حوادث

عمالة الأطفال والتسول في الأردن .. هل هما وجهان لعملة واحدة؟!

رؤيا نيوز – تقرير : عبير هشام أبو طوق – لا تخلو إشارة ضوئية في عمّان من أطفال لا تتجاوز أعمارهم العشر سنوات يبيعون سلع رخيصة السعر، منخفضة الجودة وفي بعض الأحيان تكون رديئة للغاية.

فما أن تصبح الإشارة الضوئية حمراء في شارع وادي صقرة وتحديدا الإشارة التي تؤدي إلى وسط البلد وجبل اللويبدة حتى يبدأ الأطفال بالانتشار بين السيارات وعرض ما لديهم من سلع لبيعها.

وسيم .. طفل يبلغ من العمر ٨ سنوات، أسمر الوجه، نحيل الجسم، يرتدي ثياب ممزقة، يبيع العلكة وأحيانا المحارم الورقية بسعر لا يتجاوز العشرة قروش، في كل مرة تتوقف الإشارة الضوئية يتجه نحو السيارات بعبارات تثير الشفقة وتدعو للتعاطف “يا خالتو الله يخليك اشتري مني .. بدي اشتري خبز لأهلي”، “يا عمو الله يفتحها بوجهك .. اجبر عني خليني اروح”.

وسيم ليس وحده في المنطقة، حيث يكثر عدد الأطفال من ذكور وإناث الذين يتواجدون في شارع وادي صقرة وجبل اللويبدة وجبل الحسين ووسط البلد وغيرها من الأماكن التي تشهد حركة من المواطنين على مدار الساعة وذلك في سعي من هؤلاء الأطفال لتحصيل قوت يومهم وأيضا قوت عائلاتهم.

عمل الأطفال بالأرقام

وبحسب تقرير لبيت العمال الأردني للدراسات تم اصداره بمناسبة اليوم العالمي لعمل الأطفال ١٢ حزيران، وتم نشره على موقعهم الإلكتروني فقد أظهر تضاعف عدد الأطفال العاملين في المملكة عام ٢٠٠٧ من (٣٣) ألف إلى ما يقارب (٧٠) ألف عام ٢٠١٦ وذلك وفق المسح الذي تم بالتعاون بين الحكومة ومنظمة العمل الدولية، من هؤلاء (٤٥) ألف طفل يعملون في أعمال خطرة.
كذلك تضمن التقرير أرقام عن أعداد وجنسيات ومهن الأطفال العاملين، حيث بلغ إجمالي عدد العاملين في الفئة العمرية بين ٥-١٧سنة (٧٥٩٨٢) طفلا، منهم (٦٩٦٦١) تنطبق عليهم صفة عمل الأطفال المحظور قانونا، ومنهم (٤٤٩١٧) يعملون في أعمال خطرة، ومن حيث الجنسية فقد بلغ عدد الأطفال الأردنيين (٦٠٧٨٧)، والسوريين (١١٠٩٨) ومن الجنسيات الأخرى (٤٠٩٦).
وتتمثل أبرز النشاطات الاقتصادية التي يعملون بها في “تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات” بنسبة ٢٩%، يليه العمل في “الزراعة والحراجة” ٢٨%، وفي “الصناعات التحويلية والانشاء والتشييد” ١١% لكل منهما، والباقي في أعمال أخرى متنوعة.
أجساد غضة وأعمال خطرة .. ولكن!
كريم .. يبلغ من العمر ١٢ سنة ويسكن في منطقة سحاب شرق عمّان، يعمل في مهنة اصلاح المركبات في إحدى الورش الفنية في منطقة أبو علندا، يقضي أكثر من ١٠ ساعات يوميا في الورشة والتعامل مع معدات ثقيلة لا يتحملها جسمه الغض، ولكن الظروف أقوى منه في سعيه المتواصل لتحصيل لقمة العيش لقوله “أنا أكبر اخوتي .. اعمل في كراج لشخص نعرفه من سكان الحارة، يعلّمني مهنة تصليح السيارات”.
والدة كريم تعترف بصعوبة عمل ابنها، ولكنها تقول “يا بنتي ما فيه باليد حيلة، صاروا جايين على الدنيا خليهم يساعدونا شوي بالمصروف، الحياة صعبة وكورونا قضت علينا”.
تتكون أسرة كريم من ٦ أفراد، وضعهم المادي أقل من المتوسط، ويقول كريم إن التحول للتعليم عن بُعد مع جائحة كورونا وصعوبة الأوضاع المعيشية لعائلته دفعته للعمل للمساهمة في مصروف البيت وتأمين المتطلبات الأساسية.

وفي هذا السياق يتفق خبراء في المجال الاقتصادي والاجتماعي بأن ضعف منظومة الحماية الاجتماعية في الأردن تعد من أبرز الأسباب المانعة لتطبيق معايير عمل لائق، وبحسب التقديرات فإن نحو ٤٨% من العاملين والعاملات في الأردن لا يتمتعون بأي شكل من أشكال الحمايات الاجتماعية.

المحلل الاقتصادي مازن ارشيد يتحدث عن ضعف منظومة الحماية الاجتماعية؛ بقوله “هؤلاء الأطفال لا يخضعون للضمان الاجتماعي ولا يوجد لديهم تأمين صحي لأن صاحب العمل يعلم بأن هؤلاء الأطفال يعملون بشكل غير قانوني، بالتالي من الصعب اخضاعهم للقانون وضمهم للضمان الاجتماعي والتأمين الصحي وهذا من أسوأ أنواع الاستغلال الاقتصادي بالإضافة إلى تدني رواتبهم وعملهم في مواقع خطرة للغاية”.

العمل لا يقتصر على الذكور فقط
بحسب تقرير تم نشره أيضا على الموقع الإلكتروني لبيت العمال الأردني، فإن نسبة الذكور المتواجدين في سوق العمل تبلغ (٨٩%) مقابل (١١%) للإناث.
آية، تبلغ من العمر ١٦ سنة، واحدة من الإناث اللواتي لم يحالفهن الحظ في الثانوية العامة، تعمل في صالون سيدات في منطقة جبل الحسين وتتقاضى راتب شهري لا يتجاوز (١٧٠) دينار، بعد أن حصلت على دورة تدريبية مجانية قدمتها إحدى الجهات التي تعقد دورات تأهيلية للذكور والإناث لدخول سوق العمل، تعمل آية في تصفيف الشعر لمدة ٧ أيام في الأسبوع، بما في ذلك العطل الرسمية بسبب ضغط العمل بحسب وصفها بعد إعادة فتح القطاعات ولأن الموسم الحالي تكثر به المناسبات الاجتماعية، وقد اضطرت آية التي تعيل والدها المريض وأخاها المعاق عقليا للقبول بالعمل لدى صاحبة الصالون التي ترفع شعار “مش عاجبك في كتير غيرك بتمنى يشتغل عندي وبراتب أقل” بحسب آية التي بينت أنها تُحضّر أيضا القهوة والشاي للزبائن وتنظف الصالون يوميا لأنه لا يوجد به عاملات غيرها.
فاطمة، سيدة تملك مطبخ إنتاجي في محافظة الكرك تتحدث عن بيئة العمل في مطبخها، حيث تعمل معها ٥ فتيات من المحافظة في تحضير وجبات الطعام وبيعها للشركات والمدارس “رواتب البنات عندي فوق الحد الأدنى للأجور، بس ما عندهم ضمان اجتماعي لأنه ما عندي محل مرخص، أنا بشتغل في بيتي، وتأمين صحي كمان ما عندهم لأنه الشغل عندي مش خطر على البنات، مطبخ إنتاجي كبيره الواحد ينجرح اصبعه والله الحامي”.
وفي هذا يتحدث خبراء اقتصاد أن الحد الادنى للأجور البالغ (٢٦٠) ديناراً لا يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية ومستويات المعيشة، موضحين أن هناك فئات في سوق العمل يحصلون على أجور تقل عن الحد الأدنى، خاصة في القطاعات غير المنظمة التي تبلغ نسبتها نحو ٤٨% من مجمل الأيدي العاملة في الأردن.
التشريعات والقوانين الأردنية الخاصة بعمالة الأطفال
ورغم مصادقة الأردن على اتفاقية العمل الدولية عام ١٩٩٧ رقم (١٣٨) لسنة ١٩٧٣ بشأن “الحد الأدنى لسن الاستخدام”، التي وضعت حداً أدنى لسن العمل هو سن إتمام التعليم الإلزامي واعتبرت انه لا يجوز أن يقل عن الخامسة عشرة، كما منعت تشغيل الأطفال حتى سن الثامنة عشرة في الأعمال التي يُحتمل أن تُعرّض للخطر صحة أو سلامة أو أخلاق الأحداث بسبب طبيعتها أو الظروف التي تؤدى فيها، إلا أن أصحاب الورش الفنية المنتشرة بين الأحياء السكنية في العديد من المناطق في عمّان وغيرهم من أصحاب القطاعات التشغيلية الخاصة لا يلتفتون لذلك، معتبرين أن العائلات الفقيرة تُرسل أبنائها للعمل لتحصيل لقمة العيش خاصة في ظل صعوبة الأوضاع الاقتصادية، وهذا الحال ينطبق أيضا على العديد من أصحاب المهن والمصالح الخاصة الذين يعتبرون أن تردي الأوضاع الاقتصادية يدفع بالكثير من العائلات لإرسال الأبناء لسوق العمل رغم صعوبة الظروف المهنية ومخالفة ذلك القوانين والتشريعات.
نائبة رئيس جمعية الحقوقيين الأردنيين المحامية نور الإمام تحدثت عن مدى تفعيل التشريعات والقوانين الأردنية الخاصة بعمالة الأطفال مبينة أنه “بحسب قانون العمل الأردني هناك شروط خاصة لتشغيل الأطفال وهذه الشروط تنص على أنه لا يجوز أن يتم تشغيل من هم أقل من ١٦ سنة وضمن حالات معينة” مضيفة “إن تفعيل مثل هذا الأمر له علاقة بالتفتيش في وزارة العمل والرقابة أكثر على سوق العمل وبالتالي ضمان أن لا يتم انتهاك القوانين وأن يكون هناك حماية للأطفال والعاملين في السن المحدد وفقا لأحكام القانون”.

 

العمل غير اللائق وغياب التعليم
أبو محمد، صاحب ورشة فنية متخصصة في دهان السيارات في منطقة وادي الرمم شرق عمّان صرّح لنا بأن عدد العاملين لديه يبلغ ١٠ أشخاص منهم ٥ أطفال تتراوح أعمارهم بين ٩ – ١٤ سنة، يعملون ستة أيام في الأسبوع ويتقاضون مبلغ لا يزيد عن (١٢٠) دينار شهريا بدون ضمان اجتماعي ولا تأمين صحي.
ورغم اقراره بأن ساعات العمل طويلة والراتب الشهري لكل عامل زهيد إلا أن أبو محمد يعترف “يا اختي أنا بدفع ضمن امكانياتي وأنا عندي ميزة رغم تدني الأجور أنه بيئة الشغل معي الحمد لله أمينة، ما فيه تحرش ولا فيه سلوكيات غير أخلاقية، الحمد لله أنا بصلي وبعتبر الشغيلة زي أولادي”.
الأطفال العاملون في ورشة أبو محمد يعيشون في ظروف اجتماعية واقتصادية وتعليمية صعبة للغاية، فهم المسؤولين عن تحصيل لقمة العيش لعائلاتهم، إضافة لأنهم لم يكملوا تعليمهم الأساسي شأنهم شأن العديد من الأطفال في الأردن وذلك على الرغم من مصادقة الأردن عام ٢٠٠٠ على اتفاقية العمل الدولية رقم (١٨٢) لسنة ١٩٩٩ بشأن “حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال” التي حثت على القضاء الفوري على أسوأ أشكال عمل الأطفال تمهيدا للقضاء التام والكلي على كافة أشكال عمل الأطفال، وأكدت على أهمية التعليم الأساسي المجاني وإعادة تأهيل الأطفال العاملين ودمجهم اجتماعيا مع العناية بحاجات أسرهم.
فالأوضاع الاقتصادية الصعبة بحسب أبو محمد أثرت على العديد من القطاعات وتحديدا بعد جائحة كورونا لقوله “يا اختي كورونا كشفت المغطا، الناس شحدت الملح وجاي تحكيلي قوانين ومعاهدات، الله يعين الناس”.
وفي هذا يتحدث المحلل الاقتصادي مازن ارشيد “رغم عدم قانونية عمل الأطفال تحت ١٨ سنة عالميا، وصعوبة الوضع الاقتصادي الذي تمر به العائلة، وبسبب وجود عدد كبير من هؤلاء الأطفال ضمن أسر يزيد عدد أفرادها عن ٧ أشخاص ودخلهم منخفض للغاية، لهذه الأسباب وغيرها يتم ادماج هؤلاء الأطفال في سوق العمل لغايات اقتصادية تتمثل في مساعدة الأسر في الحصول على دخل إضافي يساعدهم في مواجهة تكاليف الحياة المرتفعة”.
ويعلق ارشيد حول الظروف غير الملائمة لعمل الأطفال من حيث الأجر المادي أو بيئة العمل التي لا تناسب الأعمار والبنية الجسدية للأطفال سواء من الذكور أو الإناث “هناك استغلال اقتصادي بطبيعة الحال من حيث عدم دفع رواتب مجدية لهم، استغلال لنقص خبرتهم وتقديم رواتب منخفضة للغاية، ناهيك عن عملهم في مواقع خطرة جدا مثل ميكانيك السيارات والحدادة والنجارة، عدا عن تعاملهم اليومي مع مواد خطرة جدا ضمن بيئة العمل، طبعا جزء كبير منهم يعمل لساعات طويلة تتجاوز العشر ساعات يوميا وهذا مخالف لقانون العمل في الأردن للعامل العادي فما بالك بالطفل”.

جائحة كورونا والبطالة
وبحسب ورقة متخصصة أعدها المرصد العمّالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أظهرت أن جائحة كورونا عمقت الاختلالات وزادت مدى فقدان وظائف العمل ورفعت مستوى البطالة في الأردن الذي وصل خلال الربع الثاني من العام الحالي إلى ٢٤.٨% ونسبة البطالة للفئة العمرية ٢٠-٢٤ عاما بلغت ٤٨.٨ ٪.
وهذه النسبة غير المسبوقة بحسب خبراء في المجال الاقتصادي والاجتماعي هي التي تزيد من عمالة الأطفال والتسول، حيث تبحث العائلات عن مصدر دخل يساهم في تغطية النفقات اليومية والاحتياجات الأساسية.
دور الجهات الرسمية
قانون العمل الأردني جاء منسجما مع العديد من الاتفاقيات والقوانين والمعاهدات الدولية الخاصة بالأطفال ورغم أنه ينص بصراحة في العديد من البنود على منع تشغيل الحدث إذا لم يكمل السادسة عشر من عمره بأي صورة من الصور، ومنع تشغيله في الأعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرة بالصحة قبل بلوغ الثامنة عشر من عمره، وعلى أن لا تزيد ساعات عمله عن ست ساعات، وأن لا يتم تشغيله ليلا وفي الأعياد والعطل الرسمية والأسبوعية، إلا أن هذه المواد القانونية رغم أهميتها إلا أنها لم تكن تشكل أي أهمية تُذكر في الكثير من الأحيان على أرض الواقع، فأعداد الأطفال في سوق العمل بازدياد نظرا لتبعات جائحة كورونا بحسب العديد من المختصين.
الحملات التفتيشية على المخالفين
المهندسة هيفاء البشير – رئيس قسم تفتيش الحد من عمل الأطفال / مديرية تفتيش العمل المركزية في وزارة العمل بينت أنه يتم التعامل مع أصحاب العمل المخالفين من خلال عدة طرق منها المخالفات أو الإنذار وفي بعض الأحيان تلجأ الكوادر المعنية في الوزارة لتقديم النصح والإرشاد في حالات معينة.
موضحة أن دور الوزارة لا يقتصر على الإنذارات والمخالفات بل يتعداه للجوانب التوعوية، حيث تقوم الوزارة بتوزيع البروشورات بالتعاون مع العديد من الوزارات والشركاء وتوعية أصحاب العمل من خلال المفتشين عبر الزيارات الميدانية بمخاطر المهن على الأطفال والإجراءات القانونية المُطبقة بحق المخالفين.
عمل أم تسول؟
الأمر في الحالات الواقعية السابقة لا يقتصر على عمالة الأطفال بالمفهوم المتعارف عليه فخلال اعداد التقرير صادفنا عدة أطفال بأعمار متفاوتة يمتهنون التسول ولكن بقالب العمل، حيث وجدنا ذكور وإناث يتجولون بين المحلات لبيع زجاجات مياه أو الحلويات أو حتى المسابح، ومن هؤلاء الطفل موسى البالغ من العمر ١٠ سنوات، الذي تحدث عن مهنته في بيع حلويات الدحدح التي تحضرها والدته له يوميا لأن والده تضرر عمله بسبب ظروف كورونا، لقوله “امي كل يوم بتعملي سدر دحدح وبطلع أبيعه في الكراجات، مرات بتصير الدنيا العصر ولسه ما خلصت السدر، بصير اترجى الناس تشتري لأخلص اللي معي وأقدر اشتري شوية خضرة وخبز للدار”، مضيفا “الناس بتفكرني بشحد، بيجوا بحطوا اللي فيه النصيب من الفراطة بالسدر وبقولوا الله يبعتلك”.
وتتعدد الأمثلة سواء على عمل أو تسول الأطفال .. فالأشقاء علي وأحمد يسكنان في ماركا ويتواجدان يوميا على واحدة من الإشارات في المنطقة يمتهنان بيع الصحف صباحا وبعد الظهر يستجديان عطف المشاة والسائقين للحصول على بعض الأموال، يقول أحمد “أبوي بالسجن عليه شيكات بدون رصيد، أمي كانت بتشتغل معلمة في مدرسة خاصة سكّرت وقت كورونا، أنا واخوي بنبيع جرايد الصبح بس ما بتكفينا .. شو يعني ليرتين باليوم، بعد الظهر بنشحد من الناس اللي بعطينا ربع دينار أو اللي بطلع من نفسه او حبة فواكه بتمشي الأمور شوي”.
والدة الأطفال علي وأحمد التي خسرت عملها بسبب تداعيات جائحة كورونا لم تكن وحدها، فقد ذكرت الورقة التي أعدها المرصد العمالي الأردني أنه وفي العام ٢٠٢٠ خسر نحو (١٤٠) ألف عامل وعاملة وظائفهم جراء جائحة كورونا، وهذا ما أدى بحسب المرصد إلى ارتفاع نسب البطالة إلى أرقام غير مسبوقة.

منتدى الاستراتيجيات الأردني أصدر في منتصف شهر تشرين الأول ملخص سياسات بعنوان “الإناث في الأردن: هل يفتقرن الفرص” ورد فيه أن نسبة المشاركة الاقتصادية للإناث تساوي ١٤٪ فقط، وبحسب البيانات الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة في عام ٢٠٢٠ فإن هناك حوالي ٧٠٪ من العاملات الأردنيات يعملن في ثلاثة قطاعات فقط (التعليم، الخدمات الصحية، الإدارة العامة).

مهنة التسول!

وحتى لحظة اعداد هذا التقرير ضبطت مديرية مكافحة التسول في وزارة التنمية الاجتماعية خلال شهر أيلول (١١٠٢) متسول، وأجرت (٤١١) حملة وضبطت (٧) مسخرين فيما بلغ مجموع المبالغ المضبوطة (٣٧٣٩) دينار أردني بحسب تصريحات الناطق الإعلامي لوزارة التنمية الاجتماعية أشرف خريس لوكالة الأنباء الأردنية بترا.

وفي التفاصيل نجد أن الأرقام المنشورة عبر الموقع الإلكتروني لوزارة التنمية الاجتماعية تبين أن عدد المضبوطين لشهر أيلول من الذكور بلغ (٣١٤) مقابل (٢٦٧) أنثى، تتراوح الأعمار بين (٧ – ١٨) عام.

وبحسب ذات الأرقام تبين أن الحصة الأكبر في عدد المضبوطين كانت في إقليم الشمال بعدد إجمالي للبالغين والأحداث (٦٢٣) يليه إقليم الوسط بعدد إجمالي (٤١١) بينما في إقليم الجنوب بلغ (٦٨) من البالغين والأحداث.

وكان وزير التنمية الاجتماعية أيمن المفلح قد صرح لقناة رؤيا الفضائية في استضافة تلفزيونية خلال شهر تشرين الأول أنه تم ضبط (١٠٠٠٠) و (٣١٥) متسول منذ بداية العام الحالي منهم ٧٠٪ مكررين، موضحا “أن هذا الأمر يعني تحول التسول لمهنة”.

مبينا المفلح أنه علينا كمواطنين وجهات معنية التعاون معا من أجل القضاء على هذه الظاهرة معتبرا أنها وسيلة للكسب غير المشروع وقد طرح أمثلة منها بيع المياه، تنظيف السيارات وبيع الورد، معتبرا هؤلاء متسولين تحت غطاء البيع العشوائي وهناك دوريات مشتركة مع أمانة عمّان والبلديات لضبطهم.

وفي استطلاع لآراء مواطنين ذكر محمد عليان أن التسول لا يعني دائما أن الشخص يرغب بالمزيد من الأموال ولكن البعض يلجأ لهذه الوسيلة التي تمتهن الكرامة لأنه “بده يعيش” على حد وصفه.

طاهر رياض يصف تجربته بالتعامل مع بعض الأشخاص لقوله “كل بياعين الجرايد على الإشارات هم متسولين بشكل أو بآخر، جربي اشتري منهم جريدة واسمعي عبارات الشحدة على أصولها خاصة الأطفال، اللي أبوه بالسجن، الناس مش لاقية الخبز، وين المسؤولين عنهم؟”.

ندى سليمان واحدة من الفتيات اللواتي يعملن بشكل تطوعي إحدى الجمعيات الخيرية تقول عن تجربتها “أحيانا تحوّل الحاجة بعض الأشخاص لمتسولين يطلبون ما ينقصهم سواء من طعام أو شراب أو غيره، لا يمكن التعميم بأن التسول أصبح مهنة، ولكن لتقليل أعداد المتسولين علينا زيادة عدد البرامج الخاصة بالأسر الفقيرة لتأمين الحد الأدنى من الاحتياجات لهم”.

تقرير أعمال وزارة التنمية الاجتماعية لشهر أيلول ٢٠٢١ بين أن عدد الأسر التي حصلت على مساعدات نقدية بلغ (٦١٤٠) بينما استفادت (٥٠٢٥) أسرة من المساعدات العينية، وقد ذكر التقرير أن أعمال الوزارة لمساندة الآسر الفقيرة تتضمن التأمين الصحي، الإعفاء من نفقات العلاج، انشاء مساكن وصيانتها وغيرها.

الحملة الوطنية لمكافحة التسول “مسؤوليتك”

تهدف حملة “مسؤوليتك” التي أطلقتها وزارة التنمية الاجتماعية بالتعاون مع عدة جهات محلية إلى توعية المواطنين بضرورة عدم منح المتسولين أي مبالغ مالية وأهمية دورهم إلى جانب الجهات الرسمية في مكافحة التسول.

كما تدعو الوزارة المواطنين وبشكل دوري عبر العديد من الرسائل التوعوية في الصحافة والإعلام ومنصات التواصل الإجتماعي إلى ضرورة عدم التجاوب مع المتسولين وتلبية مطالبهم، فهذا من شأنه تكريس ظاهرة التسوّل التي تُعتبر جرماً يُعاقب عليها القانون، ويمكن للمواطنين التبليغ على مدار الساعة عن المتسولين الذين يمتهنون التسوّل للتكسب وجمع الأموال مستغلين تعاطف الناس معهم بالتواصل مع الوزارة من خلال الخط الساخن في العاصمة وخارجها عبر هاتف رقم (٠٧٩٨٥١٨٢٧٤).

 

ما الحد الفاصل بين عمل الأطفال والتسول؟

توضح المهندسة هيفاء البشير – وزارة العمل الفروقات بين عمل وتسول الأطفال لقولها “عمل الأطفال يحكمه قانون العمل ويجب أن تتوفر فيه ثلاثة شروط وهي الأجر، التبعية والاشراف، بمعنى يوجد صاحب عمل يُعطي أجر ويتبعه العامل في هذه الحالة وهو “الطفل” ويشرف عليه صاحب العمل وإذا لم تتوفر هذه الشروط الثلاثة في مفهوم العمل فهو لا يُعتبر عمل وهذا بحسب ما ورد في القانون؛. بينما التسول فلا يوجد صاحب عمل ولا يوجد مكان للعمل محدد، والشارع لا يُعتبر مكان عمل، لذلك هناك فرق شاسع بين عمل الأطفال والتسول” مضيفة “يمكن أن يكون التسول هو من أسوأ أشكال عمل الأطفال، فهو كمفهوم عمل لا يعني الأجر، ولكن يعني احتمالية تواجد جهات منظمة خفية تدعمه”.

هل سيرى قانون حقوق الطفل النور؟

المحامية نور الإمام تُعرب عن أملها في صدور قانون حقوق الطفل عن مجلس النواب الأردني وهذا الأمر له أهمية بالغة بحيث يكون هناك حماية حقيقية للأطفال سواء في سوق العمل أو في أي شكل من أشكال العمالة أو حقوقهم بشكل عام” وتشدد الإمام فيما يتعلق بالتوصيات الواجب العمل عليها في هذا الملف، إذ تقول “التوصيات طبعا دائما لها علاقة في الرقابة على سوق العمل وفي تشديد التفتيش على كافة المنشآت التي تُشغل من هم أقل من السن القانوني منعا لانتهاك القانون”.

كريم .. آية .. علي وأحمد وغيرهم الكثير من الأطفال في الأردن لم تسمح لهم الظروف للعيش بكرامة والحصول على حقوقهم كالتعليم وغيره، فهل تلتفت لهم الجهات المعنية سواء الحكومية أو الخاصة أو منظمات المجتمع المدني بشكل أكبر لنقل التشريعات والاتفاقيات من حيز الأدراج والورق لتصبح مطبقة على أرض الواقع؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى