اراء

عدم تنفيذ التوجيهات الملكية

د . هايل ودعان الدعجة

ما يميز نظام الحكم في الاردن متابعة جلالة الملك الحثيثة وتفاعله المستمر مع الاحداث والقضايا الداخلية والخارجية ، والوقوف عليها وتقديم الافكار والرؤى والتوجيهات الملكية ، التي تكون بمثابة خارطة طريق لكيفية التعامل معها ، وكما تعكسها خطابات جلالته وتصريحاته وكتب التكليف السامي وخطب العرش ، وكذلك اللقاءات المكثفة التي يعقدها مع الفعاليات السياسية والاقتصادية والحزبية والبرلمانية والاعلامية والاكاديمية والشبابية والشعبية ومؤسسات المجتمع المدني وغيرها من الفعاليات الاردنية ، خاصة ما يتعلق منها بالشأن الداخلي ، والتي تقتضي من مؤسسات الدولة المختلفة وتحديدا الحكومية والرسمية ، تتبع مساراتها وخطوطها بجدية وبمسؤولية ، وترجمتها الى سياسات وقرارات وتشريعات على ارض الواقع ، بما يضمن تحقيق المصلحة الوطنية . الامر الذي لا يحدث مع كل أسف ويبقى في اطار التعاطي الانشائي والنظري غير الجاد وغير المسؤول ، والذي ينتهي بالعادة بتغطيات اعلامية مع من يطلق عليهم بالمحللين السياسيين او الاقتصاديين او غيرهم . ولأننا نعول كثيرا على التوجيهات الملكية ، وما تنطوي عليه من افكار وحلول ورؤى سامية عميقة ، في مواجهة الصعوبات والتحديات التي يمر بها بلدنا ، فان عدم جدية الجهات المعنية بالتقاطها وتنفيذها من شأنه ان يصيبنا بالاحباط ، ويجعلنا نفقد الثقة بامكانية مواجهة هذه التحديات .
فخلال لقاء جلالة الملك مثلا مع احدى الفعاليات النيابية قبل حوالي اربع سنوات تقريبا ، فقد عبر عن اسفه وعدم رضاه بسبب تقصير وعدم تعاطي الوزارات والمؤسسات ومختلف القطاعات المجتمعية الاردنية مع التوجيهات الملكية ممثلة بالاوراق النقاشية كما يجب ، وعدم أخذها بعين الاهتمام، حيث لم تطبقها على ارض الواقع من خلال العمل وليس القول فقط . وهو ما ينطبق ايضا على الخطط والاستراتيجيات الحكومية المختلفة ، التي غالبا ما يتم وضعها وطرحها بناء على التوجيهات الملكية ايضا ، ولا يتم تطبيقها وتنفيذها ، بحيث تذهب مع الحكومات المستقيلة التي وضعتها . وان ما يلفت النظر ايضا تلك العبارات التي يرددها البعض في شارعنا الاردني كالقول .. بان الحكومات لا تطبق التوجيهات الملكية ، ولا تأخذ بها ، خاصة ما يتعلق منها بالخطط والبرامج الحكومية او بتلبية مطالب النواب والمواطنين ، المتعلقة بتوفير الخدمات واقامة المشاريع المختلفة . وهناك من يخفف من لغة هذه العبارات بالقول بان الحكومات لم تلتقط الاشارات والرسائل الملكية ، وجميعها عبارات مؤسفة ومستفزة ، لا نريد ان نسمعها تتردد في شارعنا الاردني ، لاننا لا نريد ان يقال بان التوجيهات والاوامر الملكية لا تنفذ ، وان هناك جهات حكومية ورسمية لا تطبقها ، باعتبارها مسألة حساسة ، لا تحتمل التجاهل والتساهل ، ولا يجوز التهاون بامرها ، اضافة الى انها تمثل الامل المتبقي الذي يعول عليه المواطن في رؤية احتياجاته ومطالبه تتحقق وتلبى استجابة لها ، خاصة اننا لم نعتد على خروج اي من مؤسسات الدولة عليها وعدم تطبيقها ، تماهيا مع طبيعة النظام الملكي الذي يستحوذ فيه جلالة الملك على جميع السلطات ، التي دائما ما يراعي في ممارستها مصلحة المواطن والوقوف الى جانبه والانتصار لقضاياه .
الأمر الذي يتطلب تشكيل مرجعية ملكية في الديوان الملكي على شكل لجنة او عدة لجان وباشراف مباشر من قبل جلالة الملك ، تكون مهمتها متابعة تنفيذ النشاطات والاعمال والخطط والاستراتيجيات الحكومية والرسمية التي يتم وضعها بناء على التوجيهات الملكية ، لضمان ترجمتها وتحقيقها للاهداف والغايات التي وجدت من اجلها .. على ان يقترن ذلك بمساءلة المقصرين من المسؤولين الحكوميين والرسميين ومحاسبتهم ومعاقبتهم ، حفاظا على هيبة الحكم ، واحتراما واتباعا وانصياعا للأوامر والتوجيهات الملكية ، التي لا نريد ان يكون مصيرها كمصير البيانات الوزارية والخطابات النيابية في تعاطيها مع القضايا والملفات الوطنية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى