الاخبار الرئيسيةدوليعربي ودولي

الحرب تفتح شهية إسرائيليين لإعادة الاستيطان في غزة

حاملا سلاحه بيد وهاتفه النقال بيده الأخرى، قال جندي إسرائيلي في رسالة مسجلة لأصدقائه من على شاطئ غزة: “أنا على الشاطئ بغزة في غوش قطيف”.

ففي الحرب التي تشنها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول الماضي على قطاع غزة، توغلت مئات الدبابات وعشرات آلاف الجنود داخل القطاع، وعليه بدأت أسماء مثل “غوش قطيف” تعود إلى وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الإسرائيلي.

و”غوش قطيف” كان تجمعا استيطانيا مخالفا للقانون الدولي، مقاما على الأراضي الفلسطينية، ويضم 21 مستوطنة صغيرة امتدت على ساحل قطاع غزة من جنوبه إلى وسطه، وكان يسكنه 8600 مستوطن قبل أن تفككه إسرائيل في أغسطس/آب 2005 في إطار انسحاب أحادي من القطاع.

لكن إسرائيل أبقت على حصارها على قطاع غزة، مع تحكمها بالمواد التي تدخل إليه وتخرج منه، ما أدى إلى استمرار الصراع.

ويقوم جنود إسرائيليون بنشر صور وهم يرفعون العلم الإسرائيلي في مناطق يصلها الجيش شمال قطاع غزة، وسط مقاومة من الفصائل الفلسطينية.

وعلى الفور قام مسؤولون إسرائيليون، بينهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بإعادة نشر هذه الصور، محتفيا بها بالقول: “شعب إسرائيل حي”، على حد تعبيره.

وفي مقابلة مع القناة 12 العبرية، مساء السبت، قال بن غفير، زعيم حزب “القوة اليهودية” اليميني المتطرف: “الآن أنا أدعو لاحتلال قطاع غزة”.

والأربعاء الماضي، نقلت صحيفة “هآرتس” عن وزير التعليم من حزب “الليكود” يوآف كيش عدم استبعاده التحرك لإعادة المستوطنات إلى قطاع غزة.

وقال: “يمكن بالتأكيد إعادة الاستيطان في القطاع”، مضيفا: “لا يوجد وضع قائم ولا شيء مقدس”.

ولفت إلى أنه ينضم بتصريحه إلى تصريحات الوزراء وأعضاء الكنيست في الأسابيع الأخيرة، الذين عبروا عن رغبتهم في إعادة بناء المستوطنات في قطاع غزة.

واستدرك: “أوضح مسؤول إسرائيلي كبير أن نتنياهو لن يسمح بتجديد المستوطنات في قطاع غزة، وقال إن إسرائيل تعتزم الانسحاب منه في نهاية القتال”.

ولكن تصريحات تأييد عودة الاستيطان إلى قطاع غزة تتصاعد بما في ذلك في أوساط الجنود الإسرائيليين.

وفي إحدى الصور يظهر 3 جنود يقفون إلى جانب دبابة وهم يحملون لافتة كتب عليها “غوش قطيف.. لقد عدنا”.

المحلل العسكري بصحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل، كتب الاثنين: “يوميا تقريبا، تظهر مقاطع فيديو من داخل غزة، القادة والجنود وهم يدلون بتصريحات متفاخرة حول إعادة استيطان غوش قطيف”.

وأضاف: “لم يتمكن رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) ولا رئيس أركان الجيش الإسرائيلي (هرتسي هاليفي) من ترتيب بيتهما في هذا الصدد، واضطر نتنياهو إلى إصدار توضيح بأن إسرائيل لا تنوي العودة إلى غوش قطيف”.

وردا على سؤال بمؤتمر صحفي في تل أبيب عن موقفه بشأن الدعوات لإعادة الاستيطان في “غوش قطيف”، رأى نتنياهو أنه “ليس هدفا واقعيا”.

وأضاف: “ستكون غزة منزوعة السلاح ولن يكون هناك تهديد من قطاع غزة لإسرائيل، ولكي يحدث ذلك هناك حاجة إلى سيطرة أمنية كاملة على قطاع غزة”.

أما الوزير في المجلس الحربي بيني غانتس، فقال في نفس المؤتمر: “كل ملاحظاتنا فيما يتعلق بالسيطرة على القطاع وما حوله يجب أن تتم لأسباب أمنية فقط، وهذا ما نفعله الآن”.

غير أن صور الجنود الذين يرفعون العلم في غزة وعودة بعضهم للحديث عن الاستيطان وصلت إلى المؤتمرات الصحفية للناطق بلسان الجيش دانيال هاغاري.

وردا على سؤال بشأن انتشار هذه الصور، قال هاغاري في المؤتمر الصحفي مساء السبت: “الخطاب السياسي يبقى في الخارج، ليس جزءاً من المهمة”.

وأضاف: “الجيش الإسرائيلي هو جيش دولة، وبالتالي لا مكان لهذه الصور في الحرب، تم توضيح الأمر للقادة والجنود في الميدان”.

ومع ذلك ظهرت في شبكات التواصل الاجتماعي صورة لـ3 جنود يحملون لافتة عليها اسم مستوطنة كانت جزءا من “غوش قطيف”.

الجنود حملوا على شاطئ بحر غزة لافتة تحمل اسم مستوطنة “نيفا ديكاليم” التي كانت جزءًا من غوش قطيف، ولم يتضح ما إذا كان ذلك قبل التوضيح الذي تحدث عنه هاغاري أو بعده.

صحيفة “يديعوت أحرونوت” قالت الأحد، إن “علامات الاستفهام التي أحاطت باليوم التالي لانهيار حماس كثفت الخطاب حول تجديد الاستيطان الإسرائيلي في قطاع غزة”.

وكتب مؤرخ الاستيطان حجاي هوبرمان، في الموقع الإلكتروني للقناة السابعة التابعة للمستوطنين، الأحد، إن المفهوم الأمني الإسرائيلي هو بالضبط الذي أدى إلى إقامة المستوطنات في غزة لغرض تقطيع أوصال القطاع”.

وقال: “كان الخط الرائد للتفكير بالاستيطان في قطاع غزة هو قطع التواصل العربي في القطاع من خلال إقامة مستوطنات إسرائيلية”.

وأضاف: “لذا ربما يكون تجديد الاستيطان في قطاع غزة منطقيا بعد كل شيء – حتى لو كان ذلك لأسباب أمنية فقط”.

ولم تتوقف دعوات “العودة الى غوش قطيف” عند حد بعض الجنود والسياسيين الإسرائيليين بل وصلت أيضا إلى فنانين.

فقد غنى المغني حنان بن آري لعدد كبير من الجنود في قاعدة عسكرية جنوب إسرائيل مؤخرا “نحن عائدون إلى غوش قطيف”.

وكتبت ميكي ليفين في صحيفة “معاريف” يوم 6 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري: “في محاولة منه للمساهمة بهذه الأيام الصعبة من القتال لرفع معنويات الجنود، ظهر المغني (بن آري) أمام مجموعة جنود وغنى معهم: نحن عائدون إلى غوش قطيف، نلعب الكرة الطائرة الشاطئية، ونؤسس شاطئ نوفا على شاطئ غزة – شعب إسرائيل حي”.

وبن آري هو مستوطن بشمال الضفة الغربية ويحمل مواقف يمينية متشددة.

وأضافت معاريف: “لأول مرة، يقف المغني بن آري، الذي كان حتى الآن خاليا من الرسائل السياسية ومحبوبا من الجميع، في خضم خطاب سياسي مثير للانقسام بين اليمين واليسار، مرتبطا بالجانب الأيمن من الخريطة السياسية”.

والمؤيدون للاستيطان بغزة ليسوا نسبة قليلة من المجتمع الإسرائيلي بحسب نتائج استطلاع نشرته صحيفة “معاريف” يوم الجمعة.

وطبقا للاستطلاع فإن 41 بالمئة من الإسرائيليين يؤيدون مغادرة غزة بعد الحرب، و44 بالمئة يريدون إبقاء سيطرة إسرائيل عليها.

وفي هذا المجال، قال 33 بالمئة إنهم يؤيدون مغادرة القطاع بعد انتهاء الحرب ونقل السيطرة إلى جهات دولية، فيما قال 8 بالمئة إنهم يؤيدون مغادرة القطاع ونقل السيطرة إلى السلطة الفلسطينية.

بينما أيّد 22 بالمئة إبقاء قطاع غزة تحت السيطرة العسكرية والأمنية الإسرائيلية فقط، مقابل تأييد 22 بالمئة لبقاء إسرائيل في القطاع، بما في ذلك إقامة المستوطنات، في حين لم يملك 15 بالمئة من المشاركين بالاستطلاع إجابة محددة.

ويتناقض الحديث عن الاستيطان في قطاع غزة مع وعود قالت واشنطن إنها تلقتها من إسرائيل بعدم إعادة احتلال قطاع غزة.

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في مؤتمر صحفي بطوكيو الخميس: “لا إعادة احتلال لغزة بعد انتهاء الصراع، ولا توجد محاولة لحصار غزة، ويجب علينا أيضًا أن نضمن عدم صدور أي تهديدات إرهابية من الضفة الغربية”، وفق تعبيره.

وسبق لبلينكن أن أشار إلى أن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة الأمريكية بأنها لا تنوي إعادة احتلال غزة.

وبموجب القانون الدولي، تعتبر جميع المستوطنات في الأراضي المحتلة “غير شرعية”، وقالت الأمم المتحدة في أكثر من مناسبة إن توسيعها “ينتهك” قانون حقوق الإنسان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى