جميع دول الجوار، حتى العاصمة السودانية الخرطوم، بها أرض للمعارض الدولية، والدولة الوحيدة التي تفتقد لهذا الجزء الأساسي في الاقتصاد، مع كل أسف، هي الأردن.
منذ أن تم إنهاء مشروع أرض المعارض في منطقة مرج الحمام عام 2005 ولغاية يومنا هذا، لا يوجد على أراضي المملكة أي معرض على مستوى عال يكون قادرًا على وضع هوية اقتصادية وسياحية للمملكة، وكل ما هو متواجد لا يعدو كونه أجنحة في مولات أو هناجر محدودة الأهداف والأغراض والتخصصات، ولا تتناسب أبدًا مع تطلعات الدولة الاقتصادية ولا مع رؤية التنمية الاقتصادية التي تبنت في مضمونها هذا المشروع الاستثماري الريادي، لكن يبقى التحدي في التنفيذ، وترجمته لمشروع حقيقي على أرض الواقع.
كانت هناك محاولات صغيرة من بعض هيئات القطاع الخاص، مثل غرف التجارة والصناعة، لكنها تبقى محاولات خجولة، ومشاريعها لا تتناسب مع رؤية المملكة وتطلعاتها الاقتصادية المستقبلية، التي تتطلب وجود مشروع استثماري كبير فيما يتعلق بأرض المعارض التي يجب أن تكون إحدى ركائز النشاط الاقتصادي وتنمية المبادلات التجارية مع دول الجوار، وهي فرصة مهمة لانخراط المجتمع الأردني إيجابيًا في التعرف على اقتصاده ومنتجاته وغيرها من الخدمات التي تتيحها المعارض المتخصصة لعرضها وبيعها.
نعم، يمكن أن يكون معرض دولي كبير في الأردن فرصة مهمة لدعم الاقتصاد المحلي وتعزيز التنمية الاقتصادية، من خلال استضافة معرض دولي، يمكن للأردن جذب المستثمرين والشركات الأجنبية والزوار من مختلف أنحاء العالم، مما يعزز القطاعات الاقتصادية المختلفة، ويسهم في زيادة فرص العمل وتحسين الإيرادات.
علاوة على ذلك، يمكن للمعرض الدولي أن يساهم في تعزيز الصناعات المحلية وتعزيز التجارة الداخلية والخارجية، إذ يمكن للشركات المحلية أن تستفيد من فرص العرض والتواصل مع عملاء وشركاء تجاريين جدد، في حين يمكن للمشاركين الأجانب استكشاف إمكانات الاستثمار في الأردن وتوسيع نطاق عملهم.
كما أن المعرض الدولي يمكن أن يعزز السياحة الدولية إلى الأردن، حيث يستقطب الزوار من مختلف الدول، ويساهم في الترويج للثقافة العربية والتراث الأردني، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون المعرض مناسبة لتبادل المعرفة والتجارب والابتكار من خلال ورش العمل والمؤتمرات والعروض الاقتصادية.
مع ذلك، يجب أن يتم التخطيط والتنظيم بعناية للمعرض الدولي، بما في ذلك تحديد الموضوعات والقطاعات المستهدفة، وجذب المشاركين ذوي الخبرة، وتوفير البنية التحتية والخدمات اللوجستية اللازمة، إذ يتطلب ذلك اجتهادًا وتعاونًا بين الجهات الحكومية والخاصة لضمان نجاح المعرض وتحقيق الفوائد المتوقعة للاقتصاد الأردني.
لا يمكن لمثل هذا المشروع أن يتم دون أن يكون هناك تشاركية عالية المستوى وحقيقية بين القطاعين الخاص والعام، ويجب أن تتوفر له ميزات وإعفاءات مالية تعزز من جدواه الاقتصادية، وتعطي دفعة لإنجازه على أرض الواقع، فالأراضي المخصصة موجودة وصندوق الضمان لديه الإمكانات لذلك، وإذا ما تعززت آليات التنسيق مع القطاع الخاص والحكومة والصندوق، فإن الإنجاز حينها سيرى النور، وبخلاف ذلك سيبقى المشهد مؤلمًا في هذا الوقت الذي تتسابق فيه الدول لهذه الصناعة التي تدعم اقتصادياتها.
نعم، لقد تأخر الأردن كثيرًا مع كل أسف في إقامة مشروع عادل متخصص للمعارض الدولية.