عربيعربي ودولي

حل السلطة… خيارًا لوقف الحرب

منذ ٧ اكتوبر لم تقدم السلطة الفلسطينية شيء يذكر يمكن أن يغير من معادلة الحرب على قطاع غزة، السلطة التي تتحكم في أمن مدن الضفة الغربية وبعض ريفها وتتحكم في ميدانها وفي التنظيم الأكبر بمنظمة التحرير الفلسطينية وقفت تشاهد سقوط آلاف الشهداء في غزة تحت ركام منازلهم ولم تحرك ساكنًا يذكر لوقف هذه الحرب وهي بيدها الكثير كي تفعله.

أصوات في السلطة ونتاج نقاشات مطولة وشبه يومية خلصت إلى أن الانتظار أفضل ما يمكن أن تفعله السلطة حول الحرب في غزة، فهذه الحرب قد تقضي على حماس “غريمها السياسي” وتعيد لها حكم قطاع غزة على “طبق من دم”، وفي ذات السياق تعهدت السلطة بالحفاظ على الهدوء في الضفة الغربية والتنسيق الكامل مع أمريكا أمنيا وسياسيا حول ذلك، وهو ما يتم فعلاً على الأرض.

خلال 67 يوميًا من الحرب على القطاع تجمدت حركة فتح بشكل مذهل، قدمت نفسها في محطات كثيرة كأداة لقمع أي تحرك حقيقي في الضفة، وتحولت هذه الحركة الكبيرة بتاريخها وحجمها الجماهيري والسياسي إلى “أداة” في خطة تهدئة الضفة الغربية، وهو لأمر مؤسف وغريب، إذ كيف تقبل قيادات فتح هذه الحالة التي وصلت لها في لحظة تاريخية تمر به القضية الفلسطينية ولم تخرج أصوات حقيقة تقول “كفى”؟!.

كثير من قيادات في السلطة ومعها قيادات بعض الفصائل لا تدرك بعد حجم المرحلة التاريخية التي تمر فيها القضية الفلسطينية، وكثير منهم يتعامل مع الحدث على اعتبار أنه “تصعيد ويمر” وبعضهم يتأمل أن ينتهي بما تخفيه نفسه حول واقع غزة الجديد، لكن هؤلاء ما زالوا لا يدركون أن رقابهم هي الهدف التالي وهذا ما صرح به نتنياهو وبدأ به أجندته الإعلامية الجديدة لمحو خيار الدولة الفلسطينية.

نحن الآن أمام مرحلة تتطلب خيارات كبيرة للتعامل مع الحدث الكبير، كما أننا أمام استحقاق وطني وجب على حركة فتح أن تقدمه للحفاظ على سيرتها الوطنية وتاريخها وأن تأخذ زمام المبادرة من المجموعة الحاكمة التي لا ترى في نفسها إلا ضابط أمن يحافظ على الهدوء في الضفة الغربية.

وإن من أقوى ما تملكه فتح من أدوات هو قرار حل السلطة الفلسطينية وتحميل الاحتلال مسؤوليته كقوة احتلال على الضفة الغربية وترك الأمور تذهب في سياقها الطبيعي في التعامل مع الاحتلال. هذه الخطوة ستربك المشهد الدولي بشكل كبير جدًا وستسارع الدول إلى لملمة المشهد سريعا وفي مقدمته إلزام الاحتلال بوقت الحرب على غزة، حالة الاشتباك الواسع مع الاحتلال ومستوطنيه قد يفضي إلى اشتباك دولي أوسع من فلسطين.

حل السلطة خطوة تنسجم مع المرحلة الخطيرة التي تمر بها القضية وبحجم التحدي الكبير أمامها الآن وهي بحاجة إلى إرادة قوية وقيادة لا ترتهن للاتفاقات الأمنية والمصالح الشخصية وبالتالي فالمبادرة بيد فتح أولاً، والثمن السهل اليوم سندفعه غداً أعظم وأكبر وأكثر قسوة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى