اخبار الاردن

تراجع أعداد وفيات الأردن في 2020: خبر خاطئ نتمنى لو كان صحيحا

رؤيا نيوز – صاحب نشر تقرير دائرة الإحصاءات العامة عن الإحصاءات الحيوية هذا الشهر صخب اعلامي عال حيث بين التقرير ان الوفيات في الأردن العام 2020 انخفضت عن 2019 على الرغم من جائحة “كوفيد 19”.

وجاء خبر تلفزيون المملكة بعنوان عريض “الإحصاءات العامة: تراجع أعداد وفيات الأردن في 2020” كهدية لكل المقتنعين بأن الوباء كذبة كبرى. فكيف نتحدث عن وباء قاتل في وقت تتراجع فيه الوفيات؟ فيما حاول البعض تفسير الانخفاض المزعوم بانخفاض عوامل الوفيات الأخرى مثل حوادث السير.
ولأني على تواصل بحثي مع دائرة الأحوال المدنية والتي تقوم مشكورة بمشاركة الأرقام الرسمية عند تجميعها، شككت في التقرير وتابعت الأمر مع فريقي دائرة الاحصاءات العامة والاحوال المدنية، وبعد يومين من المراسلات وجدنا الخطأ. ومع ان الجدول منسوب للمصدر “دائرة الاحوال المدنية والجوازات” حصرا، فإن الأرقام فيه لا تتناسب مع التقارير السنوية الرسمية لدائرة الأحوال المدنية للعامين 2018 و2019 ومع الكتاب الرسمي من الأحوال للإحصاءات في العام 2020، ففي العام 2020 أغفل جدول الإحصاءات حساب وفيات الأجانب في الأردن للعام 2020 كله.
ارقام الأحوال المدنية مبوبة وواضحة بشكل ممتاز. ويعتب على من عمل جدول تقرير الإحصاءات في الخطأ الذي حصل، كما نعتب على الصحافة التي تلقفته بدون تمحيص. وكما يبين الجدول أدناه فإن وفيات الأردنيين في الأردن العام 2019 بلغت 25493 بزيادة 8 % على 2018. وفي 2020 زادت وفيات الأردنيين على 2019 بنسبة 17 % لتبلغ 29928 وفاة. مع حساب وفيات الأجانب في الأردن فإن مجموع الوفيات في الأردن بلغ 32653 وفاة بزيادة 15 % على 2019. رحمهم الله جميعا.
واضح اذن ان الجائحة تسببت في زيادة وفيات الأردن بشكل ملحوظ. وبهذا نتشارك مع معظم دول العالم التي لديها حسابات موثوقة للوفيات السنوية. فمعظم دول أوروبا وأميركا شهدت زيادة في وفيات 2020 عن عدد الوفيات المتوقع بحسب معدلات وفيات السنوات السابقة. فيما شهدت اليابان انخفاضا بوفيات 2020 ما يؤشر الى نجاحها النسبي في محاربة الجائحة خصوصا ان تنظيمها العالي وكونها جزيرة يساعد في هكذا نتيجة إيجابية.
وحفاظا على الثقة بأرقام الإحصاءات العامة يجب على ادارتها ووزارة التخطيط ان تمحص في أصل الخطأ لضمان عدم تكراره. ولأن الشيء بالشيء يذكر ادعو دائرة الإحصاءات العامة الى مراجعة تقديرها لعدد السكان في الاردن للعام 2020: في تقريرها تقدر دائرة الإحصاءات سكان الأردن مع نهاية 2020 بعشرة ملايين و806 آلاف بزيادة 252 الفا على 2019.
ويبين التقرير ان الولادات الحية بلغت 151542 طفلا، ما يعني ان صافي الزيادة الطبيعية (ولادات ناقص وفيات) كان حوالي 120 ألفا. وعليه فإننا نستنتج ضمنا ان صافي الهجرة الى الأردن العام 2020 تجاوز 130 ألف شخص. وبين التقرير ان انخفاضا كبيرا بنسبة 23 % حصل في أعداد الولادات العام 2020 في الأردن ربما يكون سببه عزوف الناس عن الإنجاب مع بدء ورود الاخبار عن الجائحة في نهاية 2019 وانكماش الاقتصاد في 2020.
وعند النظر الى الانخفاض في وفيات الأجانب في الأردن العام 2020 بنسبة 6 % على الرغم من الجائحة، يكون لدينا سبب للاعتقاد ان عدد الأجانب المقيمين في الأردن انخفض العام 2020 وهو استنتاج منطقي بسبب الانكماش الاقتصادي وزيادة البطالة، خصوصا ان مصر الشقيقة شهدت زيادة في النمو الاقتصادي وانحسارا في البطالة بذات العام.
إذن، فهل يعقل ان عدد من عاد او هاجر الى الأردن العام 2020 من أردنيين وأجانب زاد على من ترك الاردن في نفس السنة بأكثر من 130 ألف شخص؟ وهل بقي عدد الاشقاء المصريين مثلا في الأردن دون نقصان كبير على الرغم من إجراءات وزارة العمل وقوانين الدفاع؟
ولقطع الشك باليقين في موضوع الهجرة الصافية الى الأردن يجب النظر الى ارقام القادمين والمغادرين عبر المعابر الحدودية وتحليلها، وهذه دعوة لدائرة الإحصاءات العامة لعمل ذلك.
الأرقام الدقيقة شريان مهم للاقتصاد والمجتمع. ومن المهم جدا ان تكون ارقامنا الوطنية موثوقة وصحيحة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى