Categories: اراء

سرطان الاستيطان

د. امين مشاقبة

تُعتبر الحركة الصهيونية حركة استيطانية إحلالية، ومنذ اللحظات الأولى لوجودها في فلسطين، سعت إلى بناء المستوطنات تلو الأخرى، وإحلال الشعب اليهودي محل الشعب الفلسطيني، وأقامت دولتهم على خرافات تلمودية ودينية، وها هي اليوم تقضم الأرض قطعة تلو القطعة، وتبني المستوطنات في أراضي الضفة الغربية، فقد وصل عددها إلى الآن ما يزيد عن 150 مستوطنة، ووصل عدد المستوطنينفي الضفة الغربية إلى 750- 820 ألف مستوطناً، حيث عملت على تطويق المدن الكبرى ذات الكثافة السكانية بطوق من المستعمرات، وعلى سبيل المثال، تهويد القدس، فالسمتوطنات تحيط بالمدينة المقدسة من كل جانب، ووصل عدد المستوطنين حول القدس ما يقارب 330 ألف مستوطناً، وتسعى إسرائيل لبناء الهيكل المزعوم، وقسمت المسجد الأقصى المبارك زمانياً، وتهدف إلى التقسيم المكاني كما حصل في الحرم الإبراهيمي الشريف، فعملية قضم الأراضي تلغي وجود الدولة الفلسطينية المستقبلية، وهذا هدف صهيوني لعدم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أراضي عام 1967، فالحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ عام 1993 بعد اتفاق أوسلو ترفض الانسحاب وترفض السلام، وألغت كل الاتفاقيات المعقودة، وكسب الوقت لزيادة عدد المستوطنات والمستوطنين. وها هي اليوم تسعى لبناء 4000 وحدة سكنية، ومحاولة تهجير 8 قرى في الخليل، ناهيك عن استملاك 22 ألف دونم من الأراضي الواقعة شمال القدس، فإسرائيل تؤمن بسياسة الأمر الواقع، السياسة العملية التي تنتهجها منذ التأسيس البعد التدريجي في الاستيلاء على الأرض، وهذا النهج قد حصل قبيل حرب عام 1948، عندما وصل أعداد اليهود المهاجرين إلى نفس عدد السكان الفلسطينيين، ووافقت على قرار التقسيم، ومع الحرب زادت مساحتها أكثر فأكثر.
وها نحن اليوم، فالتاريخ يعيد نفسه ثانيةً، بمعنى أن الهدف الرئيسي هو وصول أعداد المستوطنين إلى مليون ونص مستوطناً على أراضي الضفة الغربية، وتفرض أمراً واقعاً جديداً كما حصل أيام الانتداب البريطاني، فالمطلوب صحوة عربية لإنقاذ الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووقف السرطان الاستيطان المستشري في أرض فلسطين، ووقف كل سياسات التهويد، لكن الأمة في سبات عميق، وكل مكبّلُ بأزماته الداخلية، والبعض قراره ليس بيده، فالسيادة التي هي الإرادة مرتهنة، والكل يهرول نحو التطبيع، متناسين المعاناة والألم للشعب الفلسطيني الذي يدافع عن شرف الأمة، منزوع السلاح.
لا بد من وقف هذه الأفعال والغطرسة الصيونية التي تفصل بناء ما تشاء، وكل مرة التاريخ يعيد نفسه، ولا نتعلم من الدروس التي مررنا بها، وعليه هل من صحوة جديدة؟.

Mahmoud Dabbas

Recent Posts

المحامي الشاب توفيق الدباس في ذمة الله

بسم الله الرحمن الرحيم"يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي…

4 دقائق ago

المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية يصدرُدراسة حول الفجوة الكمية والنوعية بين جانبي العرض والطلب في قطاع السياحة

  أصدر المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية التابع للمجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا دراسة الفجوة الكمية…

15 دقيقة ago

نص.ر الله غير مكانه بعد تلقيه تحذيرا من المخابرات الإيرانية بأن إسرائيل تنوي تصفيته

ذكر موقع "epoch" العبري في تقرير نشر مؤخرا أن أمين عام حزب الله اللبناني حسن…

21 دقيقة ago

بدء التسجيل للدورة الصيفية لامتحان “الشامل” الأسبوع المقبل

أعلن رئيس جامعة البلقاء التطبيقية، رئيس اللجنة العليا للامتحانات أحمد فخري العجلوني مواعيد التسجيل والامتحانات…

38 دقيقة ago

8672 طالبا استُشهدوا منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة

قالت وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، إن 8672 طالبا استُشهدوا و14583 أصيبوا بجروح منذ بدء…

47 دقيقة ago

الخيار عند 60 قرشا في آلسوق المركزي اليوم

بلغت كميات الخضار والفواكه والورقيات الواردة إلى سوق الجملة المركزي التابع لأمانة عمان الكبرى، اليوم…

ساعة واحدة ago