مجتمع

إستراتيجية السلامة والصحة المهنية.. أين دور وزارة العمل؟

في الوقت الذي أعلنت فيه مؤسسة الضمان الاجتماعي عن إستراتيجية السلامة والصحة المهنية، رأى خبراء أنه رغم تأخر الإعلان عنها إلا أنها شملت أهدافا تسهم في تطوير منظومة السلامة والصحة المهنية، وتعزز حماية العمال والحفاظ على سلامتهم من حوادث العمل وإصابته.

وأكد الخبراء لـ”الغد” وجوب أن يكون دور وزارة العمل في هذه الإستراتيجية فاعلا وليس هامشيا، كونها الجهة الرئيسية المعنية بشؤون السلامة والصحة المهنية، كي لا تضعف فعالية هذه الإستراتيجية، وأن تحقق أهدافها.

ولفتوا إلى التحديات التي تواجه العاملين في قطاعات الاقتصاد غير المنظم؛ ممن هم خارج مظلة الضمان الاجتماعي، ويعملون في بيئة عمل تفتقد معايير السلامة والصحة المهنية، ما يتطلب توسيع مظلة الشمول بالضمان الاجتماعي لتوفير بيئة عمل آمنة لهم.

وفي هذا الصدد، رأى رئيس بيت العمال حمادة أبو نجمة أن أي جهد في مجال الصحة والسلامة المهنية يجب أن يكون مبنيا على قواعد الشراكة الحقيقية والحوار بين أطراف العمل الثلاثة (الحكومة، ومنظمات العمال، ومنظمات أصحاب العمل)، وعلى قاعدة المساواة فيما بينها بما يعبر عن مصالح ورؤى كل منها، وبشكل خاص غرف الصناعة والتجارة والنقابات العمالية ونقابات أصحاب العمل.

وأكد أبو نجمة ضرورة انسجام هذا الجهد وآلياته مع التشريعات القائمة، ومشاركة الجهات الرسمية الفاعلة بموجب هذه التشريعات، والتي تتحمل المسؤولية القانونية في وضع وتطبيق مبادئ وأهداف الإستراتيجية، وعلى رأسها وزارة العمل المعنية بحكم القانون بوضع قواعد السلامة والصحة المهنية ومتطلبات الحماية والوقاية من إصابات وحوادث العمل، والرقابة على مدى الالتزام بها، واتخاذ الإجراءات بحق المخالفين.

وأضاف أن هذه المهام أسندت إلى الوزارة بنصوص قانونية صريحة في قانون العمل والأنظمة الصادرة بموجبه، إضافة إلى وزارة الصحة التي تقوم بالإشراف والرقابة وإجراء الفحوصات الطبية والمهنية الوقائية الأولية والدورية للعاملين في المؤسسات، والمساهمة في التفتيش على توفر اشتراطات السلامة والصحة المهنية في بيئة العمل وترخيص المنشآت الصناعية الجديدة.

وتابع: “كما أن المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي التي تختص بالتأمين على إصابات العمل، والقيام بدور ترويجي وتوعوي للحد منها، إضافة إلى وزارة الصناعة والتجارة ومديرية الدفاع المدني ووزارة البيئة، وغيرها من المؤسسات الرسمية”.

غير أن أبا نجمة قال إن ما يلاحظ على الإستراتيجية، أن دور وزارة العمل هامشي فيها، سواء في وضعها أو في متابعة تنفيذها، وفي برامجها، رغم أنها الجهة الرئيسية المعنية بشؤون السلامة والصحة المهنية، وهو أمر سيضعف حتما فعالية هذه الإستراتيجية ويقلص من إمكانيات تحقيق أهدافها، كما أنها لم تعتمد الثلاثية في تكوين الفريق العامل على وضعها، فلا نجد منظمات أصحاب العمل ولا منظمات العمال، وهذا مثلب كبير فيه مخالفة لأبسط معايير العمل الدولية التي تشترط التمثيل المتساوي في ذلك.

وأضاف: “كما لا يوجد في الفريق ممثلو الوزارات والمؤسسات الرسمية الأخرى، كوزارة الصناعة والتجارة، ووزارة البيئة، ومديرية الدفاع المدني، وهيئة تنمية المهارات التقنية والمهنية، بل نجد أن أغلبية أعضاء الفريق الفني من موظفي مؤسسة الضمان الاجتماعي”.

ولفت إلى أن معظم بنود الإستراتيجية، سواء في وضع برامجها وتنفيذها أو متابعتها، أسندت إلى “الضمان”، ومن ذلك البنود الخاصة بتطوير التشريعات والتدريب، وتطوير العلاقة مع الشركاء، دون الالتفات إلى أدوار الجهات الأخرى الفاعلة بهذا الخصوص، وبشكل خاص منظمات العمال وأصحاب العمل، وكذلك الجهات الحكومية، وفي ذلك ما لا يتماهى مع التشريعات الناظمة لشؤون السلامة والصحة المهنية والمهام الملقاة على عاتق الجهات الرئيسية فيها”.

وأوضح ان ذلك قد يعود لموضوع تمويل الإستراتيجية الذي ستتولاه “الضمان”، لدرجة توحي بأنها إستراتيجية عمل لدائرة السلامة والصحة المهنية في المؤسسة أكثر من كونها إستراتيجية على المستوى الوطني.

وبين أبو نجمة أنه تم إدراج منظمة العمل الدولية ضمن مصفوفة الشركاء تحت تصنيف (قليل) من حيث الاهتمام، وتصنيف (متوسط) من حيث مدى القوة، وهذا تصنيف غير واقعي بالنظر إلى دور المنظمة المحوري والرئيسي في إعداد وتنفيذ إستراتيجيات وبرامج السلامة الوطنية للدول الأعضاء فيها، حيث إن جهودها مستمرة في هذا المجال منذ العام 2016، وخاصة على اتفاقيات العمل بشأن السلامة والصحة المهنية.

واستدرك: “هنا تجدر الإشارة إلى أنه لم تتم الاشارة في أي موقع ضمن أهداف الإستراتيجية إلى النهوض بالمستوى التشريعي الخاص بالسلامة والصحة المهنية بما يواكب التشريعات الدولية الخاصة بمنظمة العمل الدولية أو المصادقة على الاتفاقيات ذات الصلة، خاصة الاتفاقيتين (155 و187).

من جانبه، رحبّ رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن مازن المعايطة بإعلان مؤسسة الضمان الاجتماعي، عن استراتيجية السلامة والصحة المهنية للوقاية والحد من حوادث وإصابات العمل للأعوام (2023-2027)، مؤكدا أهمية ذلك في توفير بيئة عمل آمنة للعاملين في شتى النشاطات والقطاعات الاقتصادية، الأمر الذي يحافظ على سلامة العمال ويحمي صحتهم من المخاطر التي يتعرضون لها.

وقال المعايطة، إن الأهداف الإستراتيجية التي تضمنتها وما انبثق عنها من أهداف تنفيذية ومبادرات ومشاريع، تسهم بشكل كبير في تطوير منظومة السلامة والصحة المهنية بشكل شمولي وعلى مستوى وطني، وتعزيز دورها في حماية العمال والحفاظ على سلامتهم من حوادث العمل وإصابته.

وأشار إلى أن أهداف الإستراتيجية الأربعة هي: تطوير ثقافة السلامة والصحة المهنية الإيجابية، وتوفير بيئة عمل آمنة، وتنمية قدرات ومهارات ومعارف الكوادر العاملة في إصابات العمل والسلامة والصحة المهنية، إلى جانب تطوير البنية التحتية والتقنية الخاصة بالسلامة والصحة المهنية على المستوى الوطني.

وأضاف أن الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن كان له دور في إعداد هذه الإستراتيجية من خلال عضويته في اللجنة التوجيهية العليا التي تضم جميع الشركاء والمعنيين، كما أنه عضو في اللجنة الفنية لمتابعة تنفيذ المحاور التي تشملها، والبنود المنبثقة عنها، مبينا أن الآلية المتابعة والتنفيذ والمراجعة تتم من خلال آلية محددة كما جاء في وثيقة الإستراتيجية، حيث تقوم اللجنة التوجيهية العليا بدراسة وتحليل التقارير الواردة من اللجنة الفنية وتحديد الإجراءات التحسينية.

وأشار إلى أن الإستراتيجية تعطي دورا فاعلا لجميع الأطراف وتجمع الشركاء الاجتماعيين من أصحاب عمل وعمال، الأمر الذي يحقق مصلحة الجميع ويحسن من جودة المخرجات، فبيئة العمل الآمنة تحافظ على استمرارية النشاط الاقتصادي وتحمي عجلة الإنتاج من التوقف بسبب إصابات العمل أيضا”.

ولفت إلى أن العديد من مبادرات الإستراتيجية تقع مسؤولية تنفيذها على ممثلي العمال وأصحاب العمل والأطراف ذات العلاقة، مثل: تحفيز المنشآت للالتزام بشروط ومعايير السلامة والصحة المهنية، ودعم المنشآت التي تحصل على معايير الجودة المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية.

وأكد المعايطة، أن إحدى مبادرات الاستراتيجية، هي تنفيذ حوار اجتماعي فعال وبشكل دوري، يشمل كافة الشركاء الداخليين والخارجيين من خلال عقد ورش عمل مشتركة، بهدف تطوير العلاقة مع الشركاء الخارجيين (من القطاع العام والخاص) وإدامتها في مجال السلامة والصحة المهنية.

ولفت إلى التحديات التي تواجه العاملين في قطاعات الاقتصاد غير المنظم؛ ممن هم خارج مظلة الضمان الاجتماعي، ولا يتمتعون بالحمايات الاجتماعية اللازمة التي كفلها القانون، ومنها تأمين إصابات العمل للعاملين في بيئة عمل تفتقد معايير واشتراطات السلامة والصحة المهنية، وهو ما أشارت له الإستراتيجية، ووضعته ضمن التهديدات في البيئة الخارجية ضمن “التحليل الرباعي”، ما يتطلب توسيع مظلة الشمول بالضمان الاجتماعي لتشمل جميع العمال لا سيما في القطاعات الاقتصادية غير المنظمة. -الغد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى