اراء

أزمة البحر الاحمر الجميع فيها خاسر والحل في غزة!

محمود علي الدباس

يتهدد الاقتصاد العالمي في هذه الاونة مخاطر اقتصادية ، اعتقد البعض انه تركها خلفه مع انتهاء حصار وتأثيرات جائحة كورونا والتي القت بظلال سوداء على الاقتصاد العالمي وبعدها جاءت الحرب الروسية – الاوكرانية التي شكلت تحديا جديا اثر الى وقتنا الحالي على النمو الاقتصادي في العالم لا سيما فيما يتعلق بانقطاع سلاسل التوريد والتسبب بموجة تضخمية كبيرة في العالم.

ومع هذا العام الذي راهنت المؤسسات الدولية ان يكون العام الذي يتنفس فيه الاقتصاد الصعداء ، مع انحسار ازمة التضخم والاستعداد لعمليات خفض الفائدة.

جاءت حرب غزة التي خلفت الاف الضحايا والمصابين ، وكبدت اقتصادات المنطقة عشرات المليارات من الدولارات ،وشكلت الحرب على غزة عبء اضافي على نسب النمو العالمي.

لكن الازمة لم تتوقف عند حدود ذلك ، فالحرب ترددت اصدائها في البحر الاحمر عبر سلسلة من الهجمات نفذها الحوثيون على سفن مرتبطة بإسرائيل.

وقررت عشرات شركات الملاحة العالمية تحويل مسار سفنها نحو رأس الرجاء الصالح في مشهد يعيد للاذهان حركة التجارة في القرن الثامن عشر ، وتم تحويل مسار اكثر من 180 سفينة حتى اليوم.

وامام هذا التصعيد ارتفعت تكاليف الشحن بقيمة مليون دولار للرحلة الواحدة ، وتضاعفت قيمة التأمين بنسبة 400% وهو الامر الذي سينعكس بالتأكيد على اسعار السلع النهائي.

الهجمات في البحر الاحمر اربكت التجارة العالمية وتهدد بإشعال موجة تضخمية جديدة ، نتيجة رفع شركات الشحن العالمية لاجورها وبالتوازي زيادة اقساط التأمين على البضائع.

كما ان التحذيرات تتوالى من تأثير الازمة على قناة السويس التي تعد شريان للاقصتاد المصري وحركة التجارة في العالم فاغلاقها اربعة ايام كلف 8 مليارات دولار خسائر تكبدها الاقتصاد العالمي.

ومن ابزر مخاطر الهجمات على السفن عودة الضغوط التضخمية التي حاربتها البنوك المركزية في العالم على مدى 15 شهرا ربما تعود بنسب اكبر بسبب نقص امدادات السلع الى جانب المخاوف من اشتعال مواجهة واسعة بين امريكا واليمن تكون تداعياتها كارثية على الشرق الاوسط.

“حارس الازدهار” او “قوة البحر الاحمر” وهي العملية العسكرية التي اطلقتها الولايات المتحدة  في البحر الاحمر ، لحشد قوة عمل عسكرية ، من عدة دول قبل ايام ، في مسعى لحماية السفن التجارية المارة في باب المندب وصولا للبحر الاحمر من هجمات الحوثي ، اعتبرها المراقبون تصعيدا غير مأمون النتائج ، ربما تشكل مخاوف اضافية من قبل شركات الشحن ستجبر شركات اخرى لوقف شحناتها عبر البحر الاحمر لضمان عدم مهاجمتها او وقوعها في منطقة صراع بين الطرفين.

الامر الذي سيضاعف تكاليف الشحن والتأمين ويهدد بارتفاع اسعار السلع في الاسواق العالمية وتراجع في كمياتها بالنظر لطول امد فترة النقل عبر الطرق البديلة مثل رأس الرجاء الصالح او حتى عبر الممرات البرية ، والتي سيكون لارتفاع اعداد الشاحنات التي تنقل البضائع برا اثرا سلبيا على فترة الانتظار على المنافذ الحدودية بين الدول التي تمر بها ، وتكدس البضائع لايام طويلة بعكس ما هو متوقع.

اخذين بعين الاعتبار تلف عديد السلع التي تحتاج لظروف ومدة شحن مناسبة.

وترى اطراف عديدة ان مناقشة اسباب هذه الازمة والعمل على ايجاد حل لها ، هو الخيار الموضوعي ، بدلا من التصعيد في البحر الاحمر ، في انعكاس لوجهة النظر التي تقول ان معالجة الوضع في غزة ووقف الحرب ، سيكون السبيل الامثل لضمان استمرار سلاسل التوريد عبر البحر الاحمر ، حيث ربطت جماعة الحوثي توقف عملياتها في البحر الاحمر مع توقف الحرب في غزة .

لا سيما وان جماعة الحوثي بررت عملياتها في البحر الاحمر ضد السفن المتجهة للموانئ الاسرائيلية بداعي التضامن ووقوفا مع غزة ضد التجويع والقتل الذي يمارس على الشعب الفلسطيني في غزة ، وردة فعل على جرائم الاحتلال ضد المدنيين في غزة.

ويرى اقتصاديون ان الاستنفار العسكري في البحر الاحمر لن يكون مثمرا في ظل التخوف من مواجهات عسكرية بين بوارج الدول الغربية وقوات الحوثي ، بل انه يزيد من حساسية شركات الشحن البحري ويدفعها الى تحويل وجهتها الى ممرات بحرية اكثر امنا ، وفي المقابل بكلف اكبر تؤثر على الاقتصاد العالمي وارتفاع اسعار السلع في الاسواق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى