أكد نائب الأمين العام المساعد للشؤون السياسية والسياسة الأمنية في حلف شمال الأطلسي “الناتو”، خافيير كولومينا، إن علاقات “الناتو” وعمّان قريبة وقوية.
جاءت تصريح مسؤول الحلف، خلال طاولة مستديرة عقدها في عمّان اليوم الأربعاء، وشاركت فيها وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، على هامش زيارة رسمية يُجريها للمملكة، تتضمن إجراء مُباحثات رسمية على مختلف المستويات المدنية والعسكرية.
وقال كولومينا، إن “الأردن واحد من شركائنا الأكثر قيمة، وإنه شريك طويل الأمد في حوار البحر الأبيض المتوسط، وهو جزء لا يتجزأ من الحوار، وشريك مهم لنا ضمن الحوار”، الذي سيتم الاحتفال العام المُقبل بالذكرى الـ30 للحوار، مشيرا إلى أن افتتاح مكتب للحلف في الأردن سيجعل العلاقات الثنائية أقرب.
وأشار إلى وجود عملي قوي للناتو مع الأردن، مضيفا قمنا بتوقيع أول حزمة لبناء القدرات الدفاعية مع الأردن في عام 2014، وجرى تحديثها عامي 2017 و2021″، ونستخدم أفضل الأدوات الممكنة في شراكاتنا، ولدينا برنامج قوي للتدريب والتعليم، وبرنامج لبناء النزاهة يركز على الشفافية وحوكمة جيدة.
وأوضح أن الحلف تعاون مع القوات المسلحة الأردنية فيما يتعلق بالتدريبات، إذ شارك الأردن لأول مرة في عام 2017 بتدريبات إقليمية نفذت ضمن إطار حوار البحر الأبيض المتوسط، مؤكدًا أنه منذُ ذلك الحين يُشارك الأردن في تلك التدريبات.
وعلى الصعيد السياسي، تحدث كولومينا عن وجود “حوار قوي جدًا”، منوهًا إلى زيارات جلالة الملك عبدالله الثاني إلى مقر الحلف في العاصمة البلجيكية بروكسل، ولقائه أمين عام الحلف ينس ستولتنبرغ، في مناسبات عدة، إلى جانب الاجتماعات الثنائية المتكررة بين الحلف وعمّان.
وبين أن زيارته للمملكة تُعد الأولى من نوعها على الصعيد الرسمي، وتأتي لاحقة لزيارة مماثلة أجراها رئيس اللجنة العسكرية لقيادة حلف “الناتو” الأدميرال روب باور إلى المملكة الأسبوع الماضي، مؤكدًا أن الحلف “بشكل عام راضي تمامًا عن مستوى التعاون مع المملكة، ويبحث عن طرق لزيادة وتعزيز التعاون الثنائي.
وأضاف المسؤول الرفيع في الحلف، أن الأخير يرى أن سياسة العلاقات الخارجية للأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ونهج المملكة حيال تحديات المنطقة هو “نهج متوازن”، ولا يقتصر فقط على السلام في الشرق الأوسط، ولكن أيضًا في التحديات الأخرى المتعلقة بالأمن.
وتتطرق إلى التحديات المتعلقة بالأمن والحروب والإرهاب، الذي يتصدر أولى التهديدات الرئيسية التي حددها الحلف، مبينًا أن “الناتو” عمل مع الأردن على هذا الأمر لعدة سنوات، إذ كان ذلك يتصدر أحدث حزمة بناء قدرات دفاعية للمملكة، التي أقرها الحلف في عام 2021.
ولفت كولومينا إلى أن الحلف يعمل مع المملكة بشكل خاص على جوانب مختلفة، منها التدريب والتعليم من خلال فرق التدريب المتنقلة وبرنامج تدريب المدربين، ومضى قائلًا: “نتعلم من القوات المسلحة الأردنية، حيث لديهم الكثير من الخبرة ويمتلكون إحدى أفضل القوات المجهزة في مكافحة الإرهاب”.
وأشار إلى العمل على مكافحة انتشار الأسلحة الصغيرة والأسلحة الليلية، إذ تضمنت زيارته المشاركة في مؤتمر حول الأسلحة الصغيرة والأسلحة الليلية، موضحًا أن المؤتمر، الذي يُنظمه حلف “الناتو” بالتعاون مع القوات المسلحة الأردنية، في العاصمة عمّان، يُعد الأول من نوعه ويُشكل “رسالة سياسية مهمة في حد ذاتها”.
وتحدث المسؤول في الحلف عن العمل المشترك على “تحسين القدرات في مجال الإنترنت والأمن السيبراني ومكافحة الإرهاب”، إلى جانب التركيز على إدارة الأزمات المتعلقة بالإرهاب”، التي ترتبط بحزمة بناء القدرات الدفاعية الأخيرة.
وأكد أن الناتو يبحث دائمًا عن طرق لتعزيز التعاون مع شركائنا الأكثر قيمة، وشراكتنا مع الأردن وصلت إلى نقطة حيث نحتاج في الواقع إلى وجود مزيد من الأشخاص في الميدان لمتابعة التعاون المكثف، موضحًا أنه في القمة الأخيرة، التي استضافتها فيلنيوس عاصمة ليتوانيا في تمّوز الماضي، قرر الحلف استكشاف إمكانية فتح مكتب في عمان، بحيث يكون مرتبطًا بالتعاون الثنائي مع الأردن، وهو التعاون العملي والعسكري.
وقال كولومينا إن الحلف يُريد أن يكون لديه نهج متكامل يجمع بين المتابعة السياسية للعلاقة والتعاون العسكري والعمل العملي، إذ سيوفر المكتب رؤية وإرادة سياسية، وسيدفع العلاقة إلى مستوى جديد، وسيساعد في الحصول على نهج إقليمي أو ما أسماه بـ”منظور أصلي”، لأنه سيكون المكتب الوحيد لحلف في المنطقة.
وسيساعد مكتب الحلف في الأردن على ما يُسميه “الناتو”، بـ “تأمل عميق” حول التحديات والتهديدات في الجنوب عبر الاستماع لآراء الشركاء، والفرص للتعامل مع الجهات المختلفة في المنطقة، وهو أمر سيبنى عليه مجموعة من القرارات، التي سيتم الموافقة عليها في قمّة الحلف، المُقرر عقدها في العاصمة الأميركية واشنطن العام المُقبل.
ومن شأن المكتب، وفقًا لمسؤول الحلف، أن يكون حلقة وصل بين الحلف وجهات أخرى مهمة في المنطقة، لكنها ليست من الشركاء الحاليين للحلف، مثل مجلس التعاون الخليجي، وذلك من أجل التعرف على تحديات المنطقة وكيفية تأثيرها على استقرار المحيط الأطلسي، وكيفية مواجهتها، وهو دور مهم جدَا للمكتب إذا جرى فتحه.
وقال إن هناك مباحثات تجري حاليًا بشأن ملف افتتاح مكتب للحلف في عمّان، وأن الأمر يسير “في المسار الصحيح، لكن القرار لم يُتخذ بعد”، مؤكدًا أن هناك اهتمامًا كبيرًا مشتركًا من المملكة والحلف تجاه افتتاح المكتب، كما رجح “اتخاذ القرار سيكون قريبًا”.
ونوه كولومينا إلى أن الحلف يُدرك أن الأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، لاعب نشط في عملية السلام في الشرق الأوسط، ومكتب الحلف في عمان لن يلعب دورًا في ذلك السياق، لأن الحلف “ليس لديه موقف رسمي تجاهها”، ولكن المكتب سيركز بشكل رئيسي على متابعة العلاقة بين “الناتو” والأردن، وسيكون له نظرة إلى التحديات والتهديدات على مستوى الإقليم.
وأعتبر أن الوجود الفعلي للحلف في عمّان عبر المكتب “سيجلب الكثير بالتأكيد، حيثُ سيساعد في تعزيز التعاون ،وسيجعلنا أكثر قربًا بالفعل، وسيكون له وبدون شك رؤية سياسية قوية جدًا ورسالة سياسية ذات تأثير كبير”، منوهًا إلى أن “فتح المكتب سيكون له فوائد عملية كبيرة للعلاقة بين حلف الناتو والأردن، وسيُنظر إليه على أنه رسالة قوية جدًا من الأردن والحلف عن شراكة دائمة ونحن نعتقد أنها يجب أن تكون أقوى في المستقبل”.