الاخبار الرئيسيةعربيعربي ودولي

أحد أشد الأيام رعبا.. لبنان يحيي ذكرى كارثة انفجار المرفأ ومسيرات تطالب بمحاسبة المسؤولين عنها

أحيا لبنان اليوم الجمعة الذكرى السنوية الثالثة لانفجار مرفأ بيروت المروع أحد أكبر الانفجارات غير النووية في العالم، وبينما يجد أهالي الضحايا أنفسهم أمام عدالة معطلة جراء تعليق التحقيق بفعل تدخلات قضائية وسياسية خرجت مسيرات تطالب بمحاسبة المسؤولين عن هذه الكارثة، وسط استمرار الخلافات السياسية التي تعرقل سير التحقيقات.

وشارك مئات اللبنانيين في مسيرة بالعاصمة بيروت بمناسبة الذكرى الثالثة لانفجار المرفأ بدعوة من أهالي ضحايا الانفجار، وانطلقت المسيرة من أمام مقر فوج الإطفاء شمالي العاصمة وصولا إلى الطريق الرئيسي المقابل للمرفأ.

وحمل المشاركون صور الضحايا ولافتات تدعو إلى استئناف التحقيقات ومحاسبة المتورطين والمقصرين وتحقيق العدالة، كما رددوا هتافات هاجمت السلطة السياسية واتهمتها بعرقلة التحقيقات والتدخل في القضاء، كما اعتصم عدد من أهالي ضحايا الانفجار أمام قصر العدل في بيروت للمطالبة بكشف الحقيقة.

وأعرب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي عن أمله في أن تتجلى العدالة بقضية انفجار مرفأ بيروت في أقرب وقت ممكن.

وقال ميقاتي إن الحقيقة وحدها تبلسم الجراح، وإن الأمل كل الأمل بأن تظهر شمس العدالة في قضية انفجار المرفأ، وفق تعبيره.

وفي السياق نفسه، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة تواصل الوقوف إلى جانب الشعب اللبناني.

وأضافت الوزارة أن الضحايا وأسرهم يستحقون العدالة، ولا بد من مساءلة أولئك المسؤولين عن الكارثة والكشف عن الأسباب التي كانت وراءها.

واعتبرت عدم إحراز تقدم نحو المساءلة أمرا غير مقبول، ويؤكد ضرورة إصلاح القضاء واحترام سيادة القانون في لبنان.

قيد المتابعة

وفي مثل هذا اليوم في الرابع من أغسطس/آب 2020 عند الساعة السادسة و7 دقائق دوى انفجار ضخم في بيروت حصد أكثر من 220 قتيلا وتسبب في إصابة أكثر من 6500 شخص بجروح وتسبب بدمار واسع في المرفأ وعدد من أحياء العاصمة.

ومنذ اليوم الأول عزت السلطات الانفجار إلى تخزين كميات ضخمة من نترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون إجراءات وقائية إثر اندلاع حريق لم تُعرف أسبابه.

وتبين لاحقا أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحركوا ساكنا.

وإثر الانفجار عينت السلطات القاضي فادي صوان محققا عدليا، لكن سرعان ما تمت تنحيته في فبراير/شباط 2021 إثر ادعائه على رئيس الحكومة حينها حسان دياب و3 وزراء سابقين بتهمة “الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة” وجرح مئات الأشخاص.

واصطدم خلفه القاضي طارق بيطار بالعراقيل ذاتها مع إعلان عزمه استجواب دياب، تزامنا مع إطلاقه مسار الادعاء على عدد من الوزراء السابقين -بينهم نواب- وعلى مسؤولين أمنيين وعسكريين.

وامتنع البرلمان السابق عن رفع الحصانة عن النواب المذكورين، ورفضت وزارة الداخلية منحه إذنا لاستجواب قادة أمنيين، ورفضت قوى الأمن كذلك تنفيذ مذكرات توقيف أصدرها، وغرق التحقيق بعدها في متاهات السياسة ثم في فوضى قضائية بعدما حاصرت بيطار عشرات الدعاوى لكف يده تقدم بأغلبيتها مسؤولون مدعى عليهم.

وخلال عامين ونصف العام تمكن بيطار من العمل رسميا لقرابة 6 أشهر فقط تعرض خلالها لضغوط أنذرت بأزمة غير مسبوقة في الجسم القضائي، خصوصا بعدما أحبط مدعي عام التمييز غسان عويدات محاولته استئناف التحقيقات مطلع العام الحالي.

وكان بيطار استأنف تحقيقاته في 23 يناير/كانون الثاني 2023 بعد 13 شهرا من تعليقها، وقرر الادعاء على 8 أشخاص جدد، بينهم عويدات، وحدد مواعيد لاستجواب 13 شخصا مدعى عليهم.

لكن عويدات تصدى له بالادعاء عليه بـ”التمرد على القضاء واغتصاب السلطة” وأصدر قرار منع سفر بحقه، وأطلق سراح جميع الموقوفين، وإزاء ذلك تراجع بيطار عن المضي في قراراته.

وقال مصدر قانوني متابع للملف لوكالة الصحافة الفرنسية -دون الكشف عن هويته- إن ملف التحقيق “قيد المتابعة” من بيطار رغم الدعاوى التي تلاحقه وتعلق عمله رسميا.

وأوضح أنه رغم غيابه عن أروقة قصر العدل فإن بيطار يصر على استكمال مهمته حتى إصدار قراره الظني كما وعد عائلات الضحايا التي تعقد آمالها عليه من أجل بلوغ العدالة.

تهم التسييس

بدوره، جدد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الحديث عن تسييس في التحقيقات.

وقال نصر الله في كلمة متلفزة أمس الخميس “المسؤولون عن هذا التقصير أو عن هذه المصيبة أو عن هذه الجريمة -سموها ما شئتم- يجب أن يعاقبوا، ولكن الذي يُضيع العدالة مع الحقيقة هو هذا التسييس”.

ويعد حزب الله (اللاعب السياسي والعسكري الأبرز في لبنان) من أشد الرافضين لعمل بيطار، ويتهمه بـ”تسييس” الملف، ويطالب بتنحيه.

“عرقلة بوقاحة”

من جهته، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون -الذي زار لبنان مرتين بعد الانفجار- إن “لبنان لم يكن وحيدا ولن يكون أبدا”.

وأضاف ماكرون على موقع “إكس” (تويتر سابقا) مخاطبا اللبنانيين “بإمكانكم الاعتماد على فرنسا، على تضامننا وعلى صداقتنا”.

واصطدمت مطالبة أهالي الضحايا -الذين تظاهروا مرارا- بتحقيق دولي برفض رسمي في لبنان.

وجددت منظمات -بينها هيومن رايتش ووتش والعفو الدولية، وعائلات ضحايا- في بيان أمس الخميس مطالبتها الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بدعم إنشاء بعثة دولية مستقلة ومحايدة لتقصي الحقائق.

وشدد الباحث اللبناني لدى هيومن رايتس ووتش رمزي قيس على أنه “ثمة حاجة إلى تحرك دولي لكسر ثقافة الإفلات من العقاب في لبنان”.

وقالت آية مجذوب نائبة المديرة الإقليمية في العفو الدولية “استخدمت السلطات كل السبل التي في متناولها لتقويض التحقيق المحلي وعرقلته بوقاحة لحماية نفسها من المسؤولية”.

ووقع الانفجار في وقت كان فيه لبنان بالفعل تحت وطأة انهيار مالي بدأ في عام 2019 وجائحة “كوفيد-19″، وتفاقم الانهيار الاقتصادي منذ ذلك الحين وفقدت الليرة 98% من قيمتها وازداد الناس فقرا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى