اراء
أخر الأخبار

“خطأ جوهري” ترتكبه “الاحزاب الناشئة” يوميا والنتيجة اجهاض التحديث السياسي المنشود

محمود علي الدباس

تنشط الاحزاب الناشئة الجديدة على الساحة السياسية الاردنية والتي ولدت من رحم رؤية التحديث السياسي التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني في سبيل تعزيز المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار عبر حياة سياسية مدخلها الاحزاب.

وتولى ثلة من ابناء الاردن مسؤولية ترجمة الرؤى الملكية والتطلعات الشعبية نحو حياة سياسية اكثر تفاعلا من قبل القواعد الشعبية مع قضايا الوطن والالتحام في مسار التحديث السياسي المنشود.

الا ان من الملاحظات على هذا النشاط المحمود من قبل الاحزاب السياسية ، وجهدها في استقطاب المواطنين للانتساب اليها ما يشوبه بعض التشوهات الهيكلية ، التي قد تؤدي عند اول اختبار الى الفشل.

وان الوقت لا زال  امام تلك الاحزاب للعمل على تصحيح المسار ، بما يكفل نجاح جهودها الاستقطابية الموجهة نحو جمهور المواطنين من مختلف الفئات.

صحيح ان قانون الاحزاب الجديد قد الزم تلك الاحزاب بتحقيق عدد من المعايير والشروط التي لا يمكن تخطيها ومن الضروري ان تحققها ، لتواصل مسيرتها في تشكيل الوعي السياسي المطلوب بين المواطنين ، وتعيير اتجاهات تفكير المواطنين بأهمية الانخراط بالحياة الحزبية ، وانها البوابة الوحيدة للتمثيل السياسي ، والتي ركز عليها جلالته ابان اطلاق رؤية التحديث السياسي عندما اشار الى ان “مستقبل العمل السياسي في الأردن سيكون من خلال الأحزاب” ، وجلالته بهذا التوجه الحكيم انما يفتح الباب واسعا امام حياة سياسية جديدة وحيوية يمكن للفرد والجماعات الانخراط في اطار حزبي لترجمة تطلعاتهم في وطن يشارك الجميع في مسيرة البناء والتطوير فيه.

حيث يمكن مشاهدة بعض الاخطاء الجوهرية التي ترتكبها الاحزاب في سعيها لتحزيب اكبر عدد من المواطنين في صفوفها ، وفي مقدمة تلك الاخطاء التي قد تكون قاتلة لمسيرة هذا الحزب او ذاك ، طريقة تشكيل قيادات الحزب ممن يطلق عليهم النخب السياسية ، فكل حزب ينشط في استقطاب اسماء لامعة ممن تقلدوا المناصب الحكومية ونالوا لقب معالي وعطوفة وباشا وسعادة وغيرها من الالقاب ، التي انتقلت معهم ولازمتهم عند دخولهم الحياة الحزبية ، وكانت ورقة جوكر في تقدمهم على سلم المسؤولية في هذه الاحزاب.

وان المراقب لهذه الاحزاب يرى ان في ذلك تكريس للطبقية السياسية وتهميش لدور المواطنين الاخرين الذين لم يحظوا بالقاب ، انما يملكون من الخبرة والقدرة على ان يكونوا اكثر فعالية في الحراك الحزبي ، والواقع انه تم تهميشهم ولم يصلوا الى مناصب قيادية في الاحزاب ، ويرى بعضهم انه اصبح جزء من ديكور الحزب وضروراته مثل فئة الشباب والمرأة ومن هم يعانون من اعاقات ولكن يمتلكون من القدرة والخبرة ما يغطي على كثير من الاسماء التي يظن هذا الحزب او ذاك انهم سيعبدون الطريق للحزب في اي انتخابات قادمة.

وهو خطأ ومقتل لتلك الاحزاب ، اذ ان استنساخ العقلية الدارجة في توظيف اصحاب الحظوة والالقاب ، والعديد منهم كان له يد في ما وصلت اليه البلاد من تراجع في الشأن الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ، سيكون له اثر سلبي كبير في اقناع جمهور الناخبين ببرامج هذا الحزب ومدى صدقيته في تغيير النظرة القاتمة حول هؤلاء الاشخاص.

ان تركيز الاحزاب الناشئة على الاستثمار في الاسماء اللامعة والمجربة والتي يملك المواطنين عنهم ذاكرة سلبية حول ادائهم ، لا يمكن ان يؤدي في النهاية الى انجاح مساعي الحزب في الوصول باسماء قديمة وعليها اكثر من علامة استفهام حول الاداء والقدرة.

وكما اسلفت فإن الوقت يمضي ولكن بالامكان احداث تغيير جوهري في عملية بناء الحزب من القاعدة الى القمة بدلا من استسهال بناء قمة منفصلة عن القاعدة ، وبالتالي الوصول الى نتائج من شأنها هدم كل الجهود التي بذلت لتعزيز وبناء الثقة مع الجمهور حول صدقية التوجهات لتحديث الحياة السياسية عبر المشاركة الشعبية الحقيقية ، لا ان يكون الموضوع وكأننا نتحدث عن دعوة لحضور جاهة تم الاتفاق بين اطرافها ، وقبل حضور المدعوين على كافة التفاصيل مسبقا؟؟

ما هو مطلوب من المواطن البسيط ان يرى تغييرا مفصليا في اتجاهات التفكير من تلك الاحزاب وان تدفع بوجوه جديدة تحمل فكر وبرامج الحزب القابلة للتطبيق وتحقيق التغيير المنشود وتعزيز ثقة المواطنين بهذه الاحزاب ، وانها حقيقة تسعى الى بلورة فكر جمعي يأتي من القاعدة الى قمة الهرم دون الالتفات الى الاسم واللقب ويكون الالتزام بفكر وبرامج وخطط الحزب الفيصل في اختيار ممثليه في اية انتخابات قادمة سواء برلمانية او الحكم المحلي والبلديات.

فالمواطن ينظر بعين الريبة لاي حزب عندما يطالع اسماء قياداته ويقول في نفسه هل يمكن لمن فشل في الحياة العامة وإبان توليه المنصب وقدرته على اتخاذ القرار ان يغير في الواقع الجديد شيئا؟

فهل تلتقط الاحزاب هذه الاشارات وتصوب الاوضاع قبل فوات الاوان ومواجهة الحقائق عند فتح صناديق الاقتراع؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى