اراء

ساعات في المركز الوطني للبحوث الزراعية

د.صبري ربيحات

اليوم كان مميزا ومختلفا عن بقية ايام الاسبوع، فقد حظيت بدعوة كريمة من الدكتور نزار حداد لزيارة المركز الوطني للبحوث الزراعية الواقع على الجانب المقابل لمحطة الاقمار الصناعية في حوض البقعة ضمن حدود بلدية عين الباشا..

الدعوة التي جاءت على اثر مقال نشرته في الغد قبل ايام تحت عنوان.”بانتظار الخطة الزراعية” كانت مفاجئة ومبهجة فهي مفاجئة لان غالبية من يجلسون على مقاعد المسؤولية لا يكترثون لما يكتب بالصحافة الا اذا كان مدحا لهم او ذما لانجازاتهم ومبهجة من حيث انها تفصح عن شخصية مدير يعتقد ان لديه ما يمكن ان يطلع المجتمع والصحافة والنقاد عليه.. ومؤسسة تعمل ولا تلاقي نصيبها من الاهتمام.الاعلامي ولا المجتمعي ناهيك عن الاهتمام الرسمي.

في الدعوة ما يوحي الى انه جاهز للحوار وتقبل الراي الاخر لذا فما ان تلقيت الدعوة على وسائل التواصل الاجتماعي حتى استجبت لها واتفقت مع المركز على ترتيبها لتنفذ هذا اليوم.
عند العاشرة صباحا توجهت الى حوض البقعة وانعطفت يمينا بالقرب من المركز الامني لادخل حرم مؤسسة عملاقة اختير لها ان تتوسط احدى اكثر بقاع الاردن خصوبة وخضرة.. وتتولى مسؤولية تنمية وتطوير احد اهم الانشطة التصاقا بتراثنا وحياتنا ومصيرنا.
الدكتور نزار حداد رئيس المركز ورفاقه من الباحثين في غرف المختبرات واقسام التتبع والرصد ودوائر البحث والتطوير منشغلين بعشرات القضايا والاسئلة التي اتعبتنا واثارت لدينا الاسئلة والعتب.. فهم يتابعون لحظة بلحظة الامطار ويدرسون التربة ويوثقون الاصناف والانواع النباتية ويطورون البذور ويختبرون صلاحية النباتات والاشتال للمناطق المختلفة وقبل ان تسألهم يجيبوك عن السلالات المنقرضة والمعرضة للانقراض.. يتابعون ما يجري في العالم ويدركون محددات العمل ولا ينكرون ان الكثير مما تنشغل به المعامل وغرف التجريب يحتاج لسنوات قبل ان يلمس المزارع نتائجه…..
عشرات الاسئلة التي طرحت مني ومن الخبراء الذين اتيح لي مقابلتهم بقيت ترن في مخيلتي وانا استذكر تعليقات امهاتنا اللواتي اشتكين من فقدان الخيار لرائحته والبندورة لحموضتها وقصص البطيخ الذي ينضج قبل الاوان والماعز الذي يداهمه العمى وغيرها من الاسئلة التي ينغمس النجباء من شبابنا وشابتنا في ايجاد الاجابات لها..
لقد حرصت وقبل مغادرتي المكان ان انصح المضيف الذي يتدفق حماسا وتحدوه الرغبة الى ان يسابق الزمن في الوصول الى اردن ينتج كل القمح الذي يحتاج ويزرع كل الدونمات المهملة ويرى في القرى جمعيات تجمع الحليب والبيض وكل ما يفيض عن استهلاك الاسر من منتجات مصنعة وتجد له الاسواق التي تعود على دخول الفقراء بعائد يقلل من وطأة الفقر وجور الزمان..
رجوته ان يستثمر الاذاعات المجتمعية في الطفيلة والكرك والمفرق وعجلون ليشرح للناس باساليب لا تختلف عن ما كان يقوم به الحاج مازن القبج وليتعلم الناس العناية بالشجار واساليب الري والتطعيم وجني المحصول قبل ان يفاجئني بحقيقة استخدامهم لتقنيات الكترونية متقدمة تشبه تطبيق امان حيث يقولون للمزارع بان اشجارهم تحتاج الى كذا وكذا من الاسمدة وتحدد مواعيد الري وتتنبأ بالمخاطر المحتملة وسبل الوقاية متها…
زيارة اليوم كانت زاخرة بالمعلومات وتبعث على الثقة في احتمالية النهوض الزراعي المحفوف بعقد ومشكلات يعود غالبيتها الي عدم قدرة الادارات على البناء والتأسيس ضمن استراتيجية وطنية بعيدة عن نزعات فردية ومناكفات يقوم بها من لا يدركون عظم المسؤولية واهمية انكار الذات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى