احداث اقتصاديةاقتصادالاخبار الرئيسية

استيراد المركبات الكهربائية.. مخاطرة أكبر والتأمين خارج نطاق المسؤولية

رؤيا نيوز – لم يتخيل محمد أنه سيبيع سيارته التي ابتاعها من المنطقة الحرة بخسارة فادحة بعد أن واجه مشكلة مصنعية لم تشملها كفالة الشركة الوكيلة للسيارة.
فلم يكن يعلم محمد الثلاثيني أنه سيدخل في دوامة لا نهاية لها عند بدئه بمشروع شراء سيارة ليصطدم بفرق السعر الكبير ما بين المنطقة الحرة ووكيل السيارة الكهربائية كورية الأصل والمستوردة من الصين.
محمد الذي قرر التحول نحو الخيار الجديد الجذاب، الا وهو السيارات الكهربائية، خاصة أنها تتميز برسوم وضرائب أقل بين فئات السيارات، توجه بناء على نصيحة الأهل والأصدقاء للمنطقة الحرة في الزرقاء، ليجد سيارة كهربائية شبه جديدة تقل عن سعرها بالوكالة بنحو 5 آلاف دينار.
ويقول محمد، الذي يعمل كمصور فتوغرافي، أنه قام بفحص السيارة عند أفضل مراكز الفحص ولم يجد فيها عيبا واحدا الأمر الذي شجعه على شرائها على الفور، معتبرا أنها صفقة رابحة وقرار اقتصادي متميز في حينه، ولكنه لم يكن يعلم أنه سيبقى وحيدا في مهب الريح لاحقا.
محمد اليوم نادم على قراره، ويوضح لـ”الغد” أن ندمه كان بعد عام واحد من امتلاك سيارته الكهربائية، فقد علم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبالتحديد من صفحة جروب ملاك السيارات الكهربائية من نفس النوع، أن الشركة الصانعة للسيارة طلبت استدعاء كل السيارات من نفس موديل سيارة محمد، وذلك لوجود عيب في برمجة بطارية السيارة الكهربائية قد يؤدي لارتفاع حرارتها وقد يؤدي ذلك لاشتعالها ومواجهتها مخاطر الحريق.
شعر “محمد” بالقلق، وقام بالتواصل مع مركز صيانة أكد له المعلومة، وأخبره بضرورة مراجعته ليتم التأكد من شمول سيارته لعملية الاستدعاء العالمية من الشركة الصانعة.
وفعلا قام محمد بزيارة مركز صيانة الوكالة الذي قام المسؤولون فيه بأخذ معلومات سيارته، وأخبروه بأنهم سيراسلون الشركة الصانعة للتأكد من شمول سيارته في عملية الاستدعاء وكذلك والأهم طلب تغطية تكاليف استبدال البطارية والتي يبلغ ثمنها حوالي عشرة آلاف دينار تقريبا (أي ما يعادل نصف قيمة السيارة عندما ابتاعها محمد قبل عام، وأكثر من ثلثي قيمتها اليوم).
وبعد عدة أيام، جاء الجواب الرسمي من الشركة الصانعة، والذي ينص على “نعم سيارتك ضمن السيارات التي يجب تبديل بطاريتها، وللأسف الشركة الصانعة غير موافقة على تغطية تكاليف استبدالها نظرا لان السيارة مباعة في الصين وتتمتع بكفالة مصنعية داخل الصين فقط، وكونه قد تم بيعها لشخص آخر غير مالكها الأول في الصين، وتم إعادة تصديرها إلى الأردن، فإنها تفقد احقيتها في الكفالة المصنعية أو في الدخول على أي عملية استدعاء إلا اذا تم اعادتها للصين.”
لم يجد محمد أي خيار للتوجه لأي جهة حكومية متخصصة بحماية المستهلك أو ضمان حقوقه، سوى اللجوء للقضاء، وحتى التاجر الذي باعه السيارة لن يتحمل أية مسؤولية قانونية حسب القوانين والأنظمة الحالية عن السيارة بمجرد أن قام بإصدار بيانها الجمركي وتسجيلها باسم محمد عند إتمام عملية البيع، وكذلك لا تتحمل وكالة السيارات المحلية، أي مسؤولية هي الأخرى كون السيارة غير مصدرة أصلا للأردن ومواصفاتها مخصصة للسوق الصيني.
وبعد هذا كله، قرر محمد بيع سيارته التي لا تظهر عليها أي مشكلة، والتي لم تقطع مسافة كبيرة، بخسارة وبسعر تقل عن قيمتها السوقية، وذلك لعدم استعداده لدفع ثمن بطارية جديدة.
أما بخصوص تغطية التأمين الشامل للسيارات الكهربائية المستوردة من الخارج، والمشاكل التي قد تطرأ عليها وبالذات تلك المتعلقة بالبطاريات، بين علاء عبد الجواد الرئيس التنفيذي لشركة سوليدريتي الأولى للتأمين أن “وثيقة التأمين الشامل بشكل عام تغطي حوادث الصدم والسرقة والحرائق، ولا تغطي أي أعطال ميكانيكية أو كهربائية لأي جزء من أجزاء المركبة لا يكون ناتجا عن حادث”.
وبخصوص السيارات الكهربائية المستوردة من الخارج من غير الوكيل المعتمد، أوضح عبد الجواد لـ”الغد”: “لكل شركة تأمين سياستها الخاصة والتي تتعلق بتوفير خدماتها، وقد تتحفظ بعض الشركات على توفير برامج التأمين الشامل للسيارات الكهربائية المستوردة من الخارج التي لا تتوفر قطعها ولا إمكانية خدمتها لدى الوكيل المحلي”.
أما بالنسبة لمسؤولية شركة التأمين عن توفير قطع الغيار، فقال عبد الجواد:” صاحب السيارة عليه واجب التأكد من توفر القطع سواء من الوكيل أو من التجار قبل شراء السيارة، والتأمين الشامل لا يعني تعهدا مفتوحاً من قبل شركة التأمين بتوفير القطع، فعلياً شركة التأمين غير مسؤولة عن توفير القطع وهي في حال عدم توفرها من قبل الوكيل المحلي للسيارة يمكنها ان تخير العميل المؤمن له صاحب المركبة اما بتعويض مادي عادل يمثل قيمة القطع التقديرية أو في حال إصراره على توفير القطع فالانتظار لحين احضارها خصيصا من الخارج وهو أمر قد يستغرق وقتا طويلاً”.
أما أحمد، الذي يعمل في جهه حكومية، يقف يوميا أمام سيارته الكهربائية التي اشتراها قبل 9 أشهر من المنطقة الحرة بقرض من البنك، لا لتأمل جمالها بل ليندب حظه التعس! فسيارته الكهربائية الجديدة لا تعمل بربع كفاءتها بسبب عطل في البطارية! وما يغيظه فعليا أن عطل البطارية مشمول باستدعاء من الشركة الصانعة، ولكن الشركة الصانعة لن تشمله بالاستدعاء ولن تغير له البطارية لان سيارته تم تصنيعها أصلا للاستعمال داخل بلد شرق آسيوي! وليس للأردن.
وعند مراجعته للوكيل المحلي لهذه السيارة تم إعلامه أن مثيل هذه السيارة المستوردة قانونيا للأردن والشرق الأوسط هي موديلات تم فحصها وشحنها من قبل الشركة الصانعة وعند القيام بالاستدعاء زودتهم الشركة الصانعة ببطاريات بديلة.
هذه القصص التي حصلت لمستهلكين أردنيين اغرتهم أسعار سيارات مستوردة لتكلفهم بعد ذلك آلاف الدنانير، أو لتقف أمام منزلهم كـ”كومة حديد”، أو ليتم بيعها لمواطنين آخرين سيأخذون هذه السيارات المقلب ليتم تداول هذه المصائب بين المواطنين.
فهذه السيارات التي يتم استيرادها للأردن من قبل بعض التجار ترفض الشركة العالمية الصانعة لها ان تغطيها بالمجمل بأي كفالة أو صيانة، ولا تقبل أن تزود وكيلها بالأردن بقطع غيار أو برامج تحديث وصيانة لها، ببساطة لانها وصلت الأردن بشكل غير مصرح به من قبل الشركة الصانعة.
من جانبه، قال ممثل قطاع المركبات في هيئة المستثمرين في المناطق الحرة جهاد أبوناصر إن استيراد البضائع الجديد في الأردن غير محصور بالوكيل وفقا للقانون، وبذلك فإن أي بضاعة جديدة تكون خارج كفالة الوكالة، وهذا ينطبق بالتأكيد على المركبات.
وبين أبوناصر أن المواطنين يلجأون للشراء من المنطقة الحرة كونها أقل سعرا من الوكالة ولكن الفرق أن الأخيرة توفر الكفالة والصيانة وخدمة ما بعد البيع وهذا أحيانا لا يهم الكثير من المواطنين الذين يبحثون فقط عن السعر الأقل.
ورأى أن وعي المواطن في قرار الشراء مهم جدا وأنه من أحد أنواع التوعية أنه يوجد “قارمة” كبيرة في المنطقة الحرة توضح أن المركبة التي ليست من الوكالة ليس عليها كفالة.
وبين أبوناصر أن الوكيل مجبر على توفير قطع الغيار والصيانة للمركبات المباعة عن طريقه ولكن التاجر في المنطقة الحرة غير مجبر وهذا يعلمه المواطن لأن فرق السعر واضح.
ورأى أن الأعطال المصنعية وارد حدوثها وحتى في كبرى الشركات المصنعة ويجب أن يعي المواطن ذلك، وبعض المواطنين يقومون بتأمين سياراتهم تأمينا شاملا لكي لا يقعوا في مشكلة كما حدث مع محمد.
وبين أن هناك العديد من المستثمرين الذي يخططون لفتح شركات متخصصة بتوفير الكفالة للسيارات الجديدة على السوق أو توفير قطع الغيار اللازمة أو حتى الصيانة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى