اراء

المطاعيم.. إنجاز تاريخي

د. مهند النسور

تلعب المطاعيم دوراً بارزاً في حماية البشرية من الأمراض الخطيرة. و بالرغم من التحديات الصحية المستمرة والتقدم المستمر في مجال الطب والعلوم المختلفة، يظل الاهتمام بإنتاج و توفير المطاعيم وتوزيعها بشكل عادل وفعال أمراً بالغ الأهمية، حيث يسعى العالم بمعظمه لعب دوراً حيوياً في جهود تعزيز المطاعيم وتوفيرها لسكانه.

يصادف هذا العام الذكرى السنوية العالمية الخمسين لبرنامج التطعيم الموسع، الذي أنشئ في عام 1974، ولا يزال تأثيره كبيرا لغاية الآن، والذي انطلق منذ البداية بالتركيز على الأطفال فقط، و الذي بات يعرف باسم البرنامج الأساسي للمطاعيم ليقدم توصيات عالمية ل 13 مرضا وتوصيات محددة السياق لـ 17 مرضا آخر، و من ثم توسيع نطاق التغطية لهذه البرامج لتشمل المراهقين والبالغين، مما يجسد التطور الملحوظ الذي شهده البرنامج على مدى الخمسين عامًا الماضية.

على مدى السنوات الخمسين الماضية، أنقذت جهود التحصين العالمية حياة ما يقرب من 154 مليون شخص، أي ما يعادل حوالي ستة أرواح كل دقيقة، وان هذا الإنجاز االعظيم يسلط الضوء على الدور المحوري و المهم للمطاعيم في الحفاظ على صحة ورفاهية السكان في جميع أنحاء العالم وخاصة الأطفال منهم، إذ أن من بين 154 مليون شخص تم إنقاذهم، كان ما يقرب من 101 مليون رضيع، وذلك وفقا لأحدث دراسة تؤكد على الأهمية االأساسية للتطعيم في حياة الرضع والحفاظ صحتهم على المدى الطويل مما يبرز أهمية الحفاظ على تقدم التطعيم وتسريع الجهود الوطنية و الدولية.

تشمل هذه البرامج مجموعة متنوعة من المبادرات، بما في ذلك التحصين الروتيني، وبرنامج التحصين الموسع (EPI)، وجهود القضاء على شلل الأطفال، وحملات القضاء على الحصبة والحصبة الألمانية، بالإضافة إلى حملات التطعيم الخاصة استجابة لتفشي الأمراض. وفي هذا المسعى، تلعب المجموعات الاستشارية الفنية الوطنية للتحصين (NITAGs) دورًا محوريًا من خلال تقديم المشورة المستقلة القائمة على الأدلة لصانعي السياسات ومديري البرامج، مما يضمن تنفيذ استراتيجيات التطعيم المثلى.

على الرغم من التقدم الكبير الذي أحرزعلى الصعيد الدولي، لا يزال العديد من الأطفال في جميع أنحاء العالم يفتقدون المطاعيم الحيوية، و تصل اليونيسف، التي تشتري أكثر من ملياري جرعة سنويا، إلى ما يقرب من نصف أطفال العالم، في حين أن تحالف المطاعيم العالمي، الذي أنشئ في عام 2000، يوسع بشكل كبير تغطية المطاعيم في البلدان الفقيرة، ويوفر لقاحات ضد 20 مرضا معديا. و ينبغي أن نؤكد على الأهمية الحاسمة لتمويل هذه الجهود بالكامل لحماية التقدم المحرز في ملف المطاعيم، علما بان برامج التحصين لا توفر فرص التطعيم فحسب، بل تتيح أيضا تقديم الرعاية الأخرى المنقذة للحياة، مثل الدعم الغذائي والوقاية من كزاز الأمهات.

في الأردن، يعد برنامج التطعيم التي تأسس سنة 1979 نموذجاً رياديا و متقدما للنجاح في مجال الصحة العامة الى المستوى الوطني، حيث حقق إنجازات ملحوظة في الوقاية من الأمراض المعدية وحماية السكان. يعود هذا النجاح إلى التزام الحكومة الأردنية الكلي في تبني ملف المطاعيم، إضافة إلى حملات التوعية والتثقيف، وتحسين البنية التحتية. ويعتبر برنامج التطعيم الوطني الاردني برنامجا وطنيا بامتياز حيث يدار و يمول من الجهات الوطنية، ويُتوقع استمرار هذا التفوق بفضل التعاون المشترك في تعزيز البرنامج وتحقيق المزيد من النجاحات في المستقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى