اراء

جلالته لا يحتاج منا إلى هذا

بلال حسن التل
عندما يطرح جلالة الملك عبدالله الثاني أبن الحسين, فكرة من أفكاره, أو رؤية من رؤى جلالته, سواء كانت الفكرة او الرؤية متعلقة بالشأن المحلي الأردني, أو بالشأن العربي, أو بالشـأن الإقليمي, أو بالشأن العالمي والإنساني, وسواء جاء طرح جلالته لفكرته أو رؤيته, في واحد من لقاءات جلالته مع الفعاليات المختلفة الداخلية أو الخارجية, أو في خطاب من على منصة محلية أو عالمية, أو في حوار مرئي أو مسموع أو منشور, أو في مقال مكتوب, كمقال جلالته الأخير في الواشنطن بوست على تعدد منابر جلالته ووسائله في إيصال رسائله, باعتبار جلالته صاحب رسالة إنسانية يحرص على إيصالها بكل الوسائل والطرق المتاحة, فإن جلالته عندما يفعل ذلك لا يفعله بالتأكيد لنثني عليه ونمدحه, لأن ذلك يتنافى أولاً مع طبيعه الجندية في تكوين جلالته, والمجبولة على الميل للعمل الميداني المنتج وبأن يذهب الناس إلى الهدف مباشرة, ولأنه ثانياً علينا نحن أن نحرص على رضى جلالته ونيل ثنائه باعتباره قائد المسيرة ورب أسرتنا الكبيرة.
ومثلما لا يحتاج جلالته منا الى التوقف عند حدود الثناء على أفكاره ورؤاه, فإنه لا يحتاج أيضاَ منا إلى إعادة تلخيص طروحاته ورؤاه, وتوصيفها في مقالات تحمل أسمائنا, وقد يسعى بعضنا إلى تصغير الفكرة أو الرؤية السامية على مقاسه هو, دون ان يرتقي هو إلى سموها وإنسانيتها.
جلالته لا يحتاج منا إلى ذلك كله, لأننا بذلك نكون عبئاً على جلالته, وعلى ما يطرحه من أفكار ورؤى, بدلاً من أن نكون عوناً له, بأن نقدح زناد فكرنا, فنستوعب الفكرة أو الرؤية, ونفهمها لتكون جزء من وعيينا, ثم لنشمر عن سواعد الجد لتحويل ما استوعبناه ووعيناه إلى برامج عمل, تحول الفكرة أو الرؤية إلى واقع ملموس, وجزء من حياتنا نقدم من خلاله نموذجاً عملياً, وتجسيداً حياً للفكرة, وبهذا تعيش الافكار كما علمنا رسولنا محمد عليه السلام, حين كان يأمر الرجل بأن يقرأ العشرة من آيات القرآن الكريم لا يغادرها حتى يفهمها ويطبقها, فهذا هو الطريق لترجمة الأفكار والمبادىء والتعاليم, لذلك فإن ما يحتاجه جلالة الملك منا, كي نكون عوناً له لا عبئاً عليه, هو ان نعي ونفهم ما يطرحه ثم نطبق, لنبني النموذج المادي الذي يجسد فكر ورؤى جلالته, واول ذلك بأن نرتقي إلى مستواها فنجسدها في سلوكنا, ونجترح آليات ووسائل لترجمتها في واقع حياتنا وبذلك نقر عيون ربان سفينتنا.
Bilal.tall@yahoo.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى