منوعات

“شهر الطعام بامتياز”.. دعوات لاستذكار “المعنى الحقيقي” لرمضان

يواجه المواطنون في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أعباء كبيرة بقدوم شهر رمضان، خاصة في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية، حيث ارتفعت معدلات التضخم في غالبية دول المنطقة.

 

ويؤكد خبراء تحدثوا لموقع “الحرة” أن الأصل في شهر رمضان عدم “التبذير”، ولكن العادات الاستهلاكية المتضخمة تطغى على الولائم الرمضانية.

وأوضحوا أن جائحة كورونا وارتفاع الأسعار أثرا كثيرا خلال الفترة الماضية، ولكن مع ذلك تبقى العادات الاستهلاكية التي تصل لحد “التبذير” قائمة في رمضان لأسباب عديدة.

ويعزى التضخم إلى تداعيات الحرب في أوكرانيا وموجة جفاف حاد أثر على أداء القطاع الزراعي الأساسي في النمو الاقتصادي.

أستاذ علم الاجتماع في جامعة الموصل، موفق الويسي، قال إننا نشهد في رمضان نمطا استهلاكيا قائما على التبذير، وهذا يعود لعدة أسباب منها ما هو يرتبط بحالة الجوع لدى الإنسان ومنها ما هو اجتماعي.

وأوضح في رد على استفسارات موقع “الحرة” أن هناك ثلاثة أسباب للتبذير “أولها، الشعور غير المعتاد بالجوع ما يجعل الأفراد يشتهون الطعام بطريقة أكبر، وثانيا، المفاخرة في ولائم الطعام إذ يريد البعض التعبير بأن جوعهم خلال اليوم ليس سببه عدم قدرتهم على توفير الطعام، وثالثا، نمط الحياة في مساء أيام هذا الشهر والتي تحولت إلى سهرات ترفيهية وزيارات يرافقها نوع من المبالغة في تقديم الأطعمة بهدف التفاخر أمام الضيوف”.

ويشرح الويسي أن التضخم يؤثر في العادات الاستهلاكية إذ تتجه غالبية الناس إلى “التقنين وإيجاد بدائل غذائية أرخص”، مشيرا إلى أن جائحة كورونا أثرت بشكل مؤقت على عادات الاستهلاك في رمضان خلال الفترة الماضية.

وارتفع معدل التضخم السنوي في المدن المصرية إلى 31.9 في المئة، في فبراير، ووصل لأعلى مستوى منذ خمس سنوات ونصف، فيما سجل التضخم الأساسي زيادة قياسية بلغت 40.26 في المئة، وفق تقرير لوكالة رويترز.

ويواصل التضخم في مصر الارتفاع بشكل مطرد منذ أكثر من عام ووصل إلى 25.8 في المئة في يناير الماضي.

“شهر الطعام بامتياز”

رجل الدين التونسي، الشيخ محمد بن حمودة، قال إن “الأصل في استهلاك الطعام هو الاقتصاد وعدم التبذير إذ ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ‘نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع'”.

ويضيف في حديث لموقع “الحرة” “ابتعدنا عن تعاليم الإسلام، إذ تغير رمضان من شهر العبادات ليصبح شهر الطعام بامتياز، وتطغى فيه العادات على العبادات، والتبذير أصبح واقع حال في جميع الدول الإسلامية”.

وأضاف الشيخ حمودة أنه في هذا الشهر يفترض “تهذيب النفوس والصبر وتحمل الجوع والاقتصاد في الطعام، ولكن ما نشهده عكس ذلك تماما، إذ يتم الصيام عن الأكل فقط، ولكن ولائم الإفطار تكون أشبه بسباق في التفاخر بعرض الطعام”، وذلك “بالرغم من غلاء الأسعار التي تشهدها الأسواق”.

ويتوقع أن “العادات الاستهلاكية ستبقى قائمة على نمط التبذير حتى مع ارتفاع معدلات التضخم”، ويعول في الوقت ذاته على ضرورة “مراعاة الناس أوضاعهم خلال رمضان المقبل ووقف الإسراف والحد من الإفراط في الإنفاق”، على حد تعبيره.

قال المعهد الوطني للإحصاء في تونس، مطلع مارس، إن معدل التضخم السنوي ارتفع إلى 10.4 في المئة في فبراير من 10.2 في المئة في يناير، وهو أعلى مستوى منذ ثلاثة عقود.

وفي المغرب المجاور ارتفع التضخم ليبلغ 8.9 في المئة نهاية يناير، وفق ما أعلنت المندوبية السامية للتخطيط مؤخرا، وعزته أساسا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بحوالي 17 في المئة وخصوصا الخضراوات والفواكه واللحوم.

“العادات تقود الاستهلاك”

أستاذة علم النفس، شيماء عبد العزيز، تقول إن التبذير في الاستهلاك في رمضان يقوده بشكل كبير “العادات والتقاليد والتي أصبحت متوارثة من جيل إلى جيل خاصة في المجتمعات العربية”.

وبينت في رد على استفسارات موقع “الحرة” أن “المناسبات الدينية وحتى العادية ترتبط بالعادات بشكل أكبر، إذ يتنافس البعض في تقديم أطباق أكثر على موائدهم ليس الأغنياء فقط أيضا ذوي الدخل المحدود يتوسعون في الإنفاق على الغذاء”.

وتؤكد عبدالعزيز أن “جائحة كورونا قد تكون قللت من الولائم خلال ذروتها، ولكنها أيضا عززت توسع العائلات في زيادة الإنفاق على الغذاء وتنويعه بهدف زيادة المناعة”.

وانخفض مؤشر أسعار الغذاء العالمية الذي تصدره منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “”فاو”، في فبراير الماضي، ليبلغ انخفاضه 19 في المئة من المستوى القياسي الذي سجله في مارس من 2022 في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقالت المنظمة، مطلع مارس، إن مؤشرها، الذي يرصد أسعار السلع الغذائية الأولية الأكثر تداولا على مستوى العالم، بلغ 129.8 نقطة في المتوسط الشهر الماضي انخفاضا من 130.6 في يناير. وهذه هي أقل قراءة للمؤشر منذ سبتمبر 2021.

وجاء في التحديث الشهري أن انخفاض أسعار الزيوت النباتية ومنتجات الألبان ساعد على تراجع المؤشر ومحا أثر ارتفاع أسعار السكر.

وانخفض مؤشر الفاو لأسعار الحبوب بنسبة طفيفة بلغت 0.1 في المئة على أساس شهري في فبراير، مع ارتفاع هامشي في أسعار القمح، فيما انخفضت أسعار الأرز.

وهبطت أسعار الزيوت النباتية 3.2 في المئة ومنتجات الألبان 2.7 في المئة، فيما ارتفع السكر 6.9 في المئة إلى أعلى مستوى في ست سنوات بسبب التعديل بالخفض في إنتاج الهند.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى