Categories: اراء

السيناريو الرابع في الضفة الغربية

يبدو الوضع في الضفة الغربية مفتوحا على كل الاحتمالات، مع هذه العمليات التي تقع، وأفعال الإسرائيليين التي تتكرر كل يوم، من اغتيالات واعتقالات، داخل الضفة الغربية بما فيها القدس.

من الواضح تماما أن إسرائيل تعود إلى الضفة الغربية، بعد أن خرجت الأمور عن سيطرة سلطة أوسلو، والأجيال الجديدة من الفلسطينيين، تعيد بلورة الموقف من الاحتلال، خصوصا، في ظل قضايا أساسية، أولها عدم انجاز أي حل سياسي يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية، وثانيها مواصلة إسرائيل سياساتها ضد الضفة الغربية والقدس، وثالثها تردي الأوضاع المعيشية داخل الضفة الغربية، ورابعها حالة الغضب الكامن وضعف شرعية سلطة أوسلو بين أوساط الفلسطينيين.

أيا كانت شخصية رئيس الحكومة الإسرائيلية المقبلة، في حال تشكيلها، فإننا ندور فقط بين أقطاب اليمين الإسرائيلي، مع اختلاف المعالجات، دون اختلاف الجوهر، وهذا يعني في كل الأحوال أن الضفة الغربية تدخل السيناريو الأصعب والأسوأ، خلال الشهور القليلة المقبلة.

التكتيك الإسرائيلي القائم على توكيل المهمات الأمنية لسلطة أوسلو من جهة، واختراق أي تنظيمات موجودة، من أجل تحييدها، قد لا ينجح طويلا، خصوصا، مع بروز جيل جديد لا يتبع التنظيمات المعتادة، ووجود تنظيمات جديدة، لن تكون الأخيرة، إضافة إلى ما له علاقة بالعمليات الفردية التي لا تتخذ أي مرجعية تنظيمة أو حزبية، في عملياتها التي نراها حاليا.

تتعدد السيناريوهات داخل الضفة الغربية، لكن السيناريو الأخطر الذي لا تريده إسرائيل يتعلق بحدوث انتفاضة ثالثة، خصوصا، أن التقييمات تتوقع أن تكون انتفاضة مسلحة وليست سلمية، بمعنى أنها إذا انفجرت الأوضاع فستقف إسرائيل أمام عمليات عسكرية في الضفة الغربية والقدس، وقد تمتد إلى غزة وفلسطين المحتلة عام 1948، خصوصا، مع وجود السلاح اليوم في كل مكان، وحالة الغضب التي تجتاح أيضا فلسطين المحتلة عام 1948 والتي ظنت إسرائيل أنها استطاعت تحييدها، أو تسكينها مؤقتا، وإخراج هذه الكتلة البشرية من المواجهة.

السيناريو الثاني يرتبط بمواجهة متوسطة المستوى تستمر بذات الطريقة الحالية، أي الكر والفر، عمليات هنا ضد الاحتلال، وعمليات إسرائيلية ضد الفلسطينيين، وهذه حرب استنزاف طويلة، قد لا يحتملها الاحتلال، خصوصا، إذا امتدت بشكل يومي إلى القدس، وإلى بعض مناطق فلسطين المحتلة عام 1948، والمراهنة هنا على دور أمني لسلطة أوسلو، قد لا تنجح بل ستؤدي إلى نتائج عكسية تماما، خصوصا، مع عدم قدرة السلطة على تحمل المواجهة مع الفلسطينيين نيابة عن إسرائيل لاعتبارات كثيرة، أهمها أن تعسف الاحتلال، لا يمكن تبريره هنا ولا تمريره.

أما السيناريو الثالث فيرتبط بالكلام عن حل سياسي، ولا يبدو هذا واردا لدى الساسة الإسرائيليين، الذين يراعون متطلبات اليمين الديني المتطرف، الذي يعتبر أرض الضفة الغربية، أرض يهودا والسامرة، ولا يريد تسليم متر منها للفلسطينيين، فيما تبقى هنا عقدة السكان بالمفهوم الإسرائيلي، وهي عقدة يستحيل التعامل معها، عبر الترحيل أو التهجير، بالشكل الذي يتخوف منه البعض، فقد أصبح الوجود الفلسطيني حقيقة لا يمكن تجاوزها في كل الصيغ.

كل ما تريده إسرائيل اليوم هو السيناريو الرابع، أي بقاء الوضع في الضفة هادئا، بلا عمليات أو مواجهات، ومقايضة الفلسطينيين على حياتهم اليومية أو أرزاقهم، وشطب المشروع الفلسطيني، والاستفراد بالقدس والمسجد الأقصى، ومواصلة مصادرة الأراضي، وسجن الفلسطينيين، دون أن يبدي الفلسطينيون أي رد فعل، ويشمل هذا السيناريو حتى غزة، التي يراد إخراجها من التهديد، وتحويلها إلى كتلة محايدة طموحها يتمحور حول الكهرباء، والعمل في المستوطنات الإسرائيلية، وتجنب القتل والقصف الإسرائيلي، والحصار اليومي.

بكل تأكيد فإن السيناريو الرابع الذي اعتادت عليه إسرائيل لسنوات، لا يبدو قائما اليوم، وقد يستحيل استعادته لاعتبارات كثيرة، فيما السيناريو الثالث مجرد مضيعة للوقت، ويستحيل أيضا لاعتبارات إسرائيلية، ولا يتبقى أمام الضفة الغربية إلا السيناريو الأول والثاني.

والخلاصة تقول إن الضفة الغربية تخلع عباءة أوسلو اليوم، وتقف أمام مرحلة جديدة، عنوانها أن الضفة الغربية لن تكون كما كانت خلال عقدي أوسلو، بما فيهما من تفاصيل.

(الغد)

Mahmoud Dabbas

Recent Posts

الطواحين الهولندية الى نصف نهائي يورو 2024 بفوز صعب على تركيا

قلبت هولندا تخلفها أمام تركيا الى فوز 2-1 السبت على الملعب الأولمبي في برلين وبلغت…

7 دقائق ago

الاردن : ارتفاع فوائد القروض السكنية سبب رئيس بتراجع الطلب على الشقق

ما زال الطلب على الشقق السكنية يشهد تراجع بنسبة ٣٠ بالمئة مقارنة بنفس الفترة من…

20 دقيقة ago

“رؤيا نيوز” تهنئ بحلول العام الهجري الجديد

تتقدم اسرة موقع "رؤيا نيوز" ممثلة بالناشر محمود علي الدباس وبالنيابة عن اسرة التحرير والعاملين…

20 دقيقة ago

أداة “Erase Song” المحدثة على YouTube تعمل على إزالة الموسيقى المحمية بحقوق الطبع والنشر وترك الملفات الصوتية الأخرى

يتيح موقع YouTube لمنشئي المحتوى إمكانية الوصول إلى أداة محسنة تسمى “Erase Song” والتي تسمح بإزالة الأغنية المحمية بحقوق الطبع والنشر دون التأثير على الصوت الآخر في الفيديو. تم الإعلان عن ذلك في وقت سابق من هذا الأسبوع، ويتم الطرح الآن، وهو إصدار محدث من “Erase Song” متاح لمنشئي المحتوى. كان الخيار متاحًا سابقًا في الإصدار التجريبي، ولكن ليس لجميع المستخدمين، وكما يقول يوتيوب في مقطع فيديو، لم يكن أداءه رائعًا. يستخدم الإصدار المحدث من هذه الأداة الذكاء الاصطناعي لإزالة أغنية من مقطع فيديو، ولكن دون إزالة حوار منشئ المحتوى أو الأصوات الأخرى. يتم شرح الميزة بشكل أكبر على صفحة الدعم، حيث يقول يوتيوب إن الخيار يظهر على مقاطع الفيديو التي لديها مطالبة بحقوق الطبع والنشر والتي تتعلق فقط بالصوت. وإلى جانب إزالة الأغنية فقط، يمكن للأداة أيضًا كتم الصوت بالكامل خلال أجزاء معينة من الفيديو المتأثرة بمطالبة حقوق الطبع والنشر. إن إزالة جزء معين من الصوت من الفيديو النهائي ليست مهمة سهلة، ويعترف الموقع بأنها قد لا تعمل في جميع الحالات، قائلاً: “قد لا يعمل هذا التعديل إذا كان من الصعب إزالة الأغنية. إذا لم تنجح هذه الأداة في إزالة المطالبة بملكية مقطع فيديو، فيمكنك تجربة خيارات التعديل الأخرى، مثل كتم الصوت بالكامل في المقاطع التي تمت المطالبة بها، أو قطع المقاطع التي تمت المطالبة بها“. قد لا تعمل الأداة أيضًا إذا حصل الفيديو على أكثر من 100000 مشاهدة، ويقول YouTube إن أوقات المعالجة “يمكن أن تختلف“، مما يعني أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت. سيتم طرح “Erase Song” في YouTube Studio على أجهزة سطح المكتب والأجهزة المحمولة في الأسابيع المقبلة.

26 دقيقة ago

بعد علقة ساخنة من حسام.. شيرين تعاني من جرح غائر بالرأس

في جديد المشاجرة بين الفنانة المصرية شيرين عبدالوهاب وزوجها السابق حسام حبيب، كشف التقرير الطبي المبدئي…

37 دقيقة ago

الاحتلال يعلن اغتيال مسؤول عسكري بـ”حز.ب الله”

قال جيش الاحتلال الإسرائيلي، إنه "تمكن من اغتيال ميثم العطار المسؤول في منظومة الدفاع الجوي…

44 دقيقة ago