Categories: اراء

التطوير العقاري ومدن المستقبل مفتاح الانتعاش الاقتصادي للاردن

محمود علي الدباس

تعتبر مشكلة تأمين السكن وتخفيض كلف المعيشة من اهم وابزر التحديات التي تواجه المواطن الاردني على مدار العقود الماضية.

لم تفلح الحكومات على نحو واسع ، في ايجاد معادلة تحقق اهداف وجودها وغاية اي حكومة في هذا الجانب ، الا وهي الوصول الى رفاه شعبها بإتباع سياسات اقتصادية واجتماعية حصيفة ، تؤدي الى بلورة جهود كافة الاطراف لتحقيق لذلك.

بإختصار وفي ضوء كثرة التجارب التي لم تحقق الكثير من النجاح ، يبدو الامر منطقيا تماما في تجربة طريق جديد نحو تحقيق التنمية الاقتصادية المأمولة ، ومواجهة التباطؤ الاقتصادي من خلال تبني الحكومة مشروع وطني لتوفير السكن للمواطنين عبر استثمار اراضي الخزينة بهذا الجانب ، في مختلف محافظات المملكة ، بحيث يصبح التطوير العقاري شعار الحكومة للخروج من الازمة الاقتصادية التي تتأثر فيها مختلف القطاعات الاقتصادية.

والذي سيكون في باب توزيع مكاسب التنمية على مختلف المحافظات والمدن.

جربنا وصفات اقتصادية كثيرة ، لتكن هذه الوصفة جزءً من هذا التجارب ، والتي بالتأكيد وبحسب مختلف الخبراء ان فرص نجاحها اكبر ، في تحسين المناخ الاقتصادي ، بالنظر لتأثير عمليات التطوير العقاري على مختلف الانشطة الاقتصادية ، من خلال الفرص الاستثمارية والمشاريع التي ستنشأ ، ولكن بشرط ان نستفيد من اخطاء التجارب السابقة في موضوع الاسكان الذي تبنته الحكومات ، ونبني على نجاحات القطاع الخاص في مشاريع التطوير العقاري التي نعاين نجاح الكثير منها.

خاصة ما يتعلق بالفكر الجديد والمنفتح الذي تتبعه شركات التطوير العقاري في تكوين اتجاهات جديدة في استقطاب المواطنين واقناعهم للاستثمار في اماكن جديدة بعيدا عن زحام المدن ومراكزها المكتظة ، لفضاءات جديدة ، استطاعت ان تنشئ بنى تحتية وان تقييم مجتمعات عمرانية وفق احدث الطرز المعمارية والتي تراعي الحداثة والذوق الرفيع ، بإستغلال اراضي كانت الى وقت قريب قاحلة وبعيدة عن الخدمات ، فاضحت مناطق تضج بالحياة والناس.

هذه المشاريع على محدودية عددها ، كانت في جوهرها مؤشرا على نجاح مثل هذه الانشطة العقارية في تحريك القطاعات الاقتصادية المختلفة وانعكاسها ايجابيا على المناخ الاستثماري في التطوير العقاري والتأثير على مستويات الاسعار للشقق المعدة للبيع ، فكانت المناطق الجديدة التي تم الاستثمار فيها الاكثر مبيعا، واسهمت في اعادة التوازن لمعدلا الاسعار والاهتمام بشراء الاراضي والمساكن فيها اكثر من غيرها من الاماكن في قلب المدن التي ارتفعت اسعارها بفعل ارتفاع اسعار الاراضي فيها وكذلك تكاليف الانشاء.

ان وضع هدف التطوير العقاري للاراضي البعيدة عن مراكز المدن “مدن المستقبل” سوف تكون فرصة ذهبية للاقتصاد الاردني في تحقيق عدد من الاهداف ليس اقلها زيادة فرص المواطنين من تملك شقة سكنية باسعار متدنية مقارنة بأسعار الشقق والاراضي في محور المدن التقليدية.

هذا بالاضافة الى تشغيل الايدي العاملة في تلك المشاريع من مختلف المهن وتحقيق زيادة ملحوظة في استفادة القطاعات الاقتصادية المتداخلة مع قطاع العقارات بشكل مباشر وغير مباشر.

وبالتالي فإن عجلة الاقتصاد سوف تدور وتحقق زيادات ملموسة في التداول العقاري ما سينعكس على تحصيلات الحكومة من الرسوم والضرائب ذات الصلة.

وان الشراكة ما بين القطاع العام والقطاع الخاص سوف يوفر على الحكومة مئات الملايين التي تتطلبها تجهيز البنية التحتية للاراضي التي يمكن ان توفرها الحكومة من املاكها بحيث يتحمل قطاع التطوير العقاري هذه الكلف.

كما ان استثمار القدرات الوطنية في مجال تصنيع المباني الجاهزة سوف يخفف من كلف انشاء المساكن ويتيح انشاء مساكن نموذجية وصديقة للبيئة وتوفير مساحات خضراء في محيط تلك المساكن ، هذا بالاضافة لما ستكون عليه التجمعات السكنية وما ستحتويه من ملاعب وحدائق وشوارع وخدمات متكاملة من مدارس ومراكز طبية ومراكز تسوق ومتنفسات خضراء.

وبالتالي فإن الحل الانسب ينبغي ان يكون في قيام القطاع الخاص بهذا الجهد ، والذي سيكون له نتائج لافتة في ترجمة رؤية التحديث الاقتصادي على ارض الواقع ، بعيدا عن انتظار المشاريع الحكومية الكبرى التي قد ترتطم بالبيروقراطية وعدم وجود التمويل لاطلاقها.

ان اتاحة مثل هذه الفرصة الاستثمارية سوف تجذب ليس الشركات العقارية الاردنية فقط ، انما ستكون جاذبة لشركات عربية واجنبية للاستثمار فيها والدخول في شراكات مع القطاع الخاص الاردني.

لا سيما وان الجدوى الاقتصادية لمثل هذه المشاريع لجهة المطورين العقاريين هي في حق امتلاك المباني الخدمية كأماكن التسوق والمساحات المعدة للخدمات الصحية والرياضية والتعليمية في تلك المدن وادارتها وتأجيرها لصالحها كجزء من استرداد رأسمالها الذي انفقته على تجهيز البنى التحتية والخدمات الرئيسية

وستكون مثل هذه المشاريع ، بوابة للراغبين من العرب والاجانب بالاقامة والاستثمار وشراء المساكن في المدن الجديدة والطامحين بالتمتع بالاستقرار السياسي والامني في الاردن.

والتي ستقام على هامشها العديد من المشاريع الصناعية والخدمية والتجارية ، لتصبح هذه المدن محركا اقتصاديا اساسيا في تحويل الاردن الى نقطة جذب لرؤوس الاموال العربية والاجنبية.

ما فائدة ان تبقى عشرات الالاف من الدونمات دون اي استثمار في اي مجال خاصة ان اغلبها لا يصلح للزراعة والاستثمار الممكن فيها سوف يكون لغايات التطوير العقاري وبناء التجمعات السكنية ، التي ستؤدي الى سحب الكتل السكانية نحو الاطراف وبالتالي التخفيف من الضغط على البنية التحتية لمراكز المدن وشوارعها وخدماتها.

editor

Recent Posts

الطواقم الطبية تخلي مستشفى “المعمداني” بعد إنذار الاحتلال

أخلت الطواقم الطبية في مستشفى "المعمداني" بمدينة غزة، الأحد، الجرحى بعد إنذار الاحتلال بإخلاء مناطق…

18 دقيقة ago

أحزاب اليسار تتصدر الانتخابات التشريعية الفرنسية

تشير التقديرات الأولية لنتائج التصويت في الانتخابات التشريعية في فرنسا إلى تصدّر تحالف اليسار في…

36 دقيقة ago

عطية لن يترشح للانتخابات المقبلة

اعلن النائب السابق خليل عطية عدم ترشيح نفسه للانتخابات النيابية القادمة. وتاليا نص البيان :…

49 دقيقة ago

“حزب الله” يعلن عن أكبر عملية لقواته الجوية منذ بدء العدوان على غزة

أعلن "حز.ب الله" اللبناني، عن أكبر عملية لقواته الجوية منذ بدء العدوان على قطاع غزة.…

57 دقيقة ago

ادارة مهرجان جرش: لا صحة لوجود شركات مقاطعة من ضمن داعمي المهرجان

كشفت إدارة مهرجان جرش اليوم الأحد، حقيقة ما يتم تداوله عبر منصات التواصل الاجتماعي في الأردن بشأن وجود شركات…

ساعة واحدة ago

أبو السعود يبحث عن ظهور قوي لـ”الجمباز” في أولمبياد باريس

يتطلع لاعب المنتخب الوطني للجمباز الفني، أحمد أبو السعود، إلى كتابة التاريخ، وذلك عندما يخوض…

ساعة واحدة ago