اراء

الدلابيح والمعايطة.. الشهادة خيار رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه

صاغت الأقدار مصيرا متشابها رغم الشقة الزمنية بين الشهيدين العقيد الدكتور عبد الرزاق الدلابيح نائب مدير شرطة محافظة معان، و”أسد القلعة” العقيد الركن سائد المعايطة، في حادثة قلعة الكرك التي تصادف ذكراها السادسة يوم غد الأحد.

فرصاصة الغدر وجهتها أياد آثمة وخارجة عن القانون، خططت للعبث بمقدرات الوطن وممتلكاته.

الشهيدان الدلابيح والمعايطة رفاق درب وسلاح، مضيا على خطى الفداء، ملبين نداء الواجب، وما استكانا يوما في الذود عنه والسعي نحو تطهيره من دنس العابثين والمجرمين والقضاء على الفتنة في أوكارها والمحافظة على أمن الوطن ومواطنيه، وعند ساعة النذير أطلق الجبناء رصاصتهم الغادرة اتجاههما، فارتقيا شهيدين إلى بارئهما، صادقين بما عاهدا الله عليه، فيما بقيت ذكراهما ماثلة في وجدان الأمّة، تعكس صورة من أعظم صور الشجاعة.
وأبى الأردن أن يفلت المجرمون الخارجون عن القانون من قبضة العدالة، ولا يتوانى عن الضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه الإخلال بالأمن والنظام العام والتعدي على الممتلكات العامة وحقوق المواطنين.

و كعادتهم يقف الأردنيون خلف قيادتهم الهاشمية الحكمية، بعز وفخار صفّا واحدا وحصنا منيعا في وأد الفتن وإطفاء نيرانها ونبذ العنف ومكافحة التطرف.
وتحيي حادثة قلعة الكرك، في الذاكرة الجمعية شهداء الوطن، وبطولاتهم وتضحياتهم، الذين سطّروا بحروف من نور ، أروع أمثلة الصمود والثبات، وبذل الغالي والنفيس فداء لتراب الوطن الطهور.
قال العميد الركن المتقاعد الدكتور حسين العزام، حينما نستحضر حادثة قلعة الكرك، لابد من الإشارة للشهيد سائد المعايطة، الذي قاتل بشراسة، وبكل شجاعة وبسالة، إذ تقدّم على رأس فريقه داخل القلعة وأبلى بلاء حسنا، حتى ارتقت روحه إلى بارئها.
وواصل الشهيد الدلابيح، حمل رسالة سائد، الذي لم يتوان هو الآخر في تلبية نداء الوطن، وملاحقة الخارجين عن القانون.
العزام المتخصص في التخطيط الاستراتيجي وإدارة الأزمات، أشار إلى أن الشهيد المعايطة يُعد مثالاً لضابط الأمن المجتهد الحريص على علمه وتأدية واجبه، فقد أشاد أساتذته بتميزه وتفوقه.
بينما عُرف الشهيد الدلابيح، بأخلاقه والتزامه وتفانيه بالعمل وحبه للعلم وله العديد من الكتب والرسائل العلمية والأبحاث المنشورة في مجلات محكمة.
وقال “نتألم حينما نخسر مثل هؤلاء الرجال وضباط الأمن المميزين، وما زال ابطالنا الاشاوس يقدمون التضحيات تلو التضحيات، والذين نذروا أنفسهم للذود عن ثرى الوطن”.
ودعا إلى تعزيز منظومة التخطيط الاستراتيجي على المستوى الوطني، من أجل التعامل مع الأزمات الوطنية، وضرورة الاستفادة من خبرات المتخصصين في هذا المجال، لإعداد خطط وطنية وتقادير موقف شاملة تبين كيفية التعامل مع الازمات وتداعياتها وخطورتها.
واوضح أن الأردن شكل وما زال سداً منيعاً في وجه كل محاولات العبث بامنه واستقراره، فهو بلد الاعتدال والمساواة و”رسالة عمّان” و”كلمة سواء” و”أسبوع الوئام العالمي بين الأديان”، وغيرها من المساهمات الأردنية الفاعلة على المستويين الإقليمي والدولي.
وركّز على أهمية الدور الملقى على عاتق الإعلام في مكاشفة المواطنين بالحقائق، حتى لا يكون للإشاعات مكان بينهم، مشيرا في الوقت ذاته إلى أهمية التنشئة الأسرية ومحاربة الفكر بالفكر، وضرورة إعداد برامج تحصين فكري للشباب.
من جهته، يقول المتخصص في علم اجتماع الجريمة الدكتور مراد عبدالله المواجده، ان استشهاد العقيد الدكتور عبد الرزاق الدلابيح هي فاجعة للوطن مثلما حدث باستشهاد العقيد الركن سائد المعايطة، معددا مناقب الشهيدين اللذين نالا شرف الشهادة، وهو أرفع وسام يناله قائد لشجاعته.
وبين المواجدة، وهو أستاذ علم الاجتماع في كلية العلوم الاجتماعية في جامعة مؤتة، أن حق التعبير عن الرأي وفي إطاره السلمي ظاهرة كفلها الدستور الاردني ولا تبرر الاعتداء على رجال الأمن والممتلكات العامة وقطع الطرقات وأية سلوكيات غير حضارية .
ولفت إلى دور الأجهزة الأمنية في مكافحة في مكافحة الجريمة بأشكالها كافة، والتصدي لكل محاولات العبث بامن واستقرار الوطن ومقدراته والسلم المجتمعي.
الوزير المفوض السابق بمجلس وزراء الداخلية العرب الدكتور صالح السعد، بين أن للأسرة دورا في حماية الأبناء من الجريمة والتطرف، إذ تشكل خط الدفاع الأول عن أبنائها ورعايتهم وتحصينهم وتعزيز أمنهم الفكري، وهي في الوقت نفسه هي مصدر القيم الأخلاقية والدينية والسلوكية، إلا أن دور الأسرة تراجع، بسبب انتشار شبكات التواصل الاجتماعي وما تقدمه من محتوى.
وأكد أن المؤسسات التعليمية، لها دور مكمّل لدور الأسرة، ويتحقق هذا الدور من خلال عدة عوامل منها: إلزامية التعليم حتى سن معين، ومشاركة المدارس والجامعات في تنمية المجتمعات المحلية، وإجراء أعضاء هيئة التدريس في الجامعات وطلاب الدراسات العليا المزيد من دراسات مكافحة التطرف والإرهاب والوقاية منها، ومساهمة المناهج بمواد دراسية استشرافية خاصة بأضرار التطرف ومخاطره، وتنظيم حلقات دراسية مجتمعية توعوية شاملة خاصة لدى الفئات المستهدفة.

أستاذ القانون الإداري والدستوري في الجامعات الأردنية الدكتور حمدي القبيلات، يقول ان الإرهاب بمختلف صوره شكّل تحديا رئيسا، واجه العالم بأسره، وهدد استقراره منذ مدة زمنية ليست بالقصيرة، ولكن تنوع وسائله وازدياد خطورته، بات أمرا مقلقا في السنوات الأخيرة، ولم يكن الأردن بمعزل عن العالم في هذا المجال بل كان له الدور الفاعل في مواجهته على الصعد الوطنية والإقليمية والدولية كافة.
وأشار إلى أن الأردن يؤكد دائما على ضرورةَ الامتثال والتطبيق الكامل لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، والتي من أهمها القرارات ذوات الأرقام: 1267، 1989، 2253، 1373 والقرارات الأخرى ذات الصلة التي تستهدف تجفيف منابعه.
وأشار القبيلات إلى أن الأفعال الإرهابية بحد ذاتها هي مخالفة لكافة المواثيق والشرائع المعنية بحقوق الإنسان، فالإرهاب يشكل اعتداء على أقدس حقوق الإنسان وهو حقه في الحياة وسلامة جسده.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى