اراء

البيئة على صفيح ساخن!

نضال المجالي

من يتابع باهتمام ما تكتبه الصحفية فرح عطيات في يومية الغد حول قضايا البيئة الأردنية وحالها وكل ما يتعلق بالشأن البيئي، يجد اننا لن نعيش حقيقة «استدامة» كفعل ومفهوم واقعي وليس كتصريح منتهي إلا في حالة واحدة، تتمثل «باستدامة» التزام ما تقدمه الزميلة فرح في اهتمامها ومتابعتها المتخصصة المستمرة في هذا الشأن، بحيث لو تم جمع كل ما تكتبه من تقارير وتحليلات لتمكنا من اصدار تقرير حالة البيئة الاردنية المتأخر حتى اليوم، وغير ذلك من جهات الاختصاص لا تتجاوز «الاستدامة» في عملها سوى عنوان لبرامج ومنح لمشاريع مصروفة وسفريات لمؤتمرات وتصريحات تلفزيونية استعراضية.

حال البيئة في الأردن اشبه بحال المتقلب على صفيح ساخن، لا يجمعه او يضبط حركته وتفاعله او حتى يلمس اثره بفاعلية لا بشر ولا هواء ولا حيوان او طبيعة تحيط بنا، وما تقدمه كثير من التقارير الدولية للباحث بعمق يعلم ما اتحدث عنه، وليس ما يتم اجتزاؤه من فقرات او كلمات ايجابية من تلك التقارير من قبل المعني في اي موقع ادارة وضبط ومتابعة وانفاذ لقانون، اكان يتبع وزارة مختصة او منطقة بقانون خاص او مؤسسة تنموية او بلدية او حتى جمعية تعنى بالعمل البيئي بتمثيل اوسع، والتي تتحول فيه تلك التصريحات مع تراكمها لصورة واقع بيئي مجزوء وضبابي، ولكن للأسف ضباب تشكل من غازات الطبطبة على بعض القرارات وغبار التسويف على المراسلات والمصالح التي لا تنقشع في الهواء او تذوب في الماء او تتحلل في الطبيعة تحت مسميات كثيرة مما يجعلها مستمرة وذات أثر سلبي اكبر واطول عمرا تعكسه كثير من القضايا والمخاطر البيئية القائمة او المستجدة او المُرحلة سنويا.
عندما اقول البيئة على صفيح ساخن أستند لأكثر من واقعة منها ما عشته شخصيا من تجربة عملية، ومنها ما يصدر من تقارير على «زعل وإلزام» من جهة الصدور، او تقرير لم يصدر اصلا بالرغم من وجوب صدوره ودون وضوح لأسباب التأخر، منها مثلا آخر تقرير وطني لنوعية المياة والذي صدر قبل اربع سنوات، وآخر تقرير حول حال البيئة اردنيا والذي اصدرته وزارة البيئة قبل ثماني سنوات، وتأخر صدور او تفعيل قوانين وتعليمات واشتراطات كثيرة مختصة، مما استدعى حضورا قويا لوزارة الداخلية مكررا في ظل غياب وزارات ومؤسسات وهيئات الاختصاص، واما عالميا وبحسب «الإسكوا» في احدث تقرير لها صدر حديثا منذ شهر او اكثر تقريبا لم يتم ادراج الأردن فيه على قائمة الدول التي شارفت على تحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ17 التي نتغنى بها في المناخ ولا حتى في الحياة تحت الماء او غيره، كما وعالميا اكد تقرير الأداء البيئي العالمي (EPI) لعام 2022 تراجع الأردن إلى المركز 81 في ترتيب دول العالم متراجعاً 33 مركزاً، ليصدر تبريرا رسميا ان السبب هو الاستناد إلى ادخال بيانات خاطئة! ليفتح التبرير سؤالا اهم وهو اين انتم مما يُرسل من بيانات؟ وما هي المرجعية والرقابة لتلك البيانات؟ لولا غيابكم!
حال البيئة اردنيا يغيب فيه العمل والتنسيق الجاد، وفي غالبه بعيد عن التوافق الوطني والمؤسسي -وقد يعترض الكثير-، ولكن ليس من حماة ومهتمي ومختصي البيئة والاستدامة، واقول لمن سواهم اعملوا على الاقل لضمان تحقيق مخرجات رؤية التحديث الاقتصادي، والتي ركزت على الموارد المستدامة والبيئة المستدامة وجودة الحياة، لتكون ملموسة وليست كما يتم استعراضها في الاجتماعات الرسمية، والتي استبدلتموها بالبحث عن منحة دولية ومشاركة في مؤتمر عالمي او تعليق شماعة التراجع البيئي بالاشارة الى انه عمل مشترك بين كافة مؤسسات وأفراد الوطن، لاقول انكم صدقتكم في ذلك! ولكن هل يعني هذا ان وجودكم كان مجرد «ديكور»؟ ورخصة دولية لجلب المنح؟ اوليس في الاصل هو ادارة وتوحيد تلك الجهود والعمل المشترك!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى