الشطرنج في يومه العالمي: مسيرة إنجازات يسطرها الأردن عربيا وعالميا

عَرف الأردنيون لعبة الشَّطرنج منذ أكثر من مئة عام، تلك اللعبة الأكثر عراقة وتشبعًا بالفكر والثقافة، لأنَّها مزيج من الرِّياضة والفكر العلمي والعناصر الفنية، ولأنَّه نشاط شامل للجميع وميسور الكلفة يمكن أن يمارسه الجميع في أي مكان، دون اعتبار لحواجز اللغة أو العمر أو نوع الجنس أو القدرة البدنية أو المركز الاجتماعي.

ويُصادف غدًا الخميس اليوم العالمي للشَّطرنج، ورصدت مراحل تطور هذه اللعبة وانتشارها في الأردن، حيث يبلغ عدد اللاعبين اليوم والمصنفين نحو 3 آلاف لاعب، بينهم أكثر من 700 لاعب مصنّف دوليًا، وحصل الأردن على لقب بطل العرب بهذه اللعبة لعام 2022.

وكان رأي المتخصصين بلعبة الشَّطرنج،  أنَّها من الرياضات العقلية، وتعتبر وسيلة هامة لتقوية القدرة على الانتباه والتركيز وحل المشكلات، وتكوين استراتيجيات للتغلب على المواقف المختلفة التي يمكن أن تواجه الفرد.

وتعمل هذه اللعبة حسب المختصين، على تطوير الثقة بالنفس والجرأة واتخاذ القرار بما يخص السمات النفسية، أما على صعيد الجانب الاجتماعي؛ فهي وسيلة لتكوين العلاقات والصداقات والتواصل مع الآخرين واحترام المنافس.

وقال رئيس الاتحاد الملكي الأردني للشطرنج، المهندس نواف ارشيدات، “أن هناك اهتمامًا واضحًا للعبة الشطرنج منذ نشوء إمارة شرق الأردن، إذ كان جلالة المغفور له بإذن الله، الملك المؤسس عبدالله بن الحسين، يمارس هذه اللعبة مع جلالة المغفور له بإذن الله، الملك طلال بن عبدالله مع حسن روحي وأصدقاء آخرين في ديوانه”.

وأضاف: لقد برع المغفور له بإذن الله، سمو الأمير محمد بن طلال في هذه اللعبة، بعد أن تعلمها عن والده جلالة المغفور له بإذن الله، الملك طلال بن عبدالله، وأخذ يمارسها في داخل وخارج الأردن، ولعشقه لهذه اللعبة أسس نادي الشطرنج الملكي عام 1972، وفي عام 1973 تم تأسيس الاتحاد الملكي الأردني للشطرنج، والذي نظم اللعبة على أسس علمية، وتم فتح العضوية لكل من اللاعبين والأندية، وانتشرت هذه اللعبة في جميع محافظات المملكة، ووصل عدد الأندية الفاعلة المنتسبة للاتحاد، نحو عشرة أندية درجة أولى وثمانية أندية درجة ثانية.

وأوضح، أنه أصبح الاتحاد الملكي الأردني للشطرنج في مقدمة الاتحادات العربية من حيث عدد اللاعبين المصنفين والألقاب الشطرنجية وكفاءة المدربين والحكام وتنظيمه لعدد كبير من البطولات العربية والآسيوية في المملكة.

وعن تصنيفات اللاعبين في لعبة الشطرنج، لفت إلى أن هناك العديد من التصنيفات وفقًا للتصنيف الدولي، على صعيد اللاعبين الذكور أستاذ دولي كبير ، وأستاذ دولي، وأستاذ اتحادي, وأستاذ اتحادي مع تصنيف 2200.

وعن القوانين التي تحكم اللعبة في الأردن، أشار إلى القانون الصادر عن الاتحاد الدولي للشطرنج، هو القانون المعتمد ويتكون من جزأين، هما القواعـد الأساسية للعب وقواعد المنافسة، فضلا عن التعليمات الصادرة عن الاتحاد الملكي الأردني للشطرنج.

وأشاد ارشيدات بما حققه لاعبونا ولاعباتنا لهذا العام من إنجازات، أبرزها، الإنجاز الأردني التاريخي الذي حققه اللاعب المتألق أحمد الخطيب، وذلك بتتويجه بطلا للعرب لعام 2022 وحصوله على لقب أستاذ دولي كبير (Grand Master)، وهو أكبر لقب يحمله لاعب شطرنج، ويمنحه الاتحاد الدولي للشطرنج مدى الحياة لمن يستوفي الشروط اللازمة للحصول عليه بتحقيق ثلاث درجات في ثلاث منافسات مختلفة.

وبهذا يكون الخطيب أول لاعب أردني يحقق هذا اللقب بعد تحقيقه المركز الأول في بطولة العرب الفردية للرجال، والتي أقيمت في العاصمة السودانية الخرطوم، وفقا لارشيدات.

ومن بين الإنجازات، بحسب ارشيدات، تصدّرت اللاعبة الصاعدة ربى القضاة، المركز الثالث في بطولة العرب الفردية للسيدات وحصولها على لقب أستاذه دولية (WIM) رغم مشاركتها الأولى في بطولة العرب.

ويبلغ عدد اللاعبين الأردنيين المسجلين في الاتحاد الدولي للشطرنج نحو 2656 لاعباً ولاعبة، منهم 709 مصنفين دولياً، أما أعداد اللاعبين الحاصلين على ألقاب دولية: اثنين من اللاعبين ضمن تصنيف WCM، وستة لاعبين من تصنيف CM، واثنين من اللاعبين ضمن تصنيف WFM، و10 لاعبين ضمن تصنيف FM، وخمسة لاعبين ضمن تصنيف WIM، وستة لاعبين ضمن تصنيف IM، ولاعب ضمن تصنيف GM.

وعن عدد البطولات التي نظمها الاتحاد الملكي الأردني للشطرنج في السنوات الأخيرة، قال: إنه يزيد على مئة بطولة مصنفة دولياً، وأنه يوجد في الاتحاد ثلاثة مدربين دوليين مؤهلين يحملون شهادة التدريب العالمية F T ) Fide Trainer)، لافتًا إلى أنه تم اختيار الأردني سامي خضر رئيساً للجنة المدربين في الاتحاد الدولي للشطرنج، وهذا بحد ذاته دليلاً على تطور الشطرنج الأردني بما يضمه من الكفاءات العلمية والفنية.

وفي هذا الصدد بين أنه يتم ترشيح اثنين أو أكثر للمشاركة في البطولات الدولية والقارية والعربية، كما أنه منذ عام 2022 يشارك عدد من الناشئين الموهوبين في بطولة رلتون الدولية بالسويد.

وأشارت الجمعية العامة للأمم المتحدة على موقعها الإلكتروني، إلى أن الشطرنج لعبة من أكثر الألعاب عراقة وتشبعًا بالفكر والثقافة، ذلك أنها مزيج من الرياضة والفكر العلمي والعناصر الفنية، ولأن الشطرنج نشاط شامل للجميع وميسور الكلفة يمكن أن يمارسه الجميع في أي مكان، دون اعتبار لحواجز اللغة أو العمر أو نوع الجنس أو القدرة البدنية أو المركز الاجتماعي.

كما أن الشطرنج لعبة عالمية تشجع على النزاهة والإدماج والاحترام المتبادل، وتسهم في تهيئة جو من التسامح والتفاهم بين الشعوب والأمم، لذا تتيح لعبة الشطرنج فرصا مهمة فيما يتعلق بتنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وكذلك أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك في مجال تعزيز التعليم، وتحقيق المساواة بين الجنسين، وتمكين النساء والفتيات، وتعزيز الإدماج والتسامح والتفاهم والاحترام.

وأشار الدكتور سالم القرا المدرس في قسم التربية البدنية في كلية العلوم الرياضية في الجامعة الأردنية إلى أن لعبة الشطرنج من الرياضات العقلية، والتي تعتبر وسيلة هامة لتقوية القدرة على الانتباه والتركيز وحل المشكلات، وتكوين استراتيجيات للتغلب على المواقف المختلفة التي يمكن أن تواجه الفرد، فهي تنعكس على تطوير المهارات الحياتية المختلفة واكتساب سمات شخصية ترتقي بقدرات وإمكانات الفرد.

ولفت إلى أن هذه اللعبة تعمل على تطوير الثقة بالنفس والجرأة واتخاذ القرار بما يخص السمات النفسية، أما على صعيد الجانب الاجتماعي فهي وسيلة لتكوين العلاقات والصداقات والتواصل مع الآخرين واحترام المنافس.

وعلى الجانب الرياضي، فهي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالعمليات العقلية من خلال استقبال المعلومات وتحليلها بالجهاز الحسي الحركي وتحسين الترابط والتشابك بالعمل العصبي بالدماغ ما ينعكس على الجانب التوافقي ومن ثم القدرة على اتخاذ القرارات بجودة عالية من خلال اكتساب مهارات تكتيكية في أثناء اللعب وتحليل المواقف المختلفة وإدراكها، بحسب القرا.

أخصائي جراحة الدماغ والأعصاب والعمود الفقري الدكتور بدر عبيدات، قال لقد أسرت لعبة الشطرنج العقول لعدة قرون باستراتيجياتها المعقدة وتحدياتها العقلية، أكثر من مجرد لعبة، فقد ارتبط الشطرنج بالعديد من الفوائد المعرفية، مما يؤثر على وظائف الدماغ والذكاء والذاكرة والقدرات المعرفية والسلوك وحتى اللياقة البدنية.

وأشار إلى أن لعبة الشطرنج تؤثر على العقل والجسم البشري، ذلك أنها تعمل على تعزيز الوظائف المعرفية، فغالبا ما ينظر إلى الشطرنج على أنه “صالة ألعاب للعقل” نظرا لتأثيره الكبير على الوظائف المعرفية، كما يتطلب لعب الشطرنج عمليات عقلية معقدة مثل التحليل والتفكير المنطقي والتعرف على الأنماط وحل المشكلات، مبينا في هذا الصدد، أنه يمكن لممارسة الشطرنج المنتظمة صقل هذه المهارات، مما يؤدي إلى تحسين التفكير النقدي والتخطيط الاستراتيجي وقدرات اتخاذ القرار.

ويعزز الشطرنج مهارات الذكاء وحل المشكلات، فالعديد من الدراسات أشارت إلى وجود علاقة إيجابية بين الشطرنج والذكاء، إذ يميل لاعبو الشطرنج إلى إظهار مستويات أعلى من الذكاء، خاصة في مجالات مثل التفكير الرياضي والوعي المكاني، وأن اعتماد اللعبة على حل المشكلات والحاجة إلى التفكير في الاحتمالات المتعددة يعزز أسلوب التفكير المرن والإبداعي، مما يسمح للاعبين بالتعامل مع تحديات الحياة الواقعية بقدرة أكبر على التكيف.

أما عن تأثير لعبة الشطرنج على الذاكرة والتركيز، أوضح عبيدات أنها تتطلب اللعبة مهارات ذاكرة قوية، حيث يجب على اللاعبين تذكر الحركات والفتحات السابقة والاستراتيجيات المحتملة، فالانخراط المستمر في تمارين الشطرنج في مركز ذاكرة الدماغ، مما يؤدي إلى تعزيز قدرات الاسترجاع في جوانب أخرى من الحياة، كما يعمل الشطرنج على زيادة الانتباه والتركيز، مما يمكن اللاعبين من الحفاظ على القدرة على التحمل الذهني طوال جلسات اللعب الممتدة.

وركّز عبيدات على أن لعبة الشطرنج تؤثر في المرونة العصبية وصحة الدماغ، إذ تم ربط التحفيز الذهني الذي يوفره الشطرنج بتحسين مرونة الدماغ، وغالبا ما يظهر لاعبو الشطرنج العاديون اتصالا متزايدا بين مناطق الدماغ المرتبطة بالذاكرة والانتباه وحل المشكلات، وقد يساعد هذا الاتصال العصبي المحسن في تأخير التدهور المعرفي وتقليل مخاطر الاضطرابات التنكسية العصبية مثل مرض الزهايمر والخرف.

ونوه إلى أن ممارسة لعبة الشطرنج تؤثر على الجانبين السلوكي والنفسي، حيث يعلم الشطرنج مهارات حياتية لا تقدر بثمن تتجاوز اللعبة نفسها، كما يتعلم اللاعبون الصبر والمثابرة والمرونة وأهمية التخطيط الاستراتيجي، لافتا إلى أنه يمكن أن تؤدي الحاجة إلى التفكير طويل الأمد وتأخر الإشباع إلى تعزيز الشعور بالانضباط وضبط النفس، مبينا أنه يشجع الشطرنج أيضا الروح الرياضية الجيدة، حيث يتعلم اللاعبون قبول الهزيمة بأمان وتقدير مهارات خصمهم.

وبين أن لعبة الشطرنج تسهم في حرق السعرات الحرارية واللياقة البدنية، ففي حين أن الشطرنج هو في الغالب نشاط عقلي، إلا أن له بعض الفوائد الجسدية، يمكن أن يؤدي الانخراط في بطولات الشطرنج أو المباريات الشديدة إلى زيادة معدل ضربات القلب وتحفيز حرق السعرات الحرارية، وإن كان ذلك على مستوى متواضع، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون لعب الشطرنج بمثابة منفذ عقلي، مما يقلل من التوتر، ويعزز الرفاهية العامة.

يُشار إلى أنه اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 20 تموز بوصفه اليوم العالمي للشطرنج؛ للاحتفال بتاريخ إنشاء الاتحاد الدولي للشطرنج في باريس عام 1924، وإبرازا للدور الهام للاتحاد في دعم التعاون الدولي للأنشطة في مجال الشطرنج والسعي إلى تحسين الانسجام بين جميع شعوب العالم، فضلا عن إتاحة منصة مهمة لتعزيز الحوار والتضامن وثقافة السلام.

 

 

 

 

 

 

 

 

جيهان العرود

Recent Posts

الكرك: ورشتان تدريبيتان لتعزيز مشاركة المرأة في الانتخابات

عقدت اللجنة الوطنية لشؤون المرأة، يوم الخميس الماضي، ورشتين تدريبيتين في محافظة الكرك لتعزيز مشاركة…

26 دقيقة ago

#عاجل.. جيش الاحتلال يعلن مقتل قائد سرية بمعارك جنوبي غزة

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي اليوم الأحد، مقتل قائد سرية في كتيبة الهندسة 601 في معارك…

ساعة واحدة ago

ستارمر في اسكتلندا لـ”إعادة ضبط” العلاقات بين لندن وأقاليم المملكة

يتوجه رئيس الوزراء البريطاني الجديد كير ستارمر إلى اسكتلندا الأحد، في أول محطّة له ضمن…

ساعة واحدة ago

“الأونروا” تدعو لإجراء تحقيق مستقل بقصف إسرائيل مدرسة تابعة للوكالة

دعا المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، مجددا لوقف إطلاق النار…

ساعة واحدة ago

الترخيص المتنقل للمركبات بلواء بني كنانة غداً

تبدأ إدارة ترخيص السواقين والمركبات، يوم غد الإثنين، تقديم برنامج خدمات الترخيص المتنقل في لواء…

ساعتين ago

افتتاح مشروع الإعمار الهاشمي الرابع للمسجد الحسيني في عمّان

رعى سمو الأمير هاشم بن الحسين، مندوبا عن جلالة الملك عبدالله الثاني، الأحد، افتتاح مشروع…

ساعتين ago