بوتين: يمكن بناء سلام على بنود المبادرة الأفريقية والصينية

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده لا ترفض إجراء محادثات تتعلق بأوكرانيا وأشار إلى أن مبادرتي السلام الأفريقية والصينية يمكنهما أن تكونا أساسا للسلام.

وأضاف بوتين، خلال مؤتمر صحافي عقد السبت بعد يوم من اجتماعه مع زعماء أفارقة للقمة الروسية- الأفريقية الثانية، الجمعة، في سان بطرسبرغ، أنه من الصعب تنفيذ وقف لإطلاق النار بينما يشن الجيش الأوكراني هجوماً.

وكان بوتين قد صرح، الجمعة، بأن روسيا مستعدة لعقد مفاوضات مع أوكرانيا، لكن كييف ترفض المشاركة فيها، مؤكداً رفض الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) التفاوض مع روسيا حول مسألة ضمان الأمن المتكافئ لجميع الدول.

وأشار إلى أن الرئيس زيلينسكي صرح باستحالة التفاوض مع موسكو.

ويأمل دبلوماسيون غربيون تحدثوا إلى “وول ستريت” الأميركية في أن تتمكن العاصمة السعودية الرياض من إقناع الصين، المقربة من روسيا، بحضور قمة مرتقبة في جدة خلال الأسبوع الأول من أغسطس (آب)، علماً بأن بكين غابت عن اجتماع كوبنهاغن.

قمة جدة للسلام

ونقلت “وول ستريت جورنال” عن دبلوماسيين، أن السعودية ستستضيف في وقت مبكر من الشهر المقبل محادثات للسلام تشمل بلداناً غربية وأوكرانيا وبلداناً ناشئة رئيسة، من ضمنها الهند والبرازيل، في وقت يعزز الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة جهودهما لتمتين الدعم الدولي لمطالب أوكرانيا من أجل تحقيق السلام. وهو ما أشارت إليه أيضاً وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال الدبلوماسيون المعنيون بالموضوع للصحيفة الأميركية التي لم تسمهم، إن المحادثات ستجمع مسؤولين من حوالى 30 بلداً في جدة بين الخامس والسادس من أغسطس المقبل، في حين تتسابق روسيا والدول الغربية الداعمة لأوكرانيا على الفوز بدعم البلدان الناشئة الرئيسة التي لا تزال تقف موقفاً محايداً إزاء الحرب.

ووفق الصحيفة، يأمل مسؤولون أوكرانيون وغربيون في أن تفضي الجهود إلى عقد قمة للسلام في وقت لاحق من العام يتفق فيها القادة المشاركون على مبادئ مشتركة تتعلق بوقف الحرب. كما يعلقون الآمال أيضاً على أن تشكل هذه المبادئ إطاراً لمحادثات سلام مستقبلية بين روسيا وأوكرانيا تنتهي لمصلحة كييف.

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، لن تشمل القمة المرتقبة في جدة حضور روسيا التي لم تشارك أيضاً في اجتماع مماثل عقد الشهر الماضي في كوبنهاغن. وترفض أي نقاش جدي للسلام وتتمسك بمطالب “قصوى” مقابل الموافقة على أي تسوية، وتشمل المطالب ضم أراضٍ أوكرانية لا تسيطر عليها القوات الروسية في الوقت الحاضر.

وفي مايو (أيار)، استضافت السعودية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في اجتماع لقمة جامعة الدول العربية في جدة، وأيدت الرياض قرارات مجلس الأمن الدولي التي تدين الهجوم العسكري الروسي وضم موسكو لأراض في شرق أوكرانيا.

وفي وقت سابق واصلت السعودية التنسيق مع روسيا بشأن سياسة الطاقة ضمن تحالف “أوبك بلس”، بما في ذلك قرارات خفض إنتاج النفط التي تمت الموافقة عليها في أكتوبر (تشرين الأول).

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، لعبت الرياض دورا في التوسط في إطلاق سراح مقاتلين أجانب محتجزين في أوكرانيا، بينهم اثنان من الولايات المتحدة وخمسة من بريطانيا.

ولا تزال الرياض تعلن انفتاحها على تأدية دور في الوساطة لإنهاء النزاع. وسبق أن تعهدت بتقديم 400 مليون دولار لإغاثة أوكرانيا.

اتفاق الحبوب

وفيما يسعى الغرب إلى التوصل إلى إدانة عالمية لموسكو بسبب قرارها في وقت سابق من الشهر الحالي الانسحاب من اتفاق توسطت في إبرامه الأمم المتحدة وهدف إلى تسهيل صادرات أوكرانيا من الحبوب، مما تسبب في قفزة بأسعار الحبوب أرهقت كثير من دول العالم، لا سيما الفقيرة منها. ذهب بوتين إلى أن الشركات الروسية ستحقق المزيد من الأرباح بفضل انسحاب بلاده من اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، وأضاف أن روسيا ستقتسم الربح مع أفقر الدول بفضل التوصيل المجاني لحبوبها. وفقاً لرويترز.

وعلى صعيد ميداني، قال بوتين للصحافيين السبت، لا توجد تغييرات بالغة ولا تكثيفاً للإجراءات على الجبهة الأوكرانية في الوقت الحالي. وأشار إلى أن كييف فقدت 415 دبابة و1300 عربة مدرعة منذ الرابع من يونيو (حزيران)، فيما لم يتسن لرويترز التحقق من الأرقام التي ذكرها.

وأوضح أن موسكو نفذت بعض الضربات الوقائية بعد “هجوم” شنته أوكرانيا على جسر القرم وتسبب في وقوع أضرار.

ولقي زوجان روسيان حتفهما وأصيبت ابنتهما (14 عاما) بجروح الأسبوع الماضي فيما وصفته موسكو بهجوم أوكراني أدى إلى إلحاق أضرار بالجزء الخاص بمرور المركبات على الجسر الرابط بين روسيا وشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو من أوكرانيا عام 2014.

هجوم روسي على شرق أوكرانيا

جاءت تصريحات الرئيس الروسي فيما أعلنت وزارة الداخلية الأوكرانية أن موسكو شنت هجوماً صاروخياً على مدينة سومي شمال شرق أوكرانيا مساء السبت مما أدى إلى مقتل أحد المدنيين وإصابة خمسة آخرين، وفق رويترز.

وأضافت الوزارة على تطبيق تيليغرام “خلال مساء 29 يوليو، أصاب صاروخ للعدو مؤسسة تعليمية. لقي مدني واحد على الأقل حتفه وأصيب خمسة آخرون”.

كانت القوات الروسية قد دخلت منطقة سومي بعد وقت قصير من غزو موسكو لأوكرانيا في 24 فبراير شباط العام الماضي، لكن القوات الأوكرانية تمكنت بعد ذلك ببضعة أسابيع فقط من استعادة السيطرة على المنطقة.

ونشرت الشرطة الأوكرانية مقطعاً مصوراً على تيليغرام يظهر فيه شخص محمولاً على محفة ومبنى منهار وأشجار مدمرة.

بوتين و”المجتمع المدني” في روسيا

الرئيس الروسي من جانبه دافع عن الحملة الشرشة التي تستهدف المجتمع المدني والأصوات الناقدة في البلاد، ووصفها بأنها ضرورية في سياق النزاع بأوكرانيا.

وأضاف، خلال مؤتمر مع صحافيين روس السبت، “روسيا الاتحادية تخوض نزاعاً مسلحاً مع أحد الجيران. وأعتقد أنه يتعين علينا اتخاذ موقف معين تجاه الأشخاص الذين يتسببون في أضرار لنا داخل البلاد”.

وتابع “علينا أن نضع في اعتبارنا أنه لكي ننجح، بما في ذلك منطقة النزاع، يجب علينا اتباع قواعد معينة”.

وكانت موسكو أوقفت الخبير السياسي بوريس كاغارليتسكي والمخرجة يفغينيا بيركوفيتش مؤخرا.ووجهت إلى المحلل السياسي الشهير والمتخصص في شؤون اليسار في روسيا تهمة “إطلاق دعوات عامة للإرهاب” ووضع في الحبس الاحتياطي في سيكتيفكار أقصى الشمال الروسي. وكان قد أعرب علانية عن معارضته الهجوم في أوكرانيا.

أما بيركوفيتش، فقد أوقفت مطلع مايو (أيار) واتهمت بـ”تمجيد الإرهاب” على خلفية مسرحية أخرجتها عام 2020 تحكي قصة نساء روسيات تم تجنيدهن على الإنترنت للزواج من متطرفين في سوريا.

يشار إلى أنه منذ بدء الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا اعتمدت حزمة قوانين تحظر أي خطاب نقدي، وأجبر عدد كبير من وسائل الإعلام الروسية المستقلة على تعليق أنشطتها أو مغادرة البلاد ونفي العديد من المعارضين أو سجنوا، كما فرضت آلاف الغرامات والعديد من أحكام السجن المشددة على نشطاء ومثقفين.