اراء

الورشة الاقتصادية الوطنية ترجمة لفشل الحكومات في اداء دورها

صحيح ان فتح حوارات بين القطاع العام والخاص مهم في كل مرحلة وفي اي وقت ، وصحي ان يجلس ممثلو القطاع الخاص امام مسؤولي الحكومة والبرلمان ليتبادلو وجهات النظر حيال مختلف التحديات التي تواجه القطاعات الاقتصادية ويستمع الجانب الحكومي بشكل مطول لمعاناة القطاع الخاص ، في عدم وجود لغة مشتركة يستطيع الجانبان استيعاب مشكلات واسباب كل جانب.

نأتي على هذه المقدمة للدخول في اسباب تدخل جلالة الملك وتوجيهه للديوان الملكي لاقامة جلسة عصف ذهني اطلق عليها “الورشة الاقتصادية الوطنية” .

وهو ما يراه الجميع انعكاس للفشل المتواصل للحكومات في ايجاد لغة مشتركة مع القطاع الخاص ، هذا بالرغم من وجود قانون الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص ومشاركة مسؤولي الحكومة في العديد من اللقاءات الثنائية والجماعية مع قطاعات تجارية وصناعية لبحث المعوقات التي تواجه تلك القطاعات والعمل على ايجاد حلول ناجعة لها ، الا ان كل ذلك لم يفضي الى شيء يرضي الطموح.

ان الواقع والمعايشة والتراكم المخيف للمشكلات التي يعاني منها القطاع الخاص ، والنظرة الحكومية السلبية للتعامل مع القطاع الخاص ، تسبب بانقطاع خطوط الاتصال الفعالة بين الجانبين ، وترحيل المشاكل عاما بعد عام ، كصفة برعت بها الحكومات ، ما نجم عنه دخول الاقتصاد الاردني في حالة من التباطؤ والتراجع اثر على مختلف القطاعات بشكل كبير.

وكان من نتائجه التي لا تحب الحكومة ان يتم ذكرها هجرة العديد من الاستثمارات المحلية والاجنبية وتوجهها الى بلدان مجاورة استطاعت ان توفر بيئة استثمار نموذجية من خلال حزمة من الاعفاءات والحوافز ومرونة الاجراءات الخاصة بإقامة الاستثمارات وجني الارباح بشكل لافت.

وبقي الخطاب الرسمي في مجال الاستثمار انشائيا لا يعززه واقع ، يدفع باتجاه طمأنة المستثمر المحلي والاجنبي على حد سواء.

وزاحمت الحكومات القطاع الخاص بإستنفاذ اموال البنوك المحلية بنسب الاقتراض العالي وعدم ترك اموال كافية لتمويل القطاع الخاص ، بالشكل الذي يحقق النمو الاقتصادي المنشود.

هذا بالاضافة للمعاناة المزمنة في ارتفاع كلف الانتاج المرتبطة بشكل اساسي بأسعار الطاقة ، بالرغم من قيام الحكومات المتعاقبة بتخفيض فاتورة الطاقة على القطاعات الاقتصادية والسياحية ، الا ان ذلك لم يكن بالمستوى الذي يحقق الغايات التي ترتجيها القطاعات الاقتصادية ، لتحقيق النمو الاقتصادي وتحقيق الربحية التي تسهم في تشجيع المستثمرين على ضخ المزيد من الاستثمارات والاموال.

اذا فإن الجميع ينخرط في هذه الورشة مدفوعين بالامل بأن يحدث تغيير جذري في الاتجاهات الحكومية والايمان الحقيقي بوجود مشكلة اقتصادية عميقة تسببت بها الممارسات الحكومية المتراكمة،  وفقدان الثقة المتنامي ما بين القطاع الخاص والجهات الحكومية ، حول اهمية التكامل في النظرة للاقتصاد الوطني ، والعمل سويا للخروج من الازمة الاقتصادية التي تعمقت ولا بد من ان يكون هناك توجه حقيقي لارساء اطر قانونية اقتصادية شفافة وتلبي مصالح كافة الاطراف ولا تكون محددة بوجود حكومة او رحيلها.

المنتظر من الورشة الاقتصادية الوطنية ان نصل الى اطار ونموذج عملي وتشريعي يتسم بالثبات وقدرته على التعامل مع المستجدات ، ومواجهة الصدمات ،  يؤسس لمرحلة جديدة من البناء الاقتصادي السليم تلتزم به الحكومات وتراقبه السلطة التشريعية من خلال البرنامج الحكومي الذي تقدمه اي حكومة جديدة ، وكذلك يكون مجسدا في الموازنات العامة للدولة بحيث تكون التوصيات التي ستخرج عن الورشة دليل استرشادي ملزم لكل حكومة ، لكي يكون بالامكان الوصول للاهداف الموضوعة بشكل علمي وعملي مدروس.

وان يكون المؤثر في قرار منح الثقة للبيان الحكومي التزامها التام باستكمال تطبيق ما اتفق عليه وان تكون مخرجات اللجنة وتوصياتها في صلب البيان الحكومي وكتب التكليف السامي للحكومات وكذلك عند اعداد قانون الموازنة العامة.

بذلك نستطيع ان نقول اننا بدأنا السير على الطريق السليم في معالجة اختلالات الاقتصاد وبنيته وتحقيق النمو الحقيقي من خلال مقارنة المؤشرات المالية والاقتصادية مع ما تضمنته التوصيات الصادرة عن الورشة الاقتصادية ، والذي سينعكس بالتالي على توفير فرص العمل وتحسين معيشة المواطنين وزيادة قوتهم الشرائية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى