اراء

شراكة ام استباحة القطاع الخاص؟

محمود الدباس

العديد من التعديلات ادخلت على قانون الشراكة مع القطاع الخاص بهدف تجويد المخرجات وتحقيق الاهداف والوقوف على اهم النقاط المشتركة التي تفضي الى بيئة استثمار محفزة وحقيقية ، تشجع القطاع الخاص على المزيد من الاستثمار في الاردن.

الا ان الواقع كما يراه القطاع الخاص تبدو معاكسة لما يقرأونه على الورق وما يستمعون اليه من المسؤولين !!

في حقيقة الامر ان القطاع الخاص لا يشعر بحقيقة سعي الحكومة لبناء الثقة مع القطاع ، وهناك من الدلائل والقرائن ما تدعم هذا الامر.

ونسمع الكثير من الشكوى من قطاعات اقتصادية من استقواء الحكومة على القطاع الخاص ، وعدم الاستماع والاخذ بمقترحاته الرامية لتعزيز بيئة الاستثمار في الاردن.

قبل ايام صدر نظام يلزم كل منشأة تشغل اكثر من 50 موظف وعامل ، تعيين طبيب وممرض في المنشآة ، ولا يعلم القطاع الخاص عن الاسباب الموجبة لاصدار هذا النظام ، في ظل توفير الشركات نظام تأمين صحي على اعلى مستوى ويمكن كل موظف وعامل من الاستفادة من الخدمات الطبية والصحية التي تقدمها الشبكة الطبية لشركات التأمين التي تتعاقد معها تلك الشركات والمصانع.

وينظر القطاع الخاص الى هذا الامر من زاوية الاستقواء عليه من قبل الحكومة وقدرتها على وضع انظمة وتعليمات تنسف كل التزاماتها بالشراكة مع القطاع الخاص.

وان القطاع الخاص يرى ان الحكومة تحاول حل مشكلة ضعف اجراءاتها الاقتصادية خاصة في موضوع البطالة التي تواجه بعض القطاعات على حسابها وتسجيل نقاط لصالح الحكومة ، دون النظر للاثار الاقتصادية المدمرة على البيئة الاستثمارية ، وعدم التشاور مع القطاع الخاص قبيل اصدار مثل هذه الانظمة والتعليمات ، لا سيما وان الاثر المترتب عليها يقع على عاتق القطاع الخاص بشكل مباشر ، ويزيد من تحدياته في الحفاظ على ديمومة عمله ، وبالتالي اجبار العديد من الشركات على وقف انشطتها الاقتصادية بسبب زيادة الكلف التشغيلية وتراجع قدرتها التنافسية في الاسواق المحلية والاقليمية جراء تزايد الكلف المالية المترتبة عليها.

وفي امثلة على هذا الاستقواء واستباحة القطاع الخاص ، على سبيل المثال بعض البلاغات التي صدرت عن رئاسة الوزراء والتي اعتبرت تدخلا مباشرا في اليات السوق ، مثل البلاغ الذي صدر بحصر نقل الطرود والبعائث البريدية الخاصة بالوزارات والمؤسسات العامة بشركة البريد الاردني .

غير آبهه في شركات بريد اخرى رخصتها الحكومة ذاتها لتقديم هذه الخدمات وفقا للمنافسة التجارية وتقديم العروض المالية لتأدية هذه الخدمات.

فهل نظرت الحكومة حين اصدار البلاغ المنوه عنه ، للاثار السلبية التي ستعود على الشركات الاخرى العاملة وعلى الخسائر التي سيرتبها وقف التعامل لتلك الشركات مع الوزارات والمؤسسات الحكومية ، وانعكاس ذلك على قدرة الشركات على الاستمرار والبقاء ، والوفاء بالالتزامات المالية المترتبة عليها كرواتب للموظفين ونفقات التشغيل الاخرى ، وبالتالي دفعها لوقف انشطتها التجارية ، واغلاق هذه الشركات.

فهل حققت الحكومة من اصدار هذا البلاغ منفعة اقتصادية تدعم بيئة الاستثمار ام عكس ذلك؟

يضاف الى ذلك تعميم صادر عن وزارة النقل الى شركات الطيران المحلية والعربية بمنع نقل العمال من الجنسية المصرية القادمين للاردن وحصر نقلهم بشركة الجسر العربي للملاحة وعبر الحافلات برا.

الا يعتبر ذلك اعتداء على حق طبيعي لاي شخص يملك القدرة المالية لاختيار وسيلة السفر المناسبة له للقدوم للمملكة ، وهل يعتبر ذلك تجاوزا على القوانين والانظمة المرعية فيما يتعلق بالعمالة المهاجرة وتمييز ضدهم ، يخالف التزامات المملكة بالمعاهدات الدولية ذات العلاقة؟

وان ذلك سوف يؤثر بشكل سلبي على شركات الطيران المحلية ويدخلها في ازمة مالية نتيجة هذا البلاغ.

هذه امثلة من التدخل السلبي من قبل الحكومة في عمل القطاع الخاص يضاف الى ما سبق من اجراءات احادية ضده رتبت وترتب اثار اقتصادية مدمرة على القطاع الخاص.

في حين ما تعلنه الحكومة حول التزامها بتوفير الحوافز والامتيازات لتمكين القطاع الخاص ، وهنا يثور السؤال الاهم اين هي تلك الحوافز وما هي الامتيازات التي قدمتها الحكومة على ارض الواقع؟

لا يمكن للقطاع الخاص ان يكون الشماعة التي تعلق عليها الحكومات فشلها في ابتكار خطط كفيلة لزيادة دخلها او حل مشكلة البطالة او انتشال الشركات الخاسرة.

ما نسمعه في قاعات الاجتماعات في الفنادق وما يتم عرضه على الشاشات من خطط للنهوض بالاقتصاد الاردني من قبل الحكومة لا يعكس الواقع الصعب والتحديات التي يتم زج القطاع الخاص بها عنوة ، لتزيد من معاناته مع الركود الاقتصادي الذي يعاني منه جراء الاوضاع الاقتصادية في الاردن والعالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى