اراء

الى وزير التعليم العالي: من يريد ذلك لجامعاتنا؟

قبل أكثر من أربعة شهور، ملأ البلاد والعباد تسجيلات مسيئة لاحد رؤساء الجامعات وتبعها اجتماع لاهالي المدينة في منزل احد النواب وتم ابعاد ذاك الرئيس من قبل الحكومة عن مركز عمله في المدينة لمدة شهر من الزمان.

وشكلت له لجنة تحقيق من قبل مجلس التعليم العالي وحتى الآن لم تبرئه الدولة بما فيها مجلس التعليم العالي من صحة التسجيلات المنسوبة اليه. وعلى إثره تم اعادة الرئيس الى مركز عمله بتشفع عشائري. ومع التشكيلات الأخيرة تم الابقاء عليه في موقعه.

إذاً من يريد ذلك؟

ما الغاية من اخضاع التعليم العالي لحالة من #الفساد #الاداري والسياسي؟ وما الغاية من أضعاف مجلس التعليم العالي في التصدي لمثل هذا الفساد؟

فاحد التسجيلات احتوى على جريمة متكاملة الاركان من تحريض واساءة لاستخدام السلطة وآخر اشتمل على الفاظاً خادشة للحياء.

فهل خدمات ذلك الرئيس الجليلة المقدمة لعائلة الوزير كتعيين زوج شقيقة الوزير في الجامعة وتعيين زوجة شقيق الوزير في الجامعة وتعيين شقيق الوزير كنائباً له، قد تسبب في حرج كبير للوزير وابقى عليه. حتى لم نسمع من الوزير موجبات الابقاء عليه دون غيره. أم هل أن بعض المتنفذين فرضوا على الوزير ذلك؟

أما وقد أدى الوزير اليمين أمام الملك بأن يحافظ على الدستور. فاذكره بان الدستور يساوي بين الاردنيين.

فهل اعتبرت رؤساء الجامعات متساويين بميزان الدستور عند التغيير؟ وكيف؟

والسؤال الى الوزير ذاته، ان كنت فعلاً اعتبرتهم متساويين، فلماذا لا تجرؤ على نفي صحة التسجيلات المسيئة المنسوبة الى ذاك الرئيس؟ ولماذا شكلت لجان التحقيق؟

فلمن تبني الجسور الجديدة الهشة في مسيرة التعليم العالي الاردني؟

وعلى فرض بان الابقاء على ذاك الرئيس لم يكن بيد الوزير، فالمصيبة هنا أعظم لان هذا لا يقودنا الا الى استنتاج واحد فقط ولا يوجد غيره، وهو ان الابقاء عليه يخضع لمنافع غامضة من قبل قلة من المتنفذين القادرين على اختراق مؤسسات الدولة بما فيها الجامعات والوزير ذاته وان تتناقضت مصالحهم الخاصة مع مصلحة الوطن.

وهذه الظاهرة آخذة في التعمق بدليل ان حالة الفساد تستشري وتضرب الارقام القياسية في الاردن فقد رأينا أن أعلى رجال الدولة نزلوا من القمة الى القاع وهذا طال قطاعات مختلفة ومؤسسات عديدة.

والدرس الوحيد المستفاد من كل هذه القصص هو أن بعض المسؤولين لم يكونوا بمكان ليتغولوا ويعيثوا فساداً في المؤسسات الا برعاية ودعم من اصحاب النفوذ.

وفي ظل ضعف الثقافات المؤسسية وهيمنة الثقافة التقليدية مع كل ما تتطلبه من تضامنات عشائرية فردية او مصلحية تضعف قدرة وكفاءة الجامعات وبالذات الجامعات الطرفية، التي أضحى بعض رؤساءها يتسلحون بانجازات وهمية وتشكيل العصابات والتحزم بحفنة من المسحجين الرخيصين وتقديم الخدمات للبعض ليتمكنوا من اقناع انفسهم بان مقامهم محفوظ وهذا بجله يفسر لنا تخبط هؤلاء الرؤساء في ادارتهم.

ويتم كل ذلك في ظل تنامي الشعور الوطني بعدم محاربة الفساد وعدم الجدية في الاصلاح الحقيقي. لقد بتنا نشعر ان هناك تآمرنا علينا وربما على بعض اجهزتنا ومؤسساتنا التي لولاها لكنا من الغابرين.

وثبت تعاظم هذا الشعور من خلال التوقعات الصحيحة للعامة الدالة على ادراكهم لما يدور حولهم. بمعنى الابقاء على ذاك الرئيس لم يكن مفاجأة.

اننا لن نكسب شيء بهدم الجسم الاكاديمي الذي هو أساس الصلاح والاصلاح.

وما كنت لاكتب او أقدم رأياً، لو كان ثمة ما يؤمن معشر الاردنيين شيئاً غير التعليم، فقدرنا ان تكون مواردنا محدودة، وليس لنا مصلحة في إيذاء التعليم؟

وليتذكر الوزير بأنه وزيراً للتعليم العالي والبحث العلمي وليس وزيراً لجامعة بعينها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى