Categories: اراء

السعودية والأردن.. أعمق من رواسي الإقليم

سميح المعايطة

في منطقتنا المتخمة بالأزمات والحروب على مدى أكثر من قرن من الزمان، ترسخت حقائق أقوى من جغرافيا المنطقة وتضاريسها ومنها العلاقة بين الأردن والسعودية، علاقة تختلف عن كثير من العلاقات؛ لأنها تكتسب قوتها ووجودها من عوامل الجغرافيا والتاريخ والمصالح والقيم، علاقة لا يمكن أن تفقد عنصرا من عناصرها تحت أي متغيرات سياسية أو تقلبات في الإقليم.

ومع كل أزمة تمرّ بها المنطقة يتأكد لكل متابع أن هذه العلاقة القوية ضرورة لاعتدال المنطقة ووسطيتها، وفي نفس الوقت ضرورة لمنع اختلال التوازن السياسي حين يطغى تطرف من أطراف أخرى، أو نزوع إلى إرهاب أو طائفية.

وفي الأزمات ذات الألوان المختلفة لا يمكن للمنطقة أن تستعيد توازنها إلا بمجموعة علاقات في الإقليم أهمها العلاقة الأردنية السعودية التي تمثل لونا مهما في الإقليم في طبيعة الأنظمة السياسية والمضمون والقدرة على الحضور النوعي في كل مرحلة قلقة أو جنوح أي بلد إلى فوضى أو تطرف أو تحالفات خارج إطار الاستقرار الإقليمي.
ومثلما هي السعودية ثقل سياسي دولي وعنوان إسلامي وبوصلة للاقتصاد العالمي لا يمكن لمعادلات العالم تجاوزه فإن الأردن عنوان للاعتدال الواعي وصوت عربي يدرك مصالح الأمة ويعمل على خدمتها، ولهذا حين تدخل المنطقة في أي حالة قلق قصير أو طويل الأمد لا يمكن للقوى العالمية المؤثرة إلا أن تلجأ إلى السعودية والأردن في أي سعي لإزالة التوتر وأيضا لأنهما عنوان لفهم مصالح المنطقة.

وخلال العقود الأخيرة وفي ظل أصابع العبث بالإقليم التي مارستها قوى سياسية تحت توجيه من دول كبرى وصغرى فإن الأنظمة الملكية في المنطقة وفي مقدمتها السعودية والأردن امتلكت مخزون تجربة وحكمة في تجنيب المنطقة ما أمكن من الأثمان، وقدمتا تجارب مهمة في الحفاظ على الاستقرار الداخلي بل الذهاب إلى انطلاق قوي في مجالات عديدة.

وفي فترة العدوان على غزة التي حاول البعض أن يأخذ المنطقة عبر بوابة استغلال لصدق المتعاطفين مع معاناة أهل غزة إلى مناطق أخرى من عدم الاستقرار أو تفريغ أحقاد أو تنفيذ أجندات لدول وتنظيمات كان جوهر العلاقة الأردنية السعودية الأصيل القوي حاضرا في السند للأردن ووقفة أكدت أن هذه العلاقة أقوى من تضاريس المنطقة، وأهم من البنى الهشة من الحقد على البلدين والشعبين، وان ما تحت الأرض من رواسي هذه العلاقة لا يمكن لمراهقي السياسة وتجار الحروب فهمه وإدراك عمقه وأصالته.

ليست الجغرافيا المتواصلة بين البلدين أو المصالح هي التي تتكئ عليها هذه العلاقة، لكنها وحدة المصير التي مهما تغيرت بعض تفاصيل الإقليم فإنها لن تضعف ووحدة الهوية التي لا يمكن إلا لمن يدرك معنى الهوية أن يدركها.

editor

Recent Posts

#عاجل.. : العثور على شخصين متوفين في منطقة صحراوية نائية ضمن اختصاص البادية الجنوبية

عُثر على شخصين متوفيين في منطقة صحراوية نائية ضمن اختصاص البادية الجنوبية بعد بلاغ ورد…

23 دقيقة ago

وثائق مسربة تضع شركة تبغ عملاقة في ورطة .. ما القصة؟

نشرت قناة cnbc عربية تقريرا بعنوان "وثائق مسربة تضع شركة تبغ عملاقة في ورطة ..…

24 دقيقة ago

الأردن يحصد عددا من الجوائز بمسابقات الدورة 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون

فاز تلفزيون المملكة ومؤسسة الإذاعة الأردنية بالجائزة الأولى في مسابقات الدورة الـ 24 للمهرجان العربي…

35 دقيقة ago

المستفيدون من قرض الإسكان العسكري لشهر 7 – أسماء

أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي/ مديرية مؤسسة الإسكان والأشغال العسكرية بان…

37 دقيقة ago

الاحتلال يعتقل 9450 فلسطينيا بالضفة والقدس منذ 7 تشرين الأول

قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين ونادي الأسير الفلسطيني، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت أكثر…

50 دقيقة ago

إلغاء مئات الرحلات الجوية في كندا بسبب إضراب عمالي

ألغت شركة الطيران الكنديّة "ويست جيت" الليلة الماضية 235 رحلة، بعد الإعلان المفاجئ عن إضراب…

ساعة واحدة ago