عندما نفكر في ضوء الشمس، قد يكون أول ما يخطر في أذهاننا زيادة خطر سرطان الجلد، وهو أمر محق. ولكن يمكن التعرض لأشعة الشمس بطرقة صحية للحصول على فوائدها، وتقليل خطر أضرارها، وهل يؤدي واقي الشمس إلى نقص فيتامين د؟
لماذا يعد ضوء الشمس مفيدا للإنسان؟
ضوء الشمس وفيتامين د
يؤدي ضوء الشمس الذي يسقط على الجلد إلى إنتاج فيتامين د، وأولئك الذين يعيشون في الداخل معظم الوقت أو يعيشون في بيئات غائمة مع القليل من الشمس لديهم خطر أكبر للإصابة بنقص فيتامين د، والذي له آثار إيجابية على صحة العظام.
تم ربط نقص فيتامين د بمجموعة واسعة من الاضطرابات، وقد أظهرت بعض الدراسات التي أجريت على مكملات فيتامين د انخفاض معدل وفيات السرطان.
ضوء الشمس وضغط الدم
تتفاعل مستقلبات أكسيد النيتريك الموجودة في الجلد مع الأشعة فوق البنفسجية لإطلاق أكسيد النيتريك، الذي يخفض ضغط الدم، وذلك وفقا لمقال للدكتور مارتن مور إيدي في موقع سايكولوجي تودي.
ضوء الشمس والساعة البيولوجية
من الواضح أن ضوء النهار و/أو ضوء الشمس في الهواء الطلق مفيدان لصحة نظام التوقيت اليومي، بسبب كثافة الضوء الساقط على العينين وتكوينه الطيفي. حتى في يوم غائم، تكون كمية الضوء ذو الطول الموجي الأزرق التي تدخل العين أكثر من كافية لتوفير إشارة مزامنة قوية لنظام الساعة البيولوجية. وهذا يساعد على منع اضطراب الساعة البيولوجية، وبالتالي تقليل خطر الإصابة بأمراض متعددة، وزيادة العمر.
ضوء الشمس والمزاج
يساعد ضوء الشمس على تعزيز مادة كيميائية في دماغك تسمى السيروتونين، والتي يمكن أن تمنحك المزيد من الطاقة، وتساعدك على الحفاظ على هدوئك وإيجابيتك وتركيزك. يعالج الأطباء أحيانا الاضطراب العاطفي الموسمي “إس إيه دي” (SAD) وأنواعا أخرى من الاكتئاب المرتبط بانخفاض مستويات السيروتونين بالضوء الطبيعي أو الاصطناعي.
هل ضوء الشمس يضر؟
يمكن أن يؤدي التعرض لكثير من الشمس إلى زيادة فرص الإصابة بسرطان الجلد، ولذلك ينصح باستعمال واقي شمس، وتجنب الخروج في أوقات الشمس القوية مثل وقت الظهيرة.
متى وقت الشمس الصحي؟
قم بالتعرض للشمس في الصباح، قبل شمس الظهيرة، فستحصل على أقوى دفعة للساعة البيولوجية، وتقلل أيضا من خطر الإصابة بسرطان الجلد.
كيف يعطي ضوء الشمس فيتامين د؟
يلعب ضوء الشمس والجلد دورين حاسمين في إنتاج فيتامين د، وهو عنصر غذائي حيوي لمختلف العمليات الفسيولوجية في الجسم.
فيتامين د فريد من نوعه، لأنه يمكن تصنيعه في الجلد من خلال سلسلة من التفاعلات الكيميائية الناتجة عن التعرض للأشعة فوق البنفسجية بي “يو في بي” (UVB) من أشعة الشمس.
يمتص الجلد الأشعة فوق البنفسجية بي، ويؤدي إلى تحلل مركب 7-ديهيدروكوليستيرول (بروفيتامين د 3) إلى “بري فيتامين دي 3” (previtamin D3) ، الذي يخضع للتحول السريع إلى فيتامين دي 3.
بمجرد أن يتشكل فيتامين د 3 في الجلد، فإنه ينتشر في الأوعية الدموية للأدمة، وهي طبقة الجلد الموجودة أسفل البشرة. ومن هناك يدخل مجرى الدم، ويتم نقله إلى الأنسجة والأعضاء المختلفة في الجسم.
فيتامين د 3 قابل للذوبان في الدهون، لذلك يمكن للخلايا الشحمية تخزينه أثناء الإنتاج الزائد.
من المهم ملاحظة أنه على الرغم من أن ضوء الشمس يعد مصدرا مهما لفيتامين د، فإن هناك عوامل أخرى يمكن أن تؤثر على قدرة الجلد على إنتاجه. تشمل هذه العوامل الموقع الجغرافي، الموسم، والوقت من اليوم، وتصبغ الجلد، والملابس، واستخدام واقي الشمس، والعمر.
على سبيل المثال، الأشخاص ذوو البشرة الداكنة لديهم مستويات أعلى من الميلانين، مما قد يقلل من قدرة الجلد على تصنيع فيتامين دي مقارنة بالأفراد ذوي البشرة الفاتحة.
ضوء الشمس من النافذة
التعرض لضوء الشمس عبر زجاج النافذة لن يؤدي إلى إنتاج فيتامين دي في الجلد، لذلك هو ليس مفيدا.
ويقول الدكتور مايكل هوليك، أستاذ الطب وعلم وظائف الأعضاء والفيزياء الحيوية في كلية الطب بجامعة بوسطن -في تصريح للنيويورك تايمز- “لا يهم إذا كان الشتاء أو الصيف، فلن يصنع الجلد فيتامين دي وأنت جالس أمام زجاج النافذة”.
يمتص الزجاج 100% من أشعة الشمس فوق البنفسجية بي (UVB)، المسؤولة عن إنتاج الجلد لفيتامين دي.
أنواع أشعة الشمس
يتكون ضوء الشمس من طيف من الأشعة: الضوء المرئي والأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء. كل من أشعة الضوء المختلفة في الطيف لها طول موجي مختلف.
1- الضوء المرئي
يمثل الضوء المرئي حوالي 50% من طيف ضوء الشمس، وكما يوحي الاسم، فهو الجزء الوحيد من الضوء الذي يمكن للعين البشرية اكتشافه. ويتراوح طولها الموجي من 400 إلى 760 نانومتر.
2- الأشعة فوق البنفسجية
الضوء فوق البنفسجي غير مرئي للعين البشرية، ويأتي في 3 أشكال:
- الأشعة فوق البنفسجية إيه (UVA)
- الأشعة فوق البنفسجية بي (UVB)
- الأشعة فوق البنفسجية سي (UVC)
ضوء الأشعة فوق البنفسجية له طول موجي أقصر من الضوء المرئي. الطول الموجي للأشعة فوق البنفسجية إيه أكبر من الطول الموجي للأشعة فوق البنفسجية بي.
أولا. الأشعة فوق البنفسجية إيه A (UVA)
- تمثل الأشعة فوق البنفسجية إيه 90-95% من الأشعة فوق البنفسجية التي تصل إلى سطح الأرض
- وهي أقل كثافة من الأشعة فوق البنفسجية بي، ولكنها تخترق طبقات الجلد بشكل أعمق.
- قد تسبب ظهور علامات الشيخوخة المبكرة للبشرة، مثل التجاعيد، وأيضا الأمراض الجلدية (السرطان والتصبغات).
ثانيا. الأشعة فوق البنفسجية بي B (UVB)
- تشكل الأشعة فوق البنفسجية بي B ما نسبته 5-10% من الأشعة فوق البنفسجية التي تصل إلى بشرتنا.
- تؤثر في الطبقات السطحية من الجلد.
- تسهم في تكوين فيتامين دي.
- تسبب تلف الجلد الأولي، مثل الحروق وتأثير الجلد المبكر بالإضافة إلى الأمراض الجلدية المختلفة (السرطان والتصبغات).
- تكون الأشعة فوق البنفسجية بي أكثر كثافة خلال أشهر الصيف، وتصل إلى ذروة شدتها في وقت مبكر من بعد الظهر.
ثالثا. الأشعة فوق البنفسجية سي (UVC)
- الأشعة فوق البنفسجية سي هي الأكثر خطورة. إلا أنه يتم امتصاصها في طبقات الأوزون، مما يمنعها من الوصول إلى سطح الأرض، وبالتالي التأثير على بشرتنا.
3- الأشعة تحت الحمراء
الأشعة تحت الحمراء لها طول موجي أطول، يتراوح بين 760 و1000 نانومتر، وكما هو الحال مع الأشعة فوق البنفسجية، فهي غير مرئية للعين البشرية. إنها تشكل ما تبقى من 40% من ضوء الشمس.
أضرار أشعة الشمس
إن قضاء الكثير من الوقت تحت أشعة الشمس من دون حماية يجعلك أكثر عرضة للإصابة بسرطان الجلد، ويمكن أن يجعل بشرتك تتقدم في العمر بشكل أسرع أيضا، مما يسبب التجاعيد والبقع الداكنة.
يعتقد الباحثون أن الأنواع الثلاثة الأساسية من سرطان الجلد -سرطان الجلد، وسرطان الخلايا القاعدية، وسرطان الخلايا الحرشفية- تنتج في الغالب عن قضاء وقت طويل في الشمس. لذلك من المهم جدا استخدام واقي الشمس.
يستخدم الجلد المصاب بحروق الشمس خلايا الدم البيضاء من جهازك المناعي للشفاء. يمكن أن يؤثر ذلك على قدرة جسمك على محاربة الجراثيم، ويجعلك أكثر عرضة للإصابة بالمرض.
يمكن للشمس أن تلحق الضرر بعينيك في أي وقت، وليس فقط في الصيف. لذلك من الضروري ارتداء نظارة شمسة مناسبة.
يجب عند الخروج إلى الشمس استخدام واقي شمس ذي عامل حماية من الشمس “إس بي إف 30” (SPF 30) أو أعلى.
ضعه قبل 30 دقيقة من الخروج، ولا تنسي مناطق مثل الشفاه والأذنين والرقبة. ضع المزيد إذا كنت تسبح أو تتعرق. حاول البقاء بعيدا عن أشعة الشمس المباشرة بين الساعة 10 صباحا و4 مساء، عندما تكون أشعة الشمس في أقوى حالاتها، وخذ فترات راحة في الداخل.
فوائد الشمس للأعصاب
يرتبط انخفاض التعرض لأشعة الشمس بانخفاض مستويات السيروتونين، وهو ناقل عصبي، مما قد يؤدي إلى الاكتئاب.
يتم تحفيز تأثيرات السيروتونين الناتجة عن الضوء بواسطة ضوء الشمس الذي يدخل عبر العين. ينبه ضوء الشمس مناطق خاصة في شبكية العين، مما يؤدي إلى إطلاق السيروتونين. لذا، فأنت أكثر عرضة للإصابة بهذا النوع من الاكتئاب في فصل الشتاء.
كم تحتاج من وقت للتعرض للشمس؟
هذه الإجابة مختلفة للجميع. يعتمد ذلك على لون بشرتك وعمرك وتاريخك الصحي ونظامك الغذائي والمكان الذي تعيش فيه. بشكل عام، يعتقد العلماء أن 5 إلى 15 دقيقة -ما يصل إلى 30 إذا كنت من ذوي البشرة الداكنة- هو الوقت المناسب لتحقيق أقصى استفادة منه دون التسبب في أي مشاكل صحية.
يمكنك البقاء بالخارج لفترة أطول والحصول على نفس التأثير إذا كنت تستخدم واقي الشمس. تحدث مع طبيبك حول ما هو مناسب لك.
هل يؤدي واقي الشمس إلى نقص فيتامين دي؟
تم تصميم واقيات الشمس لتصفية معظم الأشعة فوق البنفسجية للشمس، لأن ضرر الأشعة فوق البنفسجية هو السبب الرئيسي لحروق الشمس، ويمكن أن يؤدي إلى سرطان الجلد.
الأشعة فوق البنفسجية بي تؤدي إلى إنتاج فيتامين دي في الجلد. ومع ذلك، لم تجد الدراسات السريرية (على البشر) أبدا أن الاستخدام اليومي لواقي الشمس يؤدي إلى نقص فيتامين دي. في الواقع، تظهر الدراسات السائدة أن الأشخاص الذين يستخدمون واقي الشمس يوميا يمكنهم الحفاظ على مستويات فيتامين دي لديهم.
قد يكون أحد تفسيرات ذلك هو أنه بغض النظر عن مقدار واقي الشمس الذي تستخدمه أو مدى ارتفاع عامل الحماية من الشمس “إس بي إف” (SPF)، فإن بعض أشعة الشمس فوق البنفسجية تصل إلى بشرتك.
يعمل واقي الشمس ذو عامل حماية من الشمس 15 على تصفية 93% من الأشعة فوق البنفسجية فئة بي، في حين يمنع عامل الحماية من الشمس 30 على تصفية 97%، بينما يقوم كريم الحماية من الشمس ذو عامل 50 بتصفية 98%. وهذا يترك ما بين 2% إلى 7% من الأشعة فوق البنفسجية الشمسية تصل إلى بشرتك، حتى مع استخدام واقيات الشمس.