اراء

الدخل السياحي .. هل نصدق الاحصائيات ام صوت انين القطاع

محمود علي الدباس

على مدى سنوات طويلة طالب القطاع السياحي بأن تكون الاحصائيات الصادرة عن الحكومة والبنك المركزي حول ارقام الدخل السياحي التي يتم الاعلان عنها في فترات متقطعة من العام شفافة وتعكس واقع القطاع السياحي على ارض الواقع.

ويرى العاملون في القطاع السياحي الاردني ان الارقام الصادرة عن البنك المركزي لا تعكس الواقع ، الذي يعيشه القطاع فعليا.

امس صدرت احصائية عن البنك المركزي حول الدخل السياحي خلال الخمسة شهور الاولى من العام الحالي ، واظهرت ان الدخل السياحي بلغ 1.9 مليار دينار بانخفاض عن الفترة ذاتها من العام الماضي نسبته 6.5 % ، وارجع البنك المركزي هذا الانخفاض الى تراجع الحركة السياحية بنسبة 10% .

في حديث مع احد المستثمرين في القطاع السياحي ، اكد تعجبه من هذه الاحصائية وكل الاحصائيات السابقة ، مؤكدا ان القطاع السياحي تراجع بنسبة 90% وليس 10% .

متسائلا عن الالية المتبعة والمعادلة في التوصل لمثل هذه النتائج وتلك الارقام ، مضيفا ان واقع الحال يحدث عن نفسه وان كل القطاعات السياحية والمترابطة معها تعاني اشد المعاناة جراء تأثيرات ما يحدث في الاقليم ، ولا يخفى على احد الاخبار المتواردة عن الغاء حجوزات كبريات شركات السياحة العالمية لبرامجها السياحية للاردن والمنطقة بشكل عام جراء الحرب في غزة والتخوف من الصراع الدائر في المنطقة.

وتلك الشركات العالمية هي المصدر الاول والاساسي في تغذية الاردن بالسياحة الاجنبية ، ويسري ذلك على شركات الطيران العالمية ومن ضمنها الطيران منخفض التكاليف ، الذي كان يعول عليه الاردن في رفع نسب السياح القادمين اليه.

ومن خلال متابعتي واحتكاكي بالقطاع السياحي من فنادق ومطاعم سياحية وشركات سياحة وسفر ونقل سياحي والعاملين بالحرف اليدوية ، لمست بشكل واضح اثر التراجع في اعداد السياح ، وبالتالي فإن السؤال الازلي للحكومة والجهات المعنية في القطاع السياحي حول تعريفها للسائح الذي يتم احتسابه ضمن هذه الاحصائيات ؟؟

لا سيما وان احصائيات البنك المركزي حول الدخل السياحي تتضمن اعداد الاردنيين المقيمين في الخارج وهم في اغلبهم يأتون لزيارة اهلهم ولا يمكن انطباق صفة السائح عليهم بالمعنى المقصود؟

يبدو من الضروري ولمزيد من مواجهة الحقائق ووضع الامور في نصابها الصحيح ومواجهة المشكلة بوضوح ، ان يتم فرز واعادة هندسة هذه الاحصائيات لتظهر بشكل جلي الدخل السياحي المتأتي من خلال المجموعات السياحية التي تأتي للاردن من خلال شركات السياحة والسفر او افراد وضمن برنامج سياحي متعارف عليه يتضمن حجوزات الطيران والفنادق وبرنامج الزيارات للمواقع السياحية في المملكة.

اذ ان هذا المؤشر هو الوحيد القادر على توفير احصائية دقيقة حول القطاع السياحي والدخل السياحي بشكل واضح لا لبس فيه.

كما ان لدى الحكومة والبنك المركزي العديد من الادوات للقياس عليها في تحديد الدخل السياحي الحقيقي الناشئ عن قدوم مجموعات سياحية وافراد للمملكة بغرض السياحة.

ومن ضمنها البيانات المالية للشركات العاملة في السياحة من فنادق وشركات سياحة وسفر ونقل سياحي ، بالاضافة الى الوسائل الملموسة في القياس من خلال الدخل المالي للمواقع السياحية والاثرية والتي تتم بموجب تذاكر لها قيمة مالية ، يسهل من خلالها الوصول للارقام الحقيقية للدخل السياحي.

وان ذلك سوف يخدم الخطط الحكومية في مواجهة التحديات وامكانية تشريح القطاع السياحي لمعرفة اسباب الضعف والقوة فيه ، وبالتالي وضع الحلول العملية لدعم القطاع السياحي ومنعه من الانهيار.

اذ لا بد وكما قلت في اوقات سابقة من توفير الدعم للقطاع السياحي خلال الازمات ، لابقائه على قيد الحياة ، باعتباره قطاع اساسي في دعم الاقتصاد الوطني ، و لا يمكن التفريط به في الظروف الصعبة التي يتعرض لها لاسباب خارجة عن ارادته ، والتي من المؤكد انها لن تطول كثيرا.

وعليه فإن مسؤولية الحكومة ومصلحتها في ايجاد خطط طارئة لتقديم الدعم للمستثمرين في القطاع السياحي من فنادق ومطاعم سياحية ، وشركات سياحة وسفر ونقل سياحي واصحاب مهن الحرف اليدوية والادلاء السياحيين وغيرهم ، والحرص على ديمومة هذا القطاع ، وبعكس ذلك سوف تكون هناك كارثة ومعضلة حقيقية ، بعد ان تزول اسباب التراجع ، وبالتالي فإن قيام الحكومة بواجبها نحو هذا القطاع ، اساسيا ومحوريا ، لخدمة الاقتصاد الوطني ، واستدامة انشطة القطاع ، لان ترك القطاع السياحي بكل مكوناته لمواجهة مصيره وحيدا ، سوف ينعكس بالتأكيد على قدرة الاردن على سرعة التعافي بعد زوال الاخطار الاقليمية وتوقف الحرب ، ويكون من الصعب ان نعيد بناء قطاع تقطعت اوصاله وتفككت اركانه وتكون الكلفة اضعاف مضاعفة عما يمكن تقديمه من دعم مالي وحوافز وتسهيلات خلال هذه الفترة العصيبة على القطاع .

وكما يتفق الجميع على ان القطاع السياحي قطاع اساسي ومفصلي في هيكل الاقتصاد الاردني ، وخزان وافر لفرص العمل ، فإن هذه الحقيقة لا بد ان تترجم على ارض الواقع بمسؤولية وقرارات مصيرية راشدة ، تمكن مكونات هذا القطاع الحيوي من الاستمرار والبقاء ، وان يكون على اتم الاستعداد بعد انقشاع الغمة من الانطلاق وخدمة الاقتصاد الوطني.

Mahmoud Dabbas

Recent Posts

الحسين إربد والوحدات في نهائي كأس الأردن غدا

يلتقي فريقا الحسين إربد والوحدات عند الساعة السابعة والنصف من مساء يوم غد السبت على…

دقيقة واحدة ago

شركة البوتاس العربية تهنئ ولي العهد بعيد ميلاده الميمون

يتشرف رئيس مجلس إدارة شركة البوتاس العربية المهندس شحادة أبو هديب وأعضاء مجلس الإدارة، والرئيس…

14 دقيقة ago

الأردن يدين المصادقة على 5 بؤر استيطانية في الضفة الغربية

دانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين قرارات وإجراءات الحكومة الإسرائيلية التي تكرس الاحتلال للأراضي الفلسطينية عبر…

19 دقيقة ago

الكوفحي: إجراءات جديدة للتعامل مع مشروع الصرف الصحي في المغير

أعلنت بلدية إربد الكبرى عن البدء بتطبيق إجراءات وآليات جديدة للتعامل مع مشروع الصرف الصحي…

56 دقيقة ago

ازدحام على حملة التبرع بالدم لقطاع غزة في مجمع النقابات المهنية -صور

شهد مجمع النقابات المهنية إقبالا كبيرا من الأردنيين للمشاركة في حملة التبرع بالدم لصالح قطاع…

ساعة واحدة ago

الخارجية تدعو الأردنيين إلى تجنب السفر للبنان

في ضوء التطورات التي تشهدها المنطقة، وحرصاً على سلامة المواطنين الأردنيين في الخارج، تهيب وزارة…

ساعة واحدة ago