اراء

الإصلاح السياسي بحاجة لتعديل الدستور

من ضمن المهام التي قررها جلالة الملك لأعضاء اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية مراجعة النصوص الدستورية المتصلة حكما بقانوني الانتخاب والأحزاب السياسية وآليات العمل النيابي.

ولهذه الغاية، تقوم لجنة التعديلات الدستورية المنبثقة عن اللجنة العامة بدراسة التوصيات والمقترحات التشريعية التي تصدر عن باقي اللجان الفرعية الأخرى، لغايات التحقق من مطابقتها لأحكام الدستور ابتداء، وإجراء المقتضى التشريعي من خلال مراجعة النصوص الدستورية، بالقدر الكافي والضروري لتحقيق الإصلاح السياسي.

وتكمن الحكمة من منح اللجنة الملكية اختصاصا على الدستور الوطني في أن ما يقدم من أفكار وتصورات إصلاحية قد تكون بحاجة إلى «دسترتها» في نصوص مكتوبة تضفي عليها مشروعية دستورية. فكما هو ثابت فقها، فإن الدستور يعلو في المنظومة التشريعية في الدولة، وأن أي تشريع مكتوب لا بد وأن يتوافق مع نصوصه وأحكامه. فإن كان هناك مقترح إصلاحي في صيغة قانون أو نظام يتعارض مع نصوص الدستور، فإن ذلك التشريع سيتم الطعن بعدم دستوريته في المستقبل والحكم بإلغائه.

إن مسيرة الإصلاح السياسي يفترض بها أن تكون تكاملية، وأن تكون نصوص الدستور متوافقة مع أي مستحدثات تشريعية تتعلق بتحديث القوانين السياسية، إلا أن ذلك لا يمنع من إعادة النظر بالنصوص الدستورية الحالية لتتماشى مع أي رؤى إصلاحية جديدة توافق عليها الأمة من خلال نوابها، باعتبار أن الأمة هي مصدر السلطات. فإن ثبت ما أوصت به لجنتا الانتخاب والشباب من ضرورة تخفيض سن المرشح لمجلس النواب، فإن هذا المقترح بحاجة إلى تعديل المادة (70) من الدستور التي تحدد سن عضو مجلس النواب بثلاثين سنة شمسية. وكذلك الحال بالنسبة للمقترح الذي تنظر به لجنة الأحزاب السياسية بأن يتم نقل الاختصاص في متابعة شؤون الأحزاب من وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية إلى الهيئة المستقلة للانتخاب، فإن هذه التوصية ستتطلب تعديل المادة (67/2) من الدستور، بإضافة اختصاص جديد للهيئة المستقلة إلى جانب مهامها في إجراء الانتخابات النيابية والبلدية، وأي انتخابات أخرى يكلفها بها مجلس الوزراء وفق أحكام القانون.

ولا يغيب عن بال لجنة التعديلات الدستورية في هذا الإطار، أن المنظومة الدستورية لا تقتصر فقط على النصوص المكتوبة الواردة في الدستور الأردني، وإنما يُلحق بها ما صدر عن المجلس العالي لتفسير الدستور والمحكمة الدستورية من قرارات تفسيرية.

فهذه الأحكام التفسيرية تعتبر جزءاً من القواعد الدستورية الوطنية التي يجب أن يقاس في مواجهتها المقترحات التشريعية التي ستصدر عن اللجنة الملكية. فالتصورات المستقبلية ذات الصلة بالنظام الانتخابي المقترح من قوائم وطنية حزبية مغلقة وأخرى مفتوحة على مستوى المحافظة سيتم الحكم على دستوريتها من خلال النصوص المكتوبة وما صدر من قرارات تفسيرية.

وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن القرار التفسيري يصدر بالاعتماد على نصوص دستورية موجودة، حيث تقوم الجهة المفسرة بالوقوف على إرادة المشرع الدستوري والغاية من إيرادها، بهدف الإجابة على تساؤل ما لم يرد له حكم واضح في الدستور. أما وإن جرى إضافة نص صريح مكتوب إلى الدستور أو تعديل الحكم الذي جرى تفسيره، فإنه يقدم من حيث التطبيق على القرار التفسيري الذي يفقد الغاية والهدف منه. وهنا يشترط في النصوص الجديدة أو المعدلة أن تكون متوافقة مع القواعد الأساسية العليا التي يقوم عليها النظام الدستوري الأردني من حيث أن نظام الحكم نيابي ملكي وراثي، وأن الأردنيين متساوون أمام القانون لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات.

(الرأي)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى