اراء

تخفيض نسبة الدين العام بين الواقع والطموحات

محمد أبو حمور

أشار خطاب موازنة 2024 الى أن أحد أهداف برنامج الإصلاح المالي والنقدي الذي تم الاتفاق بشأنه مع صندوق النقد الدولي يتضمن وضع الدين العام علىمسار هبوط تدريجي ليصل إلى نحو 79 بالمائة من الناتجالمحلي الإجمالي بحلول عام 2028.

أما خطاب موازنة 2023 فقد عبر عن نية الحكومة بتخفيض نسبة الدين العام  ( باستثناء ما يحمله صندوقاستثمار الضمان الاجتماعي)  الى ما نسبته 88.2% من الناتج في نهاية ذلك العام، ومن المؤكد أن العمل علىتخفيض نسبة الدين العام وتقليص اعبائه يمثل ضرورة مالية واقتصادية وعاملاً هاماً في اطار السعي لرفع نسبة النمو الاقتصادي وتحسين حياة المواطنين وفقاً لماتضمنته رؤية التحديث الاقتصادي.

ومن المفيد هنا التوضيح بأن الدين العام ما هو الا نتيجة لعجز الموازنة الذي يتطلب اللجوء الى مصادر تمويل إضافية لتمكين الحكومة من تأدية التزاماتها والاستمرارفي تقديم خدماتها بشكل مناسب.

وقد استطاع الأردن خلال السنوات الماضية أن يواصلتحمل الأعباء المتراكمة للمديونية برغم ما تشهده المنطقة والعالم من أزمات واضطرابات، ولكن الإحصاءات المتعلقة بالدين العام خلال العقد الأخير تتطلب عناية خاصة وجهوداً حثيثة لمراقبة ومتابعة التطورات في هذا المجال وما قد يترتب عليها مستقبلاً.

وفقاً للإحصاءات والبيانات المنشورة فقد بلغ العجز الكلي بعد المنح خلال الاحد عشر شهراً الأولى من عام 2023 حوالي 1.98 مليار دينار، أي ما نسبته 6% من الناتجالمحلي المقدر لذلك العام، مقابل 1.33 مليار دينار خلالنفس الفترة من العام الذي سبقه والتي شكلت 4.2% منالناتج، وانخفض مؤشر الاعتماد على الذات ( تغطيةالإيرادات المحلية للنفقات الجارية) ليصبح 88.4% مقابل90.2% خلال نفس الفترة من عام 2022.

 أما رصيد الدين العام فقد بلغ نهاية تشرين ثاني 2023 حوالي 41.58 مليار دينار، وهذا يعادل ما نسبته114.8% من الناتج المحلي الإجمالي، علماً بان الدينالعام كان قد بلغ 38.49 نهاية عام 2022 ، أي ما نسبته111.4% من الناتج، ولدى استثناء ما يحمله صندوقالضمان الاجتماعي تصبح هذه النسب 90% و 88.8% للفترتين المذكورتين على التوالي، وقد كانت هذه النسبة75.8% عام 2019، ويلاحظ أن نسبة نمو صافي الدينخلال السنوات 2019، 2021، 2023، قد وصلت الى5.6% و8.3% و9.1% على التوالي، في حين أن نسبةنمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية قد بلغخلال نفس السنوات: 2.6% و 5.9% و4.9%.

وبلغت فوائد القروض خلال الاحد عشر شهراً الأولى منعام 2023 حوالي 1.61 مليار دينار، وشكلت بذلك18.5% من النفقات الجارية، وحوالي 22.8% منالإيرادات، علماً بان النفقات الرأسمالية بلغت خلال هذهالفترة ما يقارب 1.06 مليار دينار، وكانت نسبة فوائدالقروض من الايرادات قد بلغت 14.4% و16% خلالعامي 2019 و2022 على التوالي، ومن المتوقع أن تصلفوائد الدين العام خلال العام الحالي الى 1.9 ملياردينار، لترتفع الى 2.33 مليار دينار عام 2026.

وبالرغم من انقضاء الربع الأول من العام الحالي 2024 الا انه من غير المتوقع أن تتغير الصورة كثيراً بعد نشرالبيانات المالية لعام 2023 كاملاً، علماً بان توفير البيانات في الوقت المناسب يعد أمراً حيوياً في اتخاذ القرارات المهمة وانتهاج السياسات الفعالة.

من الواضح أن التطورات المتعلقة بالدين العام خلال السنوات الأخيرة تتطلب وقفة جدية وبرنامجاً واضحاً وإجراءات حازمة تضمن السير قدماً في تخفيض نسبةالدين العام عبر التعامل مع الأسباب المؤدية لارتفاعهوتراكم اعبائه وعلى رأسها عجز الموازنة العامة.

وهذا يستدعي دعم توجهات وزارة الماليه في ترشيدالنفقات وتحديد الأولويات بشكل واضح والاستمرار فيالإصلاحات المتعلقة بجانب الإيرادات، مع العمل على رفع نسبة النمو الاقتصادي ومواصلة هيكلة الدين العام من حيث المصادر والاستخدامات وصولاً الى تخفيض الأعباءالمترتبة عليه، ليصبح من الممكن توسيع الحيز المالي الذي يتيح ضخ مزيد من الاستثمارات للمساعدة على تحفيزالنمو الاقتصادي وإتاحة مزيد من مصادر التمويللاستثمارات القطاع الخاص.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى