اخبار الاردن

ارتفاع نسبة الجرائم والأسباب تتأرجح ما بين الإدمان و الألعاب الإلكترونية

الألعاب الإلكترونية تضعنا على المحك ما بين القتل في لعبة والقتل على أرض الواقع

ياسمين الخطيب – أخصائية تربية خاصة:

جرائم عدة تتالت على مسامعنا في الآونة الأخيرة، بات القتل قريبا منا فقد تأتيك الضربة القاتلة من أقرب الأشخاص إليك وأكثرهم حبا لك؛ فقد ينهي حياتك زميلك في العمل أو جارك الذي شاركك إفطارك في ذلك اليوم، نأسف على حالنا اليوم فلم نعد ندرك ماذا نصنع، أصبحنا كأجهزة تحكم تقودنا أفكارنا وألعاب انتشرت بيننا، لم نعد نميز بين القتل في لعبة وبين القتل على أرض الواقع؛ لأننا نقتل بعضنا ونقتل أشخاصا أبرياء لكي نستولي على ممتلكاتهم، كل هذا تحت مسمى لعبة سواء أكانت ببجي أم فورت نايت أو غيرهما من الألعاب، عتبي اليوم على آباء وأمهات على دراية بما يمارس أبناؤهم من ألعاب لا بل يشاركونهم بالقتل تحت مسمى «اللعب» وينافسونهم أيضا ويقومون بتأمين الانترنت ورصيد لكي يتمكن من شراء أسلحة داخل اللعبة، كل هذا يندرج تحت عبارات (خليهم يتسلوا طول الوقت بالبيت ما في شي يعملوه).

بالطبع هناك أكثر من سبب يعزى لارتفاع مستوى الجريمة كالبطالة التي بدورها تؤدي للفقر، ولن أستثني العنف الأسري الذي يؤثر سلبا على طريقة تفكير الشخص ويغير من نظرته وتقديره للنفس البشرية والذي بدوره يحرم الشخص من الشعور بالأمان ويقلل من مفهوم الاستقرار والعائلة لدى الشخص؛ فقد يقدم على ارتكاب جرائم عدة تكون ردة فعل لظروف معينة مر بها أو لسلوك عدواني شن عليه أو تقليد أعمى لجريمة ما حدثت ضمن الأسرة أو تتبع أحداثها عبر وسائل الإعلام، بالإضافة إلى الإدمان الذي يعد من أهم الأسباب والدوافع الشخصية لارتكاب أي جريمة؛ فالشخص المدمن يكون في حالة يرثى لها، فقد يفقد ارتباطه بالواقع و يقوم بقتل أقرب الاشخاص إليه من دون وعي ليتمثلوا له بصور غريبة تدفعه لارتكاب جرم بحقهم من دون ذنب يذكر، ولكن برأيي الشخصي فأنا أرى أن الألعاب الإلكترونية تأتي بالمقدمة ولها النصيب الأكبر في ذلك؛ إذ إنها باتت تسيطر على جميع الفئات العمرية وحاضرة معنا في كل مكان.

يوجد أكثر من طريقة لإشغال وقت أبنائنا بعيدا عن الإلكترونيات، وذلك من خلال إلحاقهم بنواد رياضية التي بدورها تساعدهم على تفريغ الطاقة الكامنة داخلهم والاستفادة منها في توجيه ميولهم، وإلحاقهم بمراكز ومنتديات ثقافية التي من شأنها أن تشجعهم على القراءة وترفع من مستوى وعيهم وترتقي بأفكارهم لأسمى الدرجات، ولن أنسى مراكز تحفيظ القرآن التي تسهم في نشأة أبنائنا نشأة دينية وتستغل وقت فراغه في حفظ سور من القرآن الكريم بالإضافة إلى أنها تتيح لأبنائنا الفرصة لسماع قصص الأنبياء والصحابة وأخذ النصح والعبرة لتكون بمثابة رادع قوي لدى أبنائنا لتحميهم من ارتكاب أي قول أو فعل مخل للآداب أو فيه إيذاء للنفس أو للغير، فحالنا اليوم يُبكي؛ إذ أصبحنا نقتل ونحن نلهو ونلعب من دون رادع أو خوف، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع مستوى الجريمة، وتكرار لنفس الأحداث ونفس المشهد؛ وكأن القتل بات تقليدا و إعادة سرد لنفس الأحداث. اليوم يجب أن نكون يقظين فقد يأتيك الموت على بغتة ومن أقرب الأشخاص إليك فلم نعد نأمن أحدا ولا نستثني أي شخص لا أهل ولا قريب ولا صديق، وحتى لو لم تأتك الطعنة من أحد قد يكون نفس الشخص مرتكبها وينهي روحه بنفسه بشتى الطرق.

إلى متى سيستمر مسلسل الموت ومن الضحية القادمة وممن سوف تكون الضربة من الوالدين ؟أم من الزوج ؟ أم من الأبناء ؟أم من الأصدقاء ؟!.. يجب أن يكون العقاب فوريا وأمام شهود عيان لكي يكونوا عبرة لمن تسول له نفسه في إنهاء حياة أناس أبرياء قتلوا من دون ارتكاب أي ذنب يذكر، ولكي نتخلص من داء التقليد في القتل، ولا أستثني وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من ذلك فقد يكون لها الدور الأكبر في ارتفاع مستوى الجريمة؛ فسرعة انتشار الخبر ونشر الصور والفيديوهات وتناقلها عبر الأجهزة النقالة التي قد تصل لنفوس مضطربة فتكون أشبه بساعة منبه تيقظ القاتل وكأنها تسهل له المهمة وتخبره بأن دورك بالقتل حان الآن، وعلى خلاف ذلك فقد تشكل درسا واقعيا وحكمة مؤثرة لأصحاب العقول الواعية، برأيي الشخصي أرى أن نحد من نشر التفاصيل المرفقة بالصور المروعة فالطبيعي أن تكون عبرة وردعا، لكن الحقيقة قد تكون نقيضا لذلك؛ فقد تتكرر جريمة في اليوم نفسه مع تشابه بطريقة القتل.

يجب أن نقوم بتغيير نمط حياتنا «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» فالأم يجب أن تخصص وقتا أكثر لأبنائها والأب يخصص يوما في الأسبوع لنزهة للعائلة بعيدا عن وسائل التواصل الاجتماعي، والمدرسة يجب أن تقوم بتفعيل دور المرشد التربوي وتقوم بتخصيص حصص أسبوعية للإرشاد ضمن البرنامج الدراسي وبالاتفاق مع المعلم، كل هذا من شأنه أن يعيد الترتيب لحياتنا ويعيد الملامح البريئة لأيامنا وبالتالي سوف نشهد انخفاضا في مستويات العنف و الجريمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى