احداث اقتصاديةاقتصادالاخبار الرئيسية

الزعبي يطالب الحكومة بالافصاح عن الانفاق الرأسمالي الحقيقي .. هناك فرق بين ما يرصد وما ينفق

طالب الكاتب الاقتصادي عبد المنعم عاكف الزعبي في مقال له، الحكومة الاردنية بضرورة ان تكون اكثر شفافية ، حول حقيقة الانفاق الرأسمالي الذي يتم رصده في موازنة الدولة كل عام.

وفرق الزعبي بين ما يتم رصده في الموازنة من ارقام في جانب النفقات الرأسمالية وما يتم انفاقه خلال العام ، كما اشار الى ان العديد من البنود التي يتم ذكرها في الموازنة العامة تحت مسمى “نفقات رأسمالية” لا تكون كذلك ، مطالبا بإتباع “المنهجية العلمية لتصنيف النفقات”.

مشيرا الى ضرورة التوقف عن التسويق لموازنة الدولة كارقام قياسية من قبيل ، “أعلى” و”أكبر” و”لأول مرة”، وما إلى ذلك من عبارات تسويقية للإنجازات والمخصصات المالية المرصودة.

وفيما يلي نص المقال

أعلى إنفاق رأسمالي

عبد المنعم عاكف الزعبي

تستمر وزارة المالية عاما بعد عام بتلميع النمو في بند الإنفاق الرأسمالي في الموازنة، الهدف من ذلك ربما التأكيد على دور الحكومة في تحفيز الاقتصاد، أو ربما إثبات التزام الحكومة بمشاريع رؤية التحديث الاقتصادي، وقد يكون السبب سعيا لتحقيق الأرقام القياسية من نوع “أعلى” و”أكبر” و”لأول مرة”، وما إلى ذلك من عبارات تسويقية للإنجازات والمخصصات المالية المرصودة.

الفيصل في المعادلة ليس الرقم التقديري المرصود في الموازنة، إنما الإنفاق الحقيقي الذي يتم إعلانه في الحسابات الختامية للمالية العامة، فيمكن للحكومة أن ترصد ما تشاء وتنفق من هذا المرصود ما تشاء أو ما تستطيع إنفاقه، العبرة إذا في النتائج.

هذه النتائج للأسف لم تكن مبشرة خلال الأعوام المنقضية، لا بل إن المسألة تجاوزت انخفاض الانفاق الفعلي عن المقدر بالموازنة، حيث تم في العام 2022 تصنيف دعم المحروقات بقيمة 350 مليون دينار كإنفاق رأسمالي، رغم كونه إنفاقا جاريا خالصا، كما تم خلال نفس العام تصنيف رفع رأسمال شركة حكومية خاسرة ضمن النفقات الرأسمالية للحكومة، رغم أن إطفاء خسائر الشركات الحكومية جزء من الدعم المباشر (الجاري) وليس الاستثمار الاستراتيجي (الرأسمالي)، والنتيجة أن رقم الإنفاق الرأسمالي لعام 2022 بدا مرتفعا رغم أنه في واقع الأمر انخفض عن العام 2021.

تعقيد إضافي بدأنا نشاهده في بيانات الموازنة العامة للعام 2024، فوزارة المالية صرحت بأن الإنفاق الرأسمالي المقدر بنحو 1.72 مليار دينار، هو الأعلى في تاريخ المملكة، والمشكلة أن بند الإنفاق الرأسمالي ذاته بلغ 1.9 مليار دينار في موازنة 2022، أي أننا إما أمام حساب خاطئ أو أن المقارنة جرت مع أرقام الإنفاق الفعلي وليس المقدر في موازنات الأعوام الماضية. وفي الحالة الأخيرة ندخل في لغط جديد، إذ أن أرقام الموازنة خلال العديد من الأعوام الماضية كانت الأعلى بتاريخ المملكة إذا ما قورنت بالإنفاق الفعلي، وهذا ليس إنجاز، ولكنه يدخل في باب المبالغة في التقدير أو التأخر في التنفيذ – إذا لم يرافقه ارتفاع فعلي في الإنفاق.

وجود فارق كبير بين الرقم المقدر والفعلي للإنفاق الرأسمالي له العديد من الدلالات السلبية، منها أن وزارة المالية توفر المبالغ المطلوبة للنمو الاقتصادي، ولكن الوزارات الأخرى غير قادرة على التنفيذ والإنجاز، ومنها أيضا أن الحكومة تحاول دعم النمو عبر الانفاق الرأسمالي، ولكن طبيعة المشاريع الرأسمالية القائمة غير محفزة للنمو.

كذلك يبرز احتمال أن تكون وزارة المالية تستخدم الموازنة لأغراض تسويقية بدلا من أن تكون مؤشرا حقيقيا لخطة العمل الاقتصادية السنوية، أو أن الوزارة غير قادرة على بناء تقديرات دقيقة للإنفاق الرأسمالي.

من المؤكد بأن الحكومة لا ترغب بإرسال أي من الرسائل السابقة، لذلك نتمنى أن تثبت تقديرات وزارة المالية دقتها في موازنة العام 2024، وأن تكون الأولوية هذ العام للإنفاق الفعلي والالتزام بالمنهجية العلمية لتصنيف النفقات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى