارة الاقتصادية للرئيس، وجيف زينتس، رئيس الأركان.
بعد ظهر يوم الأحد، تم عقد اجتماع قامت يلين خلاله بإطلاع بايدن و برينارد وزينتس على المستجدات حول القضية، الأمر الذي دفع الرئيس إلى الموافقة على خطة طارئة للتدخل.
وبعد ساعات قليلة وعند الساعة 6 مساءً، قامت وزارة الخزانة والفدرالي وFDIC بإصدار بيان مشترك تضمن اتخاذ إجراءات حاسمة لحماية الاقتصاد الأميركي من خلال تعزيز ثقة المواطنين في النظام المصرفي والتي تضمنت السماح لجميع المودعين باسترداد أموالهم.
وبعد الإعلان عن الحزمة، أصدرت وزارة الخزانة إشعاراً لمدة 15 دقيقة فقط لمئات المشرعين في أميركا للانضمام إلى اجتماع افتراضي طارئ لإعطاء صورة أوضح عن القرارات التي تم اتخاذها.
ساعات تعيد للمشرعين في أميركا ذكريات لا تبدو بجديدة عليهم، ففي عام 2008 خاض المشرعون وعدة بنوك نقاشات خلف الأبواب مع فشل بنك Lehman Brothers وتسببه بأزمة مالية عالمية.
اليوم تغيرت الأسماء من بنوك ومسؤولين، ورغم عدم تشابه سيناريو SVB مع Lehman Brothers، إلا أن ذلك يترك الباب مفتوحاً أمام مدى قدرة المشرعين والسلطات التنظيمية على حماية القطاع المصرفي والحد من تفاقم أزمات البنوك وانعكاسها على الاقتصاد العالمي.