احداث اقتصاديةاقتصادالاخبار الرئيسية
أخر الأخبار

فرص ضائعة على الاقتصاد الاردني .. “التفتيش المسبق على البضائع” ضرورة لرفع حجم الصادرات وتحسين نوعية المستوردات

ربما يقول قائل ان اجراءات مؤسسة المواصفات والمقاييس وغيرها من الدوائر الرقابية ذات الصلة ، ظلت على الدوام صمام امان لضمان مأمونية البضائع المستوردة للسوق الاردني وحماية مصلحة وصحة المواطن والمستهلك ، وهذا واقع وحقيقة لا مجال لتأوليها.

الا ان التحولات الاقتصادية حول العالم وادوات الرقابة على البضائع المستوردة والمصدرة قد أبرزت تطورات لم يعد بالامكان القفز عنها او الالتفات عن السعي لوضعها حيز التنفيذ.

وفي سياق الحديث عن مؤشر سهولة الاعمال ، التي تسعى الاقتصادات في جميع أنحاء العالم الى تحقيقه ، لخلق بيئة مواتية لنمو الأعمال التجارية وتطويرها.

حيث يُعد مؤشر سهولة ممارسة الأعمال من المقاييس الرئيسية لتقييم الأجواء الصديقة للأعمال في بلد ما.

كما يوفر هذا المؤشر رؤى مهمة حول الأطر التنظيمية والإدارية التي تؤثر على رواد الأعمال والمستثمرين ، ما يترجم أهمية مؤشر سهولة ممارسة الأعمال ومكوناته والآثار التي يعكسها على البلدان التي تهدف إلى جذب الاستثمار.

وانطلاقا مما سبق فإن الاردن ربما سمح بفقدان فرص اقتصادية سانحة لتوسيع حجم تجارته الخارجية وزيادة صادراته ومستورداته ، بعدم التقدم خطوة للامام في موضوع تطبيق الية “التفتيش المسبق على البضائع” التي تقوم به شركات عالمية حازت على ثقة دول عديدة في العالم ، وحققت تلك الدول معدلات نمو في صادراتها ومستودراتها بنسب لا يستهان بها.

بالنظر الى حرص الدول المصدرة والمستوردة للسلع على تسهيل اجراءات التصدير والاستيراد وفق اسس صارمة تنفذها الشركات المخولة بتقديم خدمة التفتيش المسبق على البضائع في بلد المنشأ ومنح شهادة المطابقة.

وقد برزت نتائج ايجابية كبيرة على البلدان التي تعتمد “التفتيش المسبق على البضائع” على صعيد زيادة الكميات المصدرة والمستوردة والثقة بالبضائع المصدرة والمستوردة التي تمر عبر هذه الالية وحصولها على شهادة المطابقة ، وبالتالي تحسين موقع الدول التي تستخدم هذه الالية على سلم الترتيب العالمي.

وفق ذلك فإن الاردن مطلوب منه اللحاق بالركب الاقتصادي العالمي في هذا المحور لتعزيز صادراته ونمو حجمها بالشكل الذي ينعكس على الناتج القومي الاجمالي ، وزيادة فرص المصانع والشركات الاردنية في منافسة الاسواق الخارجية ورفع حصتها تبعا لهذا المعيار.

حيث ان ذلك سوف يكون له مردود اقتصادي كبير على الشركات والمصانع في تخفيض كلف التشغيل المترتبة على كلف الفحص والمعاينة واجور ارضيات في الموانئ للبضائع التي لا يتم اخراجها الا بعد انتهاء الفحوصات والمعاينة ، والتي قد تمتد لفترات طويلة وكذلك تكدس البضائع في ساحات الميناء ، وربما تخضع تلك البضائع لقرار الاعادة ومنع الادخال ، بما يزيد من الكلف على المستورد والمصدر والتأثير على قدرة الصناعات الاردنية على منافسة الاسواق المجاورة والصناعات الشبيهه في العالم.

وفي سياق التزام الاردن بتعزيز التجارة الخارجية وانسياب السلع المستوردة والمصدرة ، والغاء اية تعقيدات بيروقراطية لا يمكن تفسيرها ، ومدى انعكاسها السلبي على الاقتصاد الاردني ، يجب السير في اجراءات ترخيص خدمات الفحص والتفتيش المسبق على البضائع الواردة والمصدرة ، لزيادة تنافسية الاردن اقليميا ودوليا.

وهو الامر الذي يتقاطع  وينسجم مع رؤية التحديث الاقتصادي للمملكة وتنفيذ الرؤية الملكية بتعزيز موقع الاردن على خارطة الصادرات نحو العالم.

ويرى كثيرون ان ذلك لا يتعارض مع مسؤوليات مؤسسة المواصفات والمقاييس والمؤسسات الرقابية الاخرى مثل مؤسسة الغذاء والدواء ودائرة الجمارك ، بل يعزز من دورها ويسهل اجراءاتها ، ولا يمنعها من القيام بواجباتها في مراقبة المستوردات والصادرات وانطباق الشروط والمواصفات الفنية عليها.

حيث ان الشركات المكلفة بالتفتيش المسبق على البضائع للدول ، تستعين بالمواصفة الخاصة بالبلد المصدر اليه البضائع وتصدر شهادة المطابقة وفقا لمواصفة البلد المستورد ، ووفق ذلك فإن المواصفة الاردنية ستكون الاساس في عملية التفتيش المسبق على البضائع الواردة للاردن ومنحها شهادة المطابقة.

كما ان هناك مردود مالي للحكومة الاردنية من خلال الرسوم التي تحصل عليها شركات التفتيش المسبق حيث تخصص نسبة معينة من العائدات المالية لحكومة البلد التي يتم التفتيش على البضائع الواردة اليها.

والاهم من كل ذلك هو اختصار الوقت والجهد وتخفيض الكلف على المستورد وبالتالي انعكاس ذلك على سعر السلعة النهائي.

وذلك لكون الشركات التي تقدم خدمة التفتيش المسبق على البضائع هي في حقيقة الامر شركات عالمية عملاقة تلتزم بقواعد فنية صارمة في تقييم وفحص البضائع المستوردة والمصدرة ، وحائزة على شهادات اعتماد من كبرى المؤسسات العالمية سواء في امريكا واوروبا واسيا ، جعلت العديد من الدول حول العالم تعتمد نتائج فحصها للبضائع ، وانعكس ذلك على مؤشر تلك الدول في مجال زيادة صادراتها من مختلف البضائع والسلع وثقة المستوردين وفقا لهذه الآلية.

والغريب في الموضوع ان الدراسات حول استخدام هذه الالية في الاردن قد تم الانتهاء منها والاقتناع بجدواها واهميتها للاقتصاد الاردني ونماءه وتطوره ، منذ فترة طويلة.

ولكن بقيت حبيسة الادراج والعقل الاداري البروقراطي ، بالرغم من مطالبات متعددة ومتكررة من غرف الصناعة والتجارة في الاردن للمضي في تطبيق آلية التفتيش المسبق على البضائع ، لا سيما مع اعتماد هذه الالية من عدة بلدان في الجوار كالعراق والسعودية والسودان وغيرها في الاقليم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى