رياضة

النشامى في المونديال.. التفاؤل ليس كافيا

أحمد شريف

تريثت قبل أن أقدم قراءة في فرص منتخبنا الوطني لكرة القدم في بلوغ نهائيات كأس العالم 2026، وآثرت متابعة ردود عشاق منتخب النشامى على منصات التواصل الاجتماعي التواقين لتحقيق حلم المونديال.

وبعد أن رصدت معظم الردود وجدت التفاؤل سيدها، إذ تؤكد شريحة واسعة من الشارع الأردني أن منتخبنا قادر على عبور فرق مجموعته وكتابة اسمه في السجلات التاريخية للمونديال، فما مَردُّ هذا التفاؤل؟ نظام التصفيات أم مستوى المجموعة أم إرث آسيا؟ وماذا نحتاج غير التفاؤل؟

النشامى في مجموعة عربية برعاية كورية 

وكانت القرعة قد أوقعت منتخبنا الوطني في المجموعة الثانية إلى جانب كل من منتخبات كوريا الجنوبية والعراق وفلسطين وسلطنة عُمان والكويت.

وباستثناء كوريا الجنوبية ممثلة شرق آسيا في المجموعة، فإن المجموعة وسمها عربي وممثلة لغرب آسيا وتضمن للعرب تأهل منتخب عربي مباشرة إلى كأس العالم.

مجموعتنا في الميزان 

صنف الجمهور مجموعتنا على أنها سهلة وفي متناول لاعبينا لكنها على أرض الواقع لا تبدو كذلك. نظريا تبدو فرصة النشامى هي الأفضل في نيل بطاقة التأهل فهو الأفضل في القارة الآسيوية بعد إنجاز كأس آسيا، لكن يجب أن لا ننسى أن مجموعتنا تضم كوريا الجنوبية، شمشون آسيا الجبار الذي يتوق لرد اعتباره من منتخبنا الذي جرده من لقب آسيا، وعندما نتحدث عن كوريا فنحن هنا نتحدث عن منتخب متمرس في هذه التصفيات وسبق له أن حقق حضورا باهرا في كأس العالم ولن يتخلى عن إحدى بطاقات التأهل إلا مجبرا.

كما ويظهر المنتخب العراقي كمنافس قوي جدا على بطاقاتي التأهل، كيف لا وقد تأهل إلى هذا الدور بالعلامة الكاملة، الأمر الذي يجعله من أبرز المرشحين للتأهل لكأس العالم بعد 40 عاما من ظهوره الأول في المونديال.

ونذكر هنا أن العراق كان أشرس منافسينا في كأس آسيا وعبرناه بشق الأنفس وأنه يمتلك هو الآخر جيلا ذهبيا يسعى لاستعادة أمجاد أسلافه إلى جانب أنه يتطلع هو الآخر لرد اعتباره هو الآخر أمام النشامى.

أما الكويت وعمان وفلسطين فبكل تأكيد لن تكون مجرد جسر عبور في هذه المجموعة، ففلسطين بالرغم من كل جراحها فهي تمتلك قوة شعب الجبارين كما ظهرت في كأس آسيا بعروضها القوية، ومع أن قدرات لاعبيها قد لا تقودهم للمنافسة على بطاقتي المجموعة إلا أنهم قادرون على خطف النقاط من أي فريق في المجموعة.

أما الكويت فعودتها للمنافسة على بطاقات التأهل المونديالية بعد أربعة عقود سيشكل حافز كبيرا للاعبيها لتقديم أفضل ما لديهم لعل وعسى أن ينجحوا في خلافة جيل جاسم يعقوب ورفاقه. ومنتخب سلطنة عمان هو الآخر شهد تطورا كبيرا ولن يتخلى عن حظوظه بسهولة.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن مواجهات المنتخبات العربية عادة ما تكون بمنزلة مباريات الديربي أيا كانت مستوياتها ومن الصعب توقع نتائجها، وعليه فإن مجموعتنا سهلة وصعبة في الوقت نفسه.

نظام التصفيات 

ووفقا لنظام التصفيات يتأهل أول فريقين في كل مجموعة من المجموعات الثلاث مباشرة لكأس العالم، فيما يتأهل صاحبا المركزين الثالث والرابع لدور آخر تقسم فيه المنتخبات إلى مجموعتين، يتأهل المتصدر فيهما إلى كأس العالم فيما يتنافس منتخبا المركز الثاني لتحديد المتأهل للملحق العالمي.

وكلنا أمل أن يستفيد منتخب النشامى من النظام الجديد للتصفيات الذي يتبع للمرة الأولى بتاريخ التصفيات بحيث تحصل قارة آسيا على ثمانية مقاعد مباشرة بالإضافة إلى مشاركة دولة إضافية في بطولة الملحق مما قد يرفع عدد المتأهلين من الاتحاد الآسيوي إلى 9.

السهل الممتنع 

معظم تعليقات رواد منصات التواصل الاجتماعي أهلت منتخب النشامى إلى كأس العالم قياسا إلى التطور الهائل الذي طرأ على أدائه انطلاقا من كأس آسيا في قطر وانتهاء بالفوز على المنتخب السعودي في ختام تصفيات الدور الثاني على أرضه وبين جماهيره العريضة.

ولا شك في أن مشجعي منتخب النشامى استندوا في تفاؤلهم إلى هذا التطور اللافت للمنتخب وإلى العروض القوية للتشكيلة الذهبية التي قادها المغربي الحسين عموتة بكفاءة فنية كبيرة.

ومع تسليمنا فيما ذهب إليه جمهور المنتخب الوطني إلا أن التصفيات النهائية تختلف كليا عن سابقاتها شكلا وموضوعا، وهذا يجب أن يتنبه له المدرب الجديد للمنتخب جمال سلامي الذي ينتمي للمدرسة التدريبية المغربية.

نتفق ونختلف مع الجمهور 

نتفق مع جمهورنا العاشق للنشامى أن فرصتنا تاريخية لتحقيق حلم الوطن المونديالي، وأن هذا الجيل الكروي يضم مواهب نادرة مثل موسى التعمري ويزن النعيمات وعلي علوان ومحمود مرضي وغيرها الكثير، لكننا نختلف مع جمهورنا في أن الحلم محصور بين أقدام اللاعبين وفكر المدير الفني، فالتأهل مشروع آخر مراحله المستطيل الأخضر.

الحكومة أولا 

نعم.. الرغبة في التأهل لا بد أن تكون حاضرة لدى حكومتنا، فالمنتخب الوطني اليوم بأمسّ الحاجة للدعم المادي والمعنوي لاتحاد كرة القدم وللاعبينا النشامى الذين باتوا مصدر فرح للشارع الأردني الذي يتلوى ألما على ما يجري في غزة، والذي يتطلع إلى مسح مصطلح المشاركة من أجل المشاركة فقط من قاموس الكرة الأردنية وتدوين اسم الأردن لأول مرة بسجل الخالدين في كأس العالم.

وعليه فالحكومة معنية بتوفير مستلزمات نجاح هذا المنتخب في رحلته المونديالية، فلا يخفى على دولة الرئيس وفريقه الوزاري أن المنتخب بحاجة ماسة لتضافر الجهود الرسمية والخاصة وتوحيد هدفها في توفير المناخ المثالي لإعداد المنتخب الوطني بصورة مثالية، فهل نشهد في الفترة القادمة تحركا حكوميا جادا في هذا الاتجاه؟

تتويج جهود عدة عقود 

وهنا يبرز أيضا دور اتحاد كرة القدم في بناء منتخب منافس وقوي على بطاقات التأهل. وذلك لن يتم إلا من خلال تنظيم جدول البطولات المحلية بصورة تنسجم مع متطلبات الجهاز الفني للمنتخب بحيث تكون فترات التوقف مدروسة بعناية فائقة ولا تؤثر على الأندية سلبا ولا على إعداد المنتخب بصورة مميزة.

وحتى يحقق الاتحاد ذلك فلا بد أن يتفادى أولا مواجهاته وصداماته مع الأندية وخاصة في الجوانب المادية أو في برمجة الموسم بطريقة احترافية، علما بأن بوادر مواجهة صعبة تنتظر الاتحاد مع الأندية في الأيام القليلة القادمة بعد قراراته الأخيرة بشأن الموسم المقبل.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن علاقة الاتحاد بالأندية لا بد أن تكون علاقة صحية تظللها الثقة المتبادلة باعتبار أن ذلك ينعكس إيجابيا على اللاعبين الذين يشكلون عصب المنتخب الوطني الذي سيخوض التصفية المونديالية.

ولا بد من الإشارة إلى أن نجاح المنتخب في بلوغ نهائيات كأس العالم سيتوج مشوار عقود من العمل المضني لاتحاد كرة القدم بإكليل النصر والفخر.

الإعلام والجمهور 

والشريك الأخير للنشامى في رحلة التأهل ينقسم بين الإعلام والجماهير، فهما عنصران في غاية الأهمية في تحفيز النشامى لتحقيق حلم المونديال.

فجمهور النشامى ليس اللاعب رقم 12 بل هو اللاعب رقم واحد كان وما زال، ولمسنا هذا في كل المناسبات التي شارك فيها منتخب النشامى داخليا وخارجيا.

لكن هنا لا بد من الإشارة إلى أنه لا بد لجمهورنا ألا ينساق خلف بعض المغرضين للتشويش على النشامى في التصفيات عبر الفضاء الإلكتروني وأن يكون حذرا في التعامل معها خاصة بعد الحالة التي عايشناها قبل وعقب لقاء منتخبنا مع شقيقه العراقي في كأس آسيا والتي تجددت منذ لحظة الإعلان عن القرعة.

المطلوب من جمهورنا أن يكون داعما إيجابيا في كل الظروف فالتصفيات رحلة طويلة فيها عثرات وإبداعات وحسمها ليس سهلا على الإطلاق.

أما الإعلام فتقع عليه مسؤولية كبيرة في تحفيز لاعبينا على العطاء من خلال التركيز على الجوانب الإيجابية ومساندة الجهاز الفني واللاعبين وتوعية الجمهور بأن اللاعبين غير قادرين على اجتراع المعجزات رغم قدرتهم على التفوق على باقي منتخبات المجموعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى