الاخبار الرئيسيةدوليعربي ودولي

نظام تجنب الاصطدام.. لماذا لم يمنع حادث الطائرة الأميركية المميت؟

يعود الاهتمام بسلامة الطيران مع تكرار الحوادث التي تودي بحياة العشرات. فقبل أيام، أفادت وسائل إعلام أميركية بسقوط قتلى جراء تحطّم طائرة طبية صغيرة قرب مجمع تجاري في بنسلفانيا، بولاية فيلادليفيا شرقي الولايات المتحدة.

كان ذلك الحادث الثاني في الولايات المتحدة في غضون أيام. ففي 30 يناير/ كانون الثاني الماضي، اصطدمت طائرة ركاب أميركية ومروحية تابعة للجيش الأميركي على ارتفاع منخفض بالقرب من مطار رونالد ريغان الوطني بواشنطن، وتحطمتا في نهر بوتوماك.

كان إجمالي 60 راكبًا وأربعة من أفراد الطاقم على متن رحلة الخطوط الجوية الأميركية رقم AA5342 القادمة من ويتشيتا بولاية كانساس. وكان ثلاثة عسكريين على متن المروحية التي كانت تقوم برحلة تدريبية روتينية. وبحسب السلطات، لم ينج أحد على متن أي من الطائرتين.

جاء هذا الحادث بعد نحو شهر على تحطم طائرة ركاب في كوريا الجنوبية – ربما نتيجة اصطدام طائر – مما أسفر عن مقتل جميع ركاب الطائرة البالغ عددهم 181 شخصًا باستثناء اثنين.

ويبدو التساؤل عن سلامة الطيران أكثر إلحاحًا مع التطور التكنولوجي. وبحسب موقع “سينس أليرت”، كان يفترض بالتكنولوجيا أن تحول دون مأساة طائرة الركاب في الولايات المتحدة.

ما هو نظام تجنب الاصطدام المروري “TCAS”؟

هناك تقنية مصممة لمساعدة الطيارين على تجنب الاصطدامات في الجو مع الطائرات الأخرى. تُعرف هذه التكنولوجيا باسم نظام تجنب الاصطدام المروري – أو TCAS.

كان مطار رونالد ريغان في واشنطن موقعًا للعديد من الحوادث الوشيكة في السنوات الأخيرة- غيتي
كان مطار رونالد ريغان في واشنطن موقعًا للعديد من الحوادث الوشيكة في السنوات الأخيرة- غيتي
ونظام تجنب الاصطدام هو أحد أنظمة سلامة الطائرات الذي يراقب المجال الجوي حول الطائرة للطائرات الأخرى المجهزة بأجهزة الإرسال والاستقبال. هذه هي الأجهزة التي تستمع إلى الإشارات الإلكترونية الواردة وتستجيب لها.

ويعمل النظام – الذي يشار إليه أحيانًا باسم ACAS (نظام تجنب الاصطدام المحمول جوًا) – بشكل مستقل عن نظام مراقبة الحركة الجوية الخارجي. ينبّه هذا النظام الطيارين بشأن الطائرات القريبة والاصطدامات الجوية المحتملة.

مراحل تطوير التقنية

في أوائل عام 1970، تم تطوير النماذج الأولية لنظام تجنب الاصطدام المحمول جوًا (ACAS). استغرق الأمر عددًا من السنوات الإضافية للتحقق من صحة التطوير ومواصلة تطويره، بحسب موقع “يونايتنغ أفييشن”.

وخلال المؤتمر السابع للملاحة الجوية الذي عقد عام 1972، قدم المؤتمر ما مجموعه 74 توصية، بما في ذلك تلك المتعلقة برادار المراقبة الثانوية (SSR) وأنظمة تجنب الاصطدام المحمولة جواً (ACAS).

وفي عام 1985، نشرت منظمة الطيران المدني الدولي لأول مرة التعميم 195 لأنظمة تجنب الاصطدام المحمولة جوًا.

وقد مرت هذه التكنولوجيا بعدد من التطورات. كانت تقنية الجيل الأول، المعروفة باسم “TCAS I”، تعمل على مراقبة ما يحيط بالطائرة، حيث توفر معلومات عن اتجاه وارتفاع أي طائرة قريبة. كان النظام يطلق “تحذير مرور” فيقوم الطيار باتخاذ الإجراء المناسب لتجنب خطر الاصطدام.

لكن تقنية الجيل الثاني، المعروفة باسم “TCAS II”، ذهبت إلى أبعد من ذلك، فهي توفر للطيار تعليمات محددة حول كيفية تجنب الاصطدام بطائرة قريبة أو التعارض مع حركة المرور، إما عن طريق النزول أو التسلق أو الدوران أو تعديل سرعتها.

ووفقًا للوائح الدولية التي نصت عليها اتفاقية شيكاغو، يجب أن تكون أي طائرة تستخدم لأغراض تجارية مجهزة بنظام TCAS. كما تضع اللوائح أحكام محددة بشأن الطائرات غير التجارية.

وفي المقابل، لا تخضع المروحيات العسكرية لأحكام اتفاقية شيكاغو (رغم أنها تخضع للقوانين واللوائح المحلية). وهناك تقارير تفيد بأن المروحية العسكرية الأميركية لم يكن لديها نظام TCAS على متنها.

إشكالية الارتفاعات المنخفضة

وبغض النظر عما إذا كانت المروحية العسكرية المشاركة في الحادث الذي جرى في الولايات المتحدة مزودة بنظام تجنب التصادم، فإن هذه التكنولوجيا لا تزال تعاني من قيود. فهي تتوقف عن العمل عندما تبلغ الطائرة ارتفاعات أقل من 300 متر تقريبًا، وفقًا لموقع “سكايبراري”.

وبحسب تقرير نُشر في موقع “أن بي سي نيوز” واستند إلى بيانات من موقع تتبع الطائرات ” آي دي أس بي إكشينج”، فإن آخر ارتفاع سجّلته رحلة الخطوط الجوية الأميركية رقم AA5342 كان حوالي 90 مترًا. كما كان آخر ارتفاع مسجل للمروحية العسكرية الأميركية التي اصطدمت بالطائرة حوالي 60 مترًا.

ويعد تثبيت نظام TCAS على ارتفاعات منخفضة جزءًا من تصميم التكنولوجيا. ويرجع ذلك في المقام الأول إلى أن النظام يعتمد على بيانات مقياس الارتفاع الراديوي، الذي يقيس الارتفاع ويصبح أقل دقة بالقرب من الأرض. وقد يؤدي هذا إلى تعليمات غير موثوقة لتجنب الاصطدام، بحسب ورقة نشرها موقع “سكايبراري”.

كذلك لا يمكن لطائرة على هذا الارتفاع المنخفض الهبوط أكثر لتجنب الاصطدام.

حوادث وشيكة في مطار رونالد ريغان

ويعد مطار رونالد ريغان في واشنطن أحد أكثر المطارات ازدحامًا في الولايات المتحدة. تشترك الطائرات التجارية والعسكرية والخاصة في مجال جوي وممرات محدودة للغاية.

وقد كان موقعًا للعديد من الحوادث الوشيكة في السنوات الأخيرة. فمنذ عام 1988، عندما بدأت ناسا في جمع تقارير السلامة، كان هناك 23 حادث تصادم “على وشك الحدوث” في الجو بين طائرات الركاب والمروحيات في مطار رونالد ريغان الوطني ووقعت عشرة من تلك الحوادث في السنوات الـ12 الماضية.

ففي أبريل/ نيسان 2024، اضطر طيار طائرة تجارية عند وصوله إلى الأرض إلى اتخاذ إجراءات مراوغة لتجنب طائرة هليكوبتر كانت على عمق 100 متر تقريبًا تحتها.

وأشار العديد من الأشخاص، بما في ذلك السيناتور الديمقراطي الأميركي تيم كين، إلى أن هذا الحادث الوشيك كان دليلًا على ضرورة عدم المضي قدمًا في خطة للسماح بتشغيل مزيد من الرحلات الجوية إلى مطار رونالد ريغان الوطني بواشنطن. وعلى الرغم من ذلك، تمت الموافقة على الخطة في الشهر التالي.

وبحسب “سي أن أن”، يقول خبراء الطيران إن منطقة واشنطن تمثل مجالًا جويًا معقدًا، فالقيود المفروضة على الطيران بعد أحداث 11 سبتمبر منعت حركة الطيران من الاقتراب من المباني الحكومية. كما تجتاز المروحيات العسكرية والحكومية المنطقة بانتظام، وتقلع الرحلات الجوية وتهبط باستمرار في مطار ريغان، الذي يضم أكثر المدرج ازدحامًا في البلاد.

كما أثارت مقترحات إضافة المزيد من الرحلات الجوية إلى المطار أيضًا معارك سياسية ساخنة في السنوات الأخيرة، حيث جادل بعض المشرعين سابقًا بأن المطار كان مزدحمًا للغاية وحذروا من تأثيرات ذلك على سلامة الطيران.

لكن الحادث الذي أودى بحياة أكثر من 60 شخًصا، ربما سيؤدي تغييرات في ذلك المطار المزدحم أو إصلاحات أوسع نطاقًا في ما يخص سلامة الطيران.

زر الذهاب إلى الأعلى