اراء

الكيان الإسرائيلي.. تحت الضغط الدولي

د.هايل ودعان الدعجة

الضربة النوعية والصادمة التي وجهتها المقاومة الفلسطينية للكيان الإسرائيلي المسخ في 7/10 الماضي، وأذلته وأهانته وأربكت حساباته، والتي ما تزال تداعياتها العسكرية مستمرة إلى اليوم، مثلت نقطة تحول مفصلية في معادلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال الدفع به الى الواجهة العالمية، بسيناريو جديد وغير معهود هذه المرة، كانت الكلمة فيه للمقاومة الفلسطينية، التي فرضت نفسها كقوة تمتلك من الامكانات والقدرات والخطط العسكرية ما جعلها وأهلها لتكون رقما صعبا في هذه المعادلة، ومكّنها من الذهاب بعيدا في مواجهتها العسكرية مع الكيان المسخ الذي نجح في أكثر من مناسبة في تسويق نفسه كقوة لا تقهر في المنطقة، معززة بدعم مالي وعسكري اميركي وغربي غير مسبوق وبمليارات الدولارات، دون أن يتمكن من المقاومة أو يهزها أو يهزمها، ودون أن يساعد ذلك الكيان المسخ على تحقيق أهدافه من العمليات العسكرية التي يشنها على قطاع غزة بأسلحة متطورة وفتاكة.

ومع استمرار صمود المقاومة الأسطوري والبطولي، وتصديها ببسالة لهذه العمليات الوحشية والهمجية، وما رافقها من ارتكاب مجازر وجرائم حرب وإبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني في غزة ظهر هناك تطور آخر على شكل ردود أفعال عالمية غاضبة ورافضة ومنددة بوحشية الكيان الإسرائيلي وارتكابه المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين من الاطفال والنساء وكبار السن. إضافة الى دور المنظمات والهيئات الانسانية والحقوقية العالمية في تسليط الضوء على حجم المأساة والمعاناة التي تسبب فيها في قطاع غزة، وترجمة ذلك الى مواقف معارضة للسياسات والاجراءات الإسرائيلية الهمجية والتعسفية، واستهدافها لمقارها وكوادرها في غزة، بطريقة قادتها إلى إظهار صورة هذا الكيان الإجرامية الحقيقية، ووقوفها ودعمها وتعاطفها وإنصافها للجانب الفلسطيني في الأمم المتحدة والجمعية العامة ومجلس الأمن رغم الفيتو الأميركي والمحكمة الدولية والمحكمة الجنائية الدولية ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي والأونروا، وما تبع ذلك من تظاهرات احتجاجية مليونية عالمية ضد الابادة الجماعية رافقها تغير مواقف العديد من دول العالم من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لصالح الفلسطينيين ومطالبتها بحقوقهم المشروعة في تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة على أساس حل الدولتين، ودعم عضوية فلسطين في الامم المتحدة واعتراف بعض الدول الأوروبية بها.

كل هذا وأكثر، إنما يجسد التحول الكبير الذي طرأ على نظرة العالم وموقفه من الكيان الإسرائيلي المسخ، الذي ظهر على حقيقته ككيان موغل بالقتل والدم والإجرام وارتكاب المجازر، لا يمت للبشرية ولا للإنسانية ولا للأخلاق بصلة، يتلذذ بقتل المدنيين الأبرياء وتجويعهم وحرمانهم من الماء والطعام والدواء، يهدم البيوت والمستشفيات والمدارس ودور العبادة ويدمرها ويسويها بالأرض. فإذا به الآن يقف أمام لحظة الحقيقة، كما صورتها ونقلتها وسائل الإعلام والتواصل الحديثة من قلب الحدث، أولا بأول، وعلى مرأى من العالم الذي تحول الى قرية صغيرة، وهو يتابع أفظع جرائم القتل والدمار والمشاهد الدموية، وأبشع إبادة جماعية عرفتها البشرية بحق المدنيين الأبرياء. ليهدم كل ما بناه ويشوه صورته وسمعته ومكانته عالميا، والتي أسسها وبناها بالكذب والزور والخداع على مدى السنوات الماضية من خلال ماكنته الإعلامية الصهيونية المضللة، ليجد نفسه يعيش تحت الضغط الدولي الذي أخذ يحاصره من كل الجهات ويضيق عليه الخناق ككيان منبوذ ومعزول، يتسبب بالحرج والإساءة لكل من يقترب منه من الدول أو يدافع عنه.

وقد يقول قائل إن الكيان الإسرائيلي المسخ لا يكترث ولا يبالي بمواقف المنظمات والهيئات الدولية وقراراتها، ودائما ما يرمي بها عرض الحائط، لنقول له إن ذلك يتماهى وحقيقته الإجرامية الاستعمارية ككيان غير شرعي، ولد خارج إطار المنظومة الدولية، وبصورة تتنافى مع القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة. وهو بتمرده هذا، وعدم انصياعه واستجابته لما يصدر عن المرجعيات الدولية من قرارات وتعليمات وأحكام، إنما يؤكد هذه الحقيقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى