Categories: اراء

“العطارات” مرة أخرى

سلامة الدرعاوي

يرى الكثيرون أن مشروع “العطارات” مشروع ريادي بامتياز، ويأتي استجابة للإستراتيجية الوطنية للطاقة، ويلبي تطلعات المملكة في تعزيز الأمن الإستراتيجي مع تنويع مصادر الطاقة للأردن، بالاعتماد على موارد ذاتية، وأنه سيساهم بأكثر من 23 % من الاحتياجات الإجمالية لتوليد الكهرباء، ناهيك عن كونه نافذة استثمارية مهمة من خلال وجود شركاء أجانب يديرون المشروع كاملا، ومساهمته الكبيرة في التوظيف وتوطين تكنولوجيا حديثة.

 

هذا كله كلام صحيح ولا غبار عليه، ويجب أن يوظف المشروع بشكل واضح لصالح الأردن والمستهلك، من حيث انعكاس مردود مشروع “العطارات” على التعرفة الكهربائية من جهة، وتلبية جميع احتياجات القطاعات المحلية والتقديرية المستقبلية من جهة أخرى.

اليوم هناك إشكالية كبيرة حول “العطارات”، والقضية برمتها موجودة لدى التحكيم الدولي الذي لجأت إليه الحكومة بعد أن فشلت في مفاوضاتها مع الائتلاف المستثمر لتعديل بند شراء الكهرباء منه، نظرا لأن الحكومة اعتقدت أنه غير عادل، ولا يتناسب مع أسعار الشراء الحالية، لذلك استندت في دعواها إلى ما يعرف بالغبن الفاحش.

لجوء الحكومة إلى التحكيم هو حق منصوص عليه في اتفاقية “العطارات” أصلا في حال وجود نزاع، ولا يعيب الحكومة ذلك طالما أن الموضوع يتعلق بالمصلحة العامة لتقليل كلفة الشراء التي ستنعكس على المواطن والخزينة معا.

لكن من حق المواطن أن يطرح مجموعة من الأسئلة حول الأسباب التي أدت إلى هذا الشكل النزاعي لهذا المشروع، ومن يتحمل مسؤولية المشهد الراهن.

في البداية، لابد من التوضيح أن مشروع العطارات هو ملك للقطاع الخاص، بواسطة ائتلاف صيني-ماليزي-إستوني، وقروض المشروع هي على الشركة لا على الحكومة، والقضية منظورة حاليا في هيئة التحكيم الدولية في باريس، ولم يصدر أي حكم فيها كما يشاع.

ومن المتوقع أن يصدر الحكم النهائي في الربع الأول من العام المقبل.

وفي أسوأ السيناريوهات الممكنة، وهو صدور حكم ضد الحكومة لصالح المستثمر الصيني-الماليزي-الإستوني، فإن القرار حينها يعني أن الحكومة ملزمة بتنفيذ اتفاقية العطارات كما اتفق عليها، بشراء الكهرباء بتعرفة 11.8 قرش لكل كيلو واط تقريبا، وهو ما يعني أن الخزينة ستدفع سنويا ما يزيد على 200 مليون دينار تقريبا لقاء ثمن هذه الكهرباء، سواء أنتجت أم لم تنتج، لمدة 30 عاما.

إلى حين صدور القرار، فإن الحكومة ملزمة بالصمت، كما هو الحال بالنسبة للائتلاف المستثمر، فالقضية أمام القضاء الدولي، والخيارات أمام الحكومة محدودة للغاية.

وفي حال انتصارها في المعركة القضائية، سيتم تعديل التعرفة بنسب قد تصل إلى حوالي 30 %، وفي حال الفشل، ستكون ملزمة بالشراء بالسعر المتفق عليه وتنفيذ الاتفاقية بالكامل.

في النهاية، الحكومة مطالبة، مع نهاية هذا الملف في العام القادم وبغض النظر عن النتيجة، بعدم ترك المشروع هكذا دون أن يكون لها مساهمة فيه، والمقصود هنا أن تتقدم الحكومة بعرض لشراء حصة في المشروع، مع كشف صريح للشارع حول كيفية إنجاز هذه الاتفاقية والإجابة بكل شفافية حول اللغط كله الذي شاب القضية.

ومن المطلوب أيضا اتخاذ إجراءات فاعلة ضد أي شخص ثبت تقصيره – إن حدث فعلا – في إعداد هذه الاتفاقية، أو شرح الظروف التي دفعت الحكومات للمضي قدما فيها في ذلك الوقت بشكل نزيه وصريح، مع توضيح واف للأبعاد المالية للمشروع، وآثاره على المواطن والخزينة معا.

Nada Shareef

Recent Posts

#عاجل.. إخماد حريقين في منطقتي سهل حوران والمنصورة

تمكنت كوادر مديرية الدفاع المدني السبت، من السيطرة على حريق أعشاب جافة في منطقة سهل…

دقيقة واحدة ago

مندوبا عن الملك وولي العهد.. العيسوي يعزي آل شحادة

مندوبا عن جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، قدم…

10 دقائق ago

اتفاقية تعاون مشترك بين القوات المسلحة ومركز الملك سلمان لتقديم المساعدات للفلسطينيين -صور

امتدادا للتعاون بين المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية، زار مستشار الديوان الملكي السعودي المشرف…

15 دقيقة ago

وصول 50 شاحنة مساعدات إنسانية أردنية إلى شمال غزة

وصلت، السبت، قافلة مساعدات إنسانية مكونة من 50 شاحنة للأهل في شمال غزة، تم تسييرها…

38 دقيقة ago

عمان الأهلية تُهنّىء بعيد رأس السنة الهجرية

أسرة جامعة عمان الأهلية ممثّلة برئيس مجلس الأمناء دولة عبدالكريم الكباريتي وأعضاء المجلس ورئيس هيئة…

53 دقيقة ago

مجموعة الحوراني الاستثمارية تهنىء بعيد رأس السنة الهجرية

رئيس هيئة المديرين لمجموعة الحوراني الاستثمارية " الشركة الأردنية المتحدة للإستثمار "الدكتور ماهر الحوراني ونائب…

58 دقيقة ago