الاخبار الرئيسيةعربيعربي ودولي

العيد في غزة.. مثل أي يوم آخر بين حطام البنايات وفقدان الأحبة

وسط حطام المنازل، قضى سكان قطاع غزة عيد الأضحى، وهو ثاني عيد إسلامي يحل على القطاع في غمرة الحرب المستمرة منذ أكثر من ثمانية أشهر.

وبينما حذرت منظمات الإغاثة من نقص الإمدادات الغذائية والمياه، وأن أجزاء من القطاع ربما تعاني بالفعل من المجاعة، قالت الإذاعة الأميركية العامة “أن.بي.آر” إن من الصعب الحصول على الغذاء هذا العام، ناهيك عن اللحوم، في إشارة إلى عدم قدرة الأهالي هناك على اقتناء أدنى لوازم العيد.

صحيفة “نيويورك تايمز” قالت إن المقصود من عيد الأضحى هو “التضحية بذبح الغنم أو الماعز أو البقر.. ولكن هذا العام، أصبح كل سكان غزة تقريبا من المحتاجين”.

وكشفت الصحيفة الأميركية أن الجوع سيطر على الأراضي الفلسطينية في الوقت الذي تشن فيه إسرائيل هجوما عسكريا مستمرا لمدة ثمانية أشهر على القطاع وفرضت قيودا شديدة على ما يسمح بدخوله، بما في ذلك المساعدات الإنسانية.

صلاة فوق الركام
وأدى عشرات الفلسطينيين من سكان غزة صلاة العيد صباح الأحد محاطين بالمباني المدمرة، في مشهد يعكس آثار الحرب المستمرة منذ ثمانية أشهر بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية.
ونقلت قناة “الحرة” عن مواطنة فلسطينية قولها إن “هذا العيد ألم وغصة بسبب فقدان الأحباب”.

ونقلت القناة أيضا صلاة العيد في إحدى المناطق الشمالية في القطاع، حيث أدى المصلون هذه الشعيرة وسط الأنقاض.

وقالت ملكية سلمان، لوكالة فرانس برس “آسفة بعد ساعات من حلول العيد. لا فرحة. لقد سرقت منا”.

وتقع خيمة هذه المرأة تحت أشعة الشمس الحارقة في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.

تقليديا، يضحي سكان القطاع الفلسطيني الصغير بالأغنام في العيد، ويتصدقون باللحوم على المحتاجين ويقدمون الهدايا والعيديات للأطفال.

لكن هذا العام، لم تفرح قلوبهم بعد أكثر من 240 يوما من القصف الإسرائيلي المتواصل والعمليات العسكرية التي أدت إلى نزوح 75% من سكان القطاع المهددين بالمجاعة، والذين يناهز عددهم 2,4 مليون نسمة، وفق الأمم المتحدة.

تضيف ملكية سلمان (57 عاما) التي نزحت مع عائلتها من مدينة رفح الواقعة على الطرف الجنوبي لقطاع غزة والتي أصبحت مركز القتال في الأسابيع الأخيرة، “آمل أن يضغط العالم لوقف الحرب لأننا نموت بكل معنى الكلمة”.
ووصل سعر كيلو اللحم إلى 200 شيكل (حوالي 50 دولارًا)، أما الخروف الحي، الذي كان يمكن شراؤه بمبلغ زهيد يصل إلى 200 دولار قبل الحرب، بلغ سعره الآن نحو 1300 دولار “هذا إذا كان متاحًا”، وفق تعبير الوكالة.

وتابع البطش “اليوم، هناك حرب فقط، لا يوجد مال ولا نقود، وليس هناك أي فرصة عمل، لقد تم تدمير منازلنا.. ليس لدينا شيء”.

هدوء نسبي.. ولكن
شهد القطاع، الأحد، يوما من الهدوء النسبي بعد إعلان الجيش الإسرائيلي أنه سيلتزم “هدنة تكتيكية في الأنشطة العسكرية” يومياً.

وأوضح الناطق باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل لوكالة فرانس برس “اليوم ساد الهدوء غالبية مناطق قطاع غزة إلا من بعض الاستهدافات في مدينة غزة بحي الشجاعية والزيتون ومناطق أخرى وفي مدينة رفح جنوب قطاع غزة كان قصف مدفعي من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي”.

وقالت زينة كموني، التي تعيش مع عائلتها في خيمة جنوب غزة في حديث لصحيفة “نيويورك تايمز” إنه “لن يكون هناك أي عيد، ولا أي أجواء عيد” ومضت “لم آكل أي لحم منذ خمسة أشهر”.

وأكدت أن يوم العيد هذا سيكون مثل أي يوم آخر، “تمامًا مثل عيد الفطر” وفق وصفها.

ويتشبث العديد من سكان غزة بالأمل وسط تقارير عن المفاوضات واتفاقات وقف إطلاق النار المقترحة بين إسرائيل وحماس، لكن مرور كل عطلة – بما في ذلك عيد الميلاد وعيد الفصح بالنسبة للسكان المسيحيين القليلين في غزة – هو تذكير بمدى ترسخ هذه الحرب، تؤكد “نيويورك تايمز”.

“لا يوجد شيء”
في السنوات الماضية، تمكن عدنان عبد العزيز (53 عاما) من سكان مدينة دير البلح وسط غزة، من شراء خروف وذبحه في العيد.

في صباح كل يوم عيد، اعتاد هو وعائلته تناول كبد لحم الضأن على الإفطار، وعلى الغداء يعدون طبقًا فلسطينيًا تقليديًا باللحم، ثم يعطون الباقي للعائلة والأصدقاء والمحتاجين.

والآن، وبسبب انقطاع الكهرباء وارتفاع الأسعار في الأسواق، اضطر عبد العزيز إلى الاكتفاء بشراء المواد الضرورية “اعتمادا على ما هو متاح فقط وما يستطيع تحمله”.

وأضاف في حديث للصحيفة الأميركية أن “العيد ليس الشيء الوحيد الذي سيفتقده هذا العام”.

وقال “هناك الزيارات والتجمعات العائلية، وإعطاء المال للأطفال، وشراء ملابس جديدة للجميع، وصنع الحلويات، وصلاة العيد”.

وتابع “لا شيء من هذا ممكن أن يحدث هذا العام، الجميع حزينون”.

آية علي عدوان، 26 عاماً، خطبت للزواج قبل بدء الحرب. وتم تأجيل حفل زفافها، الذي كان مقررا في فبراير بسبب الصراع.

كانت آية تعيش في الأصل بشمال غزة، لكنها اضطرت هي وعائلتها إلى الفرار ثماني مرات خلال الحرب. وهم الآن يحتمون في خيمة ضيقة في دير البلح، حيث تقترب الحرارة من 35 درجة مئوية، مما يجعل الخيمة ساخنة بشكل لا يطاق.
وتقول هذه الشابة “لقد تحطمت معنوياتي، كنا دائما ننشغل بالتحضيرات للعيد، كالخبز والبسكويت، وبالأعمال المعتادة مثل تنظيف المنزل وشراء الملابس، كأي عائلة فلسطينية، لكن هذا العام لا يوجد شيء”.

ارتفاع الأسعار
في حديث لوكالة أسوشيتد برس، قال إياد البيوك، الذي يملك مزرعة ماشية مغلقة الآن في جنوب غزة، إن النقص الحاد في الماشية والأعلاف بسبب الحصار الإسرائيلي أدى إلى ارتفاع الأسعار، بينما تم تحويل بعض المزارع المحلية إلى ملاجئ.

من جانبه، قال عبد الستار البطش إنه وعائلته المكونة من سبعة أفراد لم يأكلوا اللحوم منذ بدء الحرب.
واندلعت الحرب في غزة في 7 أكتوبر 2023 بعد أن شن مقاتلو حماس هجوما غير مسبوق على إسرائيل خلف 1194 قتيلا غالبيتهم مدنيون، وفق السلطات إسرائيلي.

وخلال الهجوم احتُجزت حماس 251 رهينة ما زال 116 منهم في غزة بينهم 41 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم لقوا حتفهم.

وردّت إسرائيل بحملة عنيفة من القصف والغارات والهجمات البرية أدت حتى الآن إلى مقتل ما لا يقل عن 37337 شخص في غزة معظمهم مدنيون وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة في القطاع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى