Categories: اراء

ثلاث خطوات جريئة لابد منها

فهد الخيطان

تبذل الحكومة جهدا”إجرائيا” للتعامل مع تداعيات أزمة كورونا على الاقتصاد الوطني، وهي إجراءات لا بد منها تفرضها الظروف الملحة، على مختلف المستويات في وقت ما نزال فيه نراوح بين إغلاق جزئي وانفتاح متدرج.
وهذه مرحلة مهمة دون شك وتؤثر بشكل مباشر في حياة الناس على المدى القصير، وكان آخرها بلاغ رئيس الوزراء بخصوص أجور شهري أيار وحزيران.
لكن بموازاة ذلك الجهد ينبغي ألا نتجاهل الحاجة للتفكير والتخطيط لإصلاحات عميقة في ملفات أساسية للتخفيف من الخسائر على المدى البعيد، والتأسيس لسياسات طويلة المدى تستجيب للمخاطر الطويلة لأزمة ستضرب الاقتصاديات العالمية لسنوات قادمة.
والجائحة على فداحتها، ربما تشكل فرصة لا تعوض لاتخاذ خطوات نوعية لم تسعفنا الظروف تارة على إنجازها، أو أننا افتقدنا الإرادة الكافية للمضي فيها.
سأكتفي هنا في اقتراح ثلاثة ملفات يمكن العمل عليها فورا لتحقيق اختراقات إصلاحية عميقة في السنوات الثلاث المقبلة على أبعد تقدير.
الملف الأول، إصلاح هيكلي واسع لقطاع التعليم العالي بهدف معالجة الاختلال الكبير بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل.
في الوقت الحالي تنهمك الجهات المسؤولة في وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي بقضية التعليم عن بعد وتطوير قدراتنا على هذا الصعيد. لكن على أهمية ذلك، فالمسألة في المحصلة تقنية، يمكن أن يتولاها فريق فني وينجز ما يلبي احتياجات التربويين.
الأهم هو هيكلة التخصصات الجامعية والتخلص نهائيا من نمط التعليم السائد، ومنح التخصصات المهنية التي يحتاجها سوق العمل الأولوية. إنجازنا في هذا الميدان محدود جدا ولايرقى لحجم المشكلة التي نعاني منها.
أزمة كورونا أعطتنا دروسا مهمة وكشفت لنا طبيعة الإشكاليات التي تواجه سوق العمل، والحاجة لتصويب جوهري في مخرجات التعليم.
الملف الثاني، إحلال العمالة الوطنية مكان الوافدة. هذا تحد كبير يتطلب مقاربات خلاقة لتهيئة أفضل الشروط الممكنة لإقناع الأردنيين بالعمل في قطاعات الإنشاءات والزراعة، واستثمار فرصة إغلاق الحدود في وجه القادمين للزج بالأردنيين محلهم.
لا يمكن لأزمة البطالة أن تتراجع ما لم نحقق اختراقا في سوق العمالة الوافدة.
الملف الثالث، الشروع بوضع خطة متكاملة تضمن عودة أكبر عدد ممكن من اللاجئين السوريين إلى ديارهم. لقد التزمنا بمبادئ الأمم المتحدة الخاصة برعاية اللاجئين والعودة الطوعية، لكن مجتمع المانحين لم يقدر ذلك للأردن. كل المؤشرات الاقتصادية تفيد بأن اللاجئين يمثلون تحديا كبيرا للاقتصاد الأردني لا يقوى على حمله في مرحلة ما بعد كورونا، سواء على صعيد سوق العمل، أو الضغوط على البنية التحتية والمياه والسكن وغيرها من جوانب الحياة.
يتعين التفكير بفتح ممرات إنسانية تضمن عودة اللاجئين إلى ديارهم بأسرع وقت ممكن، وإذا كان للمنظمات الأممية رأي آخر فعليها أن تعود إلينا بحزمة مساعدات مالية قبل الحديث عن الدواعي الإنسانية والعودة الطوعية.
الأردن مل وتعب من ممارسة هذا الدور دون تقدير من الدول الغنية.
هذه مجرد مراجعة سريعة للملفات الثلاثة، تحتاج لمزيد من البحث والنقاش لتستوي كسياسات وخطط عمل في المستقبل، لكنها في كل الأحوال تقر إلى حد كبير مدى قدرتنا على مواجهة مخاطر المرحلة المقبلة.

Mahmoud Dabbas

Recent Posts

الأمن العام: انخفاض قضايا إطلاق العيارات النارية خلال السنوات الـ3 الماضية

قالت مديرية الأمن العام الخميس، إنها رصدت انخفاضا في قضايا إطلاق العيارات النارية خلال السنوات…

دقيقتين ago

#عاجل.. مقتل ضابط اسرائيلي واصابة اثنين شمال قطاع غزة

اعلن الجيش الإسرائيلي عن مقتل النقيب روي ميلر 21 عاما من هرتسليا، لواء جفعاتي في…

16 دقيقة ago

#عاجل.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لمناطق في غزة في اليوم 272 للعدوان

استشهد وأصيب عدد من الفلسطينيين في قصف لجيش الاحتلال الإسرائيلي لعدة مناطق في قطاع غزة…

24 دقيقة ago

بايدن يرفض الانسحاب من السباق الرئاسي ويتعهد بالبقاء حتى النهاية

تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء، بالبقاء في السباق الرئاسي لعام 2024 وأصر في اجتماعات…

43 دقيقة ago

قرابة 84 ألف طالب وطالبة يتقدمون اليوم لامتحان “التوجيهي” في يومه الخامس

يتوجه الخميس، 84124 طالبا وطالبة من الفروع الأكاديمية والمهنية كافة، لتأدية امتحان شهادة الدراسة الثانوية…

57 دقيقة ago

نشرة وزارة المالية

من المتوقع أن تصدر نشرة وزارة المالية بينما يرى هذا المقال النور. النشرة ستصدر حسب…

ساعة واحدة ago