اراء

“الضمان” والتأمين الصحي.. إيجابية جديدة

مرة جديدة، تقدم المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي على خطوة إيجابية جديدة، فبعد أن طبقت برنامج “تعافي”، والذي بموجبه تم تقديم دعم مالي قيمته 30 بالمائة من أجر العامل، مقابل التزام المنشأة بدفع 70 بالمائة من الأجر، وبذلك يحصل العامل على أجره بالكامل، ها هي المؤسسة تنتهي من وضع المسودة الأولى لنظام تأمين صحي، من المتوقع أن يُطبق مع نهاية الربع الأول من العام المُقبل.
إن هذا التأمين، سيُطبق على المؤمن عليهم وأفراد عائلاتهم، المشمولين في “الضمان” من خلال منشآت القطاع الخاص، وكذلك على المتقاعدين من غير المشمولين بالتأمين الصحي الحكومي أو العسكري، مقابل اقتطاع نسبة 3 بالمائة من الأجور.. خطوة رائعة، كبداية لتحقيق الحمايات الاجتماعية المُختلفة لمشتركي الضمان، خصوصًا في ظل ضعف بُنية النظام الصحي في الأردن، وعدم امتلاك نحو ثُلث الأردنيين (33 بالمائة) أي تأمين صحي.
وبشأن ما يطرحه البعض من “وجود 5 أطراف تمول النظام الصحي: التأمين الصحي المدني، الخدمات الطبية الملكية، الشركات الخاصة، صناديق التأمين الخاصة والإعفاء”، فالرد عليهم يكون بأن الهدف الأسمى هو شمول جميع الأردنيين بتأمين صحي موحد، وهو ما يُطالبون به، لكن خيرًا فعلت مؤسسة الضمان، عندما وضعت قدمها على أول الطريق، فقد تُحقق الخطوات هذا الهدف، ويُصبح التأمين الصحي تحت مظلة واحدة، فعندما “تركب المسننات” يكون كل شيء سهل بعد ذلك.
إن إقرار ذلك التأمين الصحي، من شأنه أن يُخفف الضغط الحاصل على المستشفيات الحكومية، في كل أرجاء الوطن، إذ لا يخفى على أحد كم تُعاني هذه المستشفيات، من نقص اختصاصيين وعيادات اختصاص أو قلة أسرة، أو عدم توفير الأدوية، خاصة تلك المرتفعة الثمن.
من شأن هذه الخطوة، إذا ما أُحسن تنفيذها وتطبيقها على أرض الواقع، أن تعزز الحماية الاجتماعية التي وُجدت من أجلها مؤسسة الضمان، وبالتالي تعود بالنفع على العمال وعائلاتهم، خصوصًا أن هناك منشآت أوقفت أو عطلت التأمين الصحي بعد جائحة فيروس كورونا.
وللموضوعية والمهنية، ولكي تكون الحلقة مُكتملة الأركان، واضحة وشفافة، على مؤسسة الضمان أن تجيب عن أسئلة من قبيل: ما هو سبب حصر ذلك “التأمين” في القطاع الخاص؟، وهل سيستفيد منه أولئك المتقاعدين من القطاع الخاص، الذين تجاوزت أعمارهم الـ60 عامًا؟، ولماذا لن يشمل الرعاية الصحية الأولية، وسيقتصر شموله الدخول للمستشفيات وعمليات الولادة فقط؟.
إن المؤمن عليه، سواء أكان في القطاع العام أو الخاص، يُعاني من عدم تحديد المنافع والحزم المُستفاد منها.. نأمل من مؤسسة الضمان الانتباه جيدًا لهذه القضية، وتعمل على تحديدها بوضوح، من غير أي ملابسات، وكذلك سقوف المصاريف، كي لا يستغل أصحاب النفوس المريضة ذلك سلبًا.
نقطة ثانية في غاية الأهمية، تتمحور حول قيمة الاقتطاع، والبالغة 3 بالمائة، الأمر الذي يعني أن العامل سيُصبح مجموع ما يتم اقتطاعه 10.5 بالمائة من أجره شهريًا، وهذا سلاح ذو حدين، أو بمعنى ثان يتضمن إيجابية وسلبية، فأما الإيجابية فتتمثل بحصوله على تأمين صحي يضمن له ولأسرته العلاج، حتى وإن كان متواضعًا أو مُقننًا في الوقت الحالي.
أما السلبية فهو تكبيد العامل مبلغا ماليا جديدا، هو في غنى عنه في الوقت الحالي.. والجميع يأمل أن يكون هناك حل لذلك، في المستقبل القريب، ما يتطلب تعاون وتشارك كل الجهات سواء أكانت حكومية أو قطاعا خاصا أو نقابات مهنية وعُمالية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى