هذه الحرب التي نعيشها، اثبتت ان البلد كان مخزنا كبيرا تكدست فيه كل انواع المخدرات، ويستحيل ان تتكدس هذه الكميات، في يوم وليلة، بدون شبكات كبيرة وقوية نمت على مدى سنوات متواصلة.
بتنا امام خبر يومي، نعم يومي، يقول انه تم القاء القبض على مروجي وتجار مخدرات جدد، وتم الوصول الى كميات من المخدرات من شتى الانواع، ومصادرتها، واذا كانت الحملة متواصلة، بما قد يجعل تجار المخدرات الكبار يتوارون بعيدا ويخففون نشاطهم مؤقتا، الا ان السؤال يرتبط بالكيفية التي تم فيها ادخال كل هذه الكميات الى الأردن، وتخزينها، وهي كميات مذهلة، معدة للتوزيع داخل الأردن وخارجه.
هذا يعني اننا قبل سنوات كنا نواجه خروقات، والا ما تكدست كل هذه الكميات الكبيرة، ويعني اننا امام عالم سري معقد، لم نكتشف كل تفاصيله، ولا تفاصيل من يديرونه، واذا كنا امام واجهات ووكلاء لآخرين.
الأردن بلد فقير، ويتم التسلط عليه على مستويات مختلفة لتخريب بنيته الاجتماعية، بالمخدرات والكحول التي باتت شائعة، ويرتكب كثيرون الجرائم بسببهما، اضافة الى تفشي الفقر، والطلاق، وتدمير العائلات.
هذا الملف من اهم الملفات، وهو ملف سياسي، يتعلق بالبنية الداخلية، التي لا يجوز تركها لكل هذه التغيرات الخطيرة، التي ادت ايضا الى تورط الالاف في قضايا مخدرات سنويا، وتورط الآلاف في الادمان في المدارس والجامعات والحارات والازقة والاحياء، وهذا التورط له دلالات سياسية، لأن السؤال الثاني الذي ينبثق هنا بشكل طبيعي، يتعلق بالهدف الاساس من هذه الحرب التي يتم شنها على الأردن، غير جمع المال، او تكديسه.
هناك توقعات امام الحملات التي يتم شنها على الأردن عبر الحدود، ورد الفعل الأردني ضد المهربين ان يتم اللجوء الى بدائل داخلية، من حيث تصنيع المخدرات داخل الأردن هذه المرة، وهذه ظاهرة متوقعة، وقد تستجد كبديل عن المخدرات التي تتم عرقلة وصولها الى الأردن، اضافة الى اشتداد موجات التهريب عبر الصحراء الغربية للعراق، اضافة الى جنوب سورية، وعمليات التهريب عبر الاخفاء في سيارات النقل بوسائل مختلفة، بعضها يتم كشفه، وبعضها لا يتم كشفه، في ظل ما يفعله المهربون لإخفاء هذه الجرائم.
القوانين يجب ان تتغير والعقوبات يجب ان يحدث عليها تعديلات، وهذا اهم ما في الموضوع، فمهرب المخدرات، والمروج، والمساعد، مجرد قتلة يتسببون بقتل المدمنين، وقتل العائلات ومن فيها، ولا يعقل ان تبقى العقوبات كما هي، ولا بد من مراجعة فورية لملف عقوبات المخدرات، من اجل وقف هذا الوباء، الذي يتسلل بكل الوسائل، ويلجأ الى كل الطرق، من اجل تدمير طبقة الشباب تحديدا في هذا البلد.
هناك دول عربية تسقط هذه الايام تحت وطأة المخدرات، فهي وسيلة حرب، وعلى سبيل المثال تحاول اسرائيل بكل الطرق، توريط الفلسطينيين في الادمان في القدس، وفلسطين المحتلة عام 1948 من اجل انهاك بنية الشباب، وتدميرهم، وهذا امر نراه في دول عربية يتم التعامي فيها عن توزيع الحشيش والمخدرات، بحيث باتت بنية الاجيال المقبلة، مرهقة، ومهددة، وفي حالة تيه وضياع، بما يثبت اننا امام ملف له دوافع سياسية وامنية، وليس مجرد محاولة لتوزيع المخدرات او بيعها، وجلب الارباح.
لقد آن الاوان ان يقف الأردن وقفة عاجلة امام هذا الملف، من تعديل العقوبات، وصولا الى الرؤوس الكبيرة التي تتخفى وراء الصغار، وانصاف التجار، والتنبه لما يجري في كل مكان من تداول لهذه السموم.
هذه ليست حرب مخدرات وتجارها، فقط، هذه حرب اكبر بكثير.