Categories: اراء

خطوات متسارعة

سلامة الدرعاوي

الظروف الراهنة تشهد تحديات اقتصادية جسيمة تواجه المملكة، حيث تلقي الأزمات الإقليمية، وعلى رأسها حرب الإبادة الإجرامية التي يقوم بها الاحتلال ضد الأهل في قطاع غزة، بظلالها الثقيلة على الاقتصاد الوطني، حيث يبرز هذا التأثير بشكل خاص في قطاع السياحة، الذي يعد ركيزة أساسية في الناتج المحلي الإجمالي الأردني.

ونتيجة لذلك، شهدت البتراء، انخفاضاً حاداً في عدد الزوار من 6 آلاف يومياً إلى 500 فقط، مما يُنذر بتداعيات اقتصادية خطيرة.

وعلى صعيد أكبر، يتوقع صندوق النقد الدولي، أن ينخفض معدل النمو الاقتصادي في الأردن إلى 2.6 % في العامين 2023 و2024، مقارنة بالتوقعات السابقة التي كانت تشير إلى نمو يقارب 3 %.
في سياق متصل، تزيد الاضطرابات في مضيق باب المندب وتوسع الحرب إلى اليمن من التحديات الاقتصادية، خاصةً بعد الضربات العسكرية الأميركية والبريطانية، إذ إن هذا الوضع يضع المنطقة ككل على حافة الهاوية، مما يزيد من أهمية اتخاذ الحكومة خطوات استباقية للتعامل مع هذه الأزمات، خصوصًا مع اقتراب شهر رمضان المبارك.
وجه رئيس الوزراء للتعامل السريع والفعّال مع هذه الأزمة وذلك من خلال اتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة الآثار التضخمية المحتملة، والتي تتضمن ارتفاع تكاليف الشحن ورسوم التأمين على البضائع المستوردة، بالإضافة إلى ضبط أسعار السلع الأساسية.
وسط ذلك، يبرز دور البنك المركزي الأردني كعنصر محوري في هذه الإستراتيجية، حيث يستمر في تمويل البرامج التي بدأها خلال جائحة كورونا، بالإضافة إلى توفير تمويل للتجار لضمان استمرارية توفير السلع الأساسية. تواجه الحكومة اليوم تحديًا كبيرًا لتعزيز هذه الإجراءات وضمان وجود تحوط كافٍ يحمي الاقتصاد من مخاطر التضخم المرتفع والركود، الأمر الذي يتطلب جهودًا مضاعفة للحفاظ على استقرار الاقتصاد الوطني، إذ يجب على الحكومة توسيع نطاق سياساتها الاقتصادية لتشمل دعم القطاعات الأكثر تأثرًا، مثل السياحة والتجارة، وكذلك تعزيز القطاعات البديلة التي يمكن أن تسهم في تنويع مصادر الدخل.
إن التحديات الحالية تتطلب توازنًا دقيقًا بين الحاجة إلى التدخل الحكومي لتحفيز النمو وبين الحفاظ على الاستقرار المالي، حيث تأتي أهمية السياسات النقدية والمالية المرنة والاستباقية هنا، حيث يمكن للتدابير المناسبة أن تخفف من وطأة الأزمات الإقليمية، وتضمن استمرارية النمو الاقتصادي.
من المهم أيضًا أن تركز الحكومة على تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي من خلال دعم الفئات الأكثر تضررًا من هذه الأزمات، إذ يجب أن تشمل الإجراءات مساعدات مالية مباشرة، وتحفيز الاستثمار في القطاعات الحيوية.
الأزمات الإقليمية تظهر أهمية الاستجابة السريعة والفعّالة، إذ إنه بالتعاون والتنسيق المستمر بين مختلف الأجهزة الحكومية والقطاع الخاص، يمكن تجاوز هذه التحديات بنجاح وضمان استقرار الاقتصاد على المدى الطويل.

editor

Recent Posts

إسرائيل تعثر على نسخة “حم.اس” من لعبة “السلالم”

عثر جنود لواء "ناحال" الإسرائيلي، على نسخة من لعبة الأطفال الشهيرة "السلالم" خلال عمليات مسح…

3 دقائق ago

فينيسيوس يتوهج ويقود البرازيل لاكتساح باراجواي

حقق منتخب البرازيل، فوزه الأول ببطولة كوبا أمريكا 2024، بالفوز (4-1) على باراجواي، ليودع الأخير…

9 دقائق ago

أمريكا أرسلت لإسرائيل 14 ألف قنبلة زنة 2000 رطل منذ 7 أكتوبر

قال مسؤولان أمريكيان مطلعان إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أرسلت لإسرائيل عددا كبيرا من…

15 دقيقة ago

أطباء يحذرون من مخاطر “ترند” فرك الليمون على الشعر

انتشر بشكل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي "ترند" مثير للقلق يدعو إلى فرك الليمون على…

18 دقيقة ago

أجواء حارة نسبيا اليوم وصيفية معتدلة غدًا

يكون الطقس اليوم السبت، حارا نسبياً في أغلب المناطق، وحارًا في البادية والأغوار والبحر الميت…

33 دقيقة ago

صحيفة عبرية تفضح قرارا اتخذه الجيش الإسرائيلي بشأن بقاء قواته في محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر

قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية إن الجيش الإسرائيلي سيبقى في محور فيلادلفيا على الحدود بين…

48 دقيقة ago