لايتسق إتهام رئيس مجلس النواب بضعف الأداء، مع كونه خيارا لناخبيه في أحد أكثر دوائر العاصمة الانتخابية شراسة ( الثالثة )، التي وسمت دوما بدائرة الحيتان، لكن الاتهام من زاوية أخرى يتسق مع حرب ، بدا واضحا أن الرجل يتعرض لها مذ حط على مقعد رئاسة المجلس النيابي التاسع عشر، وباغلبية فارقة من حيث عدد المصوتين لصالحه( ١٠٤ ) اصوات .
تصيد العثرات بادٍ بوضوح حيال كل خطوة يخطوها الرجل في الأداء الذي يظهر جليا محاولاته ترك بصمة في رئاسة المجلس، تسجل في ذاكرة إيجابيات الاداء، وطبيعي أن هذه المحاولات لابد أن تصطدم مع مصالح ونفوذ قوى، ترى في برنامج عمل الصفدي الرئاسي، ضُراً بمصالحها، من هنا كانت الحملة في تضخيم اي زلة، ووسمها أنها ذنب كبير، كحادثة الاستشهاد بالآية الكريمة في اجتماعات البرلمان العربي، بعد أن عجزت الأيدي المرتجفة عن إيجاد ثغرات في ماضي الرجل السياسي الممتد لخمسة مجالس نيابية.
المعلومات الراشحة من مكتب رئاسة المجلس، تشي أن الصفدي يطبخ على نار هادئة نظم وتعليمات تحكم الأداء النيابي، على قاعدة النزاهة ، وتنزيه المجلس عموما عن كل فعل جرح السمعة النيابية وانتقص من هيبتها، وكسر السواتر الشعبوية التي يستخدمها البعض لتمرير أجندات نفعية، فماذا في جعبة الرجل من خطط جعلته محاطا بسيل من مكائد الاستهداف والاصطياد.
المعلومات المتوافرة تقول أن الصفدي قطع شوطا في تحييد المجلس، من أن ” يسيد ويبيد” في دوائر ومؤسسات ذات منافع خدمية كالدوائر القضائية اوالمالية او الجمارك او ديوان الخدمة المدنية …الخ ، تحقق مصالح، فمن غير المعقول أن تستباح دوائر مالية، أو خدماتية عامة لمصالح شخصية، من وراء ستار النيابة ورقابتها، والتلويح بها في وجه من لا يستجيب للرغبات ، من هنا في ذهن الرجل أن المراجعات النيابية لهذه الدوائر يفترض أن تكون منظمة عبر وزارة التنمية السياسية، ومسببة بصالح عام بعيد كل البعد عن الخصوصية ومنافعها .
وفي جعبة الرجل أيضا إفشال خطط الاستجوابات النيابية للحكومة، القائمة على استدرار العواطف الشعبوية ، دون بينات ودلائل، لتنتهي الأمور بمجرد خطاب تشويشي يستفز الراي العام، ويلوكه عبر وسائل التواصل عدة أيام، لتنتهي القصة بعدها ، من هنا تواجه خطط الرجل في آلية أن الاستجوابات ممانعة مستترة ، تجاه رؤيته القائمة على أن تقدم الاسئلة والاستجوابات، للأمانة العامة موثقة بالأدلة قبل أن يسمح للنائب في التغريد حيالها تحت القبة، والأمانة هي مرجعية الاختصاص في تقييمها بالتنسيق مع الرئاسة حول أهدافها وغاياتها وقبل كل شيء حقيقتها .
وثالثة القضايا التي سيفتح الصفدي ملفاتها، كل القضايا التي عنونها أصحابها بفساد مزعوم ، ولم يكلفوا أنفسهم خاطر متابعتها ، وكانت مجرد فلاشات استأثرت بحديث الراي العام، وطويت وكأنها لم تكن ، وهو ما يخالف قواعد ومدونات السلوك النيابي التي تستوجب مساءلة النائب إن اخطأ، ومكافاته أن أصاب، وتلك تسجل للصفدي في نبش عش الدبابير على المتكسبين والمنتفعين ، والمسيرين، من بعض أعضاء المجلس خدمة لأهداف واجندات بعيدة عن الصالح العام .
القضية الأخيرة التي تسربت من أروقة الرئاسة، جدية الصفدي بقرار حيال نمر السيارات النيابية ، التي ستحكم بموجب سجل خاص، ويحدد أنها لمركبة واحدة ، مقيدة ومعلومة ، ولا مجال لوضع ذات الرقم على مركبات الأبناء أو الاحفاد ، في سياق مخالفة ابسط قواعد السلوك النيابي والحيد بها نحو ممارسات سلبية .
تلك هي جملة قضايا، وغيرها كثير ستفتح أوراقه ، بدا واضحا أنها غير متوائمة مع رغبات نفر استمرأ الإساءة للعمل النيابي، ويرى أن الجنوح نحو إعادته للطريق القويم من شأنه تعريض مصالح وتنفيعات للخطر، فكانت الخطوات الاستباقية لاصطياد عثرات وزلات صغيرة، بغية فرض حصار على الرجل لإفشال خططه وبرامجه ، فهل ينجح الصفدي في مسعاه ويكسر جماح المناوئين ؟؟ لننتظر ، وندعم ، عل وعسى نستعيد هيبة ديمقراطية هشمها البعض، لأغراض ومصالح آنية..